الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٣ صباحاً

لعنة الديمقراطية على الشعوب العربية

صالح احمد كعوات
السبت ، ٠٩ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٣:١٦ مساءً

في 26 ديسمبر 1991 فازت جبهة الإنقاذ الجزائرية بأغلبية ساحقة وصلت إلى 82% بـ 188 مقعد من أصل 231 مما دفع بحكومة الشاذلي بن جديد الزج بقيادات الجبهة في السجون وصودرت حقوق الناخبين الجزائريين،وتفاجأ الشعب الجزائري والعالم في المرحلة الثانية بنتائج مغايرة كما لو أن شعبا آخر جديد ولد ومات شعب الجزائر الأصلي، قلنا لعل ذلك بسبب تصريحات عباسي مدني احد زعماء الجبهة،مع أن تلك التصريحات لا تبرر مصادرة حق شعب بأكمله، خاصة ونحن نلاحظ أن الدعاية المساعدة لفوز رئيس الولايات المتحدة هو حجم ما تلقي الطائرات بدون طيار من صواريخ لقتل مشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة (محاربة الإرهاب)بدون دليل ولا محاكمة ، وان الدعاية المرجحة لرئيس دولة إسرائيل هي التعهد ببناء دولة يهودية دينية عنصرية ومصادرة حق شعب بأكمله في العيش على أرضه، ولم نجد من ينكر ذلك، واليوم ونحن نشاهد ما يجري في مصر وتونس من تآمر واضح على الديمقراطية وانقلاب مؤسف على نتائجها ظهرت الصورة واضحة وجليّة بأن الديمقراطية مقدسة إلا حين تأتي بالتيار الإسلامي فإنها تنقلب لعنة على الشعوب ونقمة، وما نشهده من أعمال تخريب وعنف وحملات إعلامية رسالة واضحة للشعوب العربية أنكم مخيرون بين المرِّ والحنظل إما الديكتاتورية والاستبداد أو أحزاب عميلة تستقي مناهجها وتوجهاتها من مصادر بعيدة كل البعد عن هويتكم وتطلعاتكم وجذوركم التاريخية، وعليكم أن تقبلوا باستيراد كل شيء حتى الموت بالطائرات بدون طيار، وحتى تنجحوا وتتجاوزوا المحنة عليكم أن تقصوا علماءكم وتنسوا هويتكم.
وفي الوقت الذي تحكم فيه الأحزاب الفائزة في دول العالم بدون أن تجبر على إشراك أي حزب أو قوّة معها تنازل الإسلاميين عن جزء مما هو حق لهم بحكم الديمقراطية، حيث أشركوا معهم قوى وأحزاب لم يحالفها الحظ بالفوز حتى بنسبة قريبة مما حصل عليها الإسلاميون، مع ذلك حيكت لهم المؤامرات،واتهموا بالاستبداد وأصبحنا نشهد ثورات مضادة لما أنتجته الثورات الشعبية، يمارس التشويه والقتل وحرق المقرات والفوضى بهدف إحراج الإسلاميين ووضعهم في موقف الفاشل وتصويرهم بالعاجزعن تحقيق تطلعات الشعوب، في حين أنهم هم من يقف حجر عثرة أمام أي انجاز كما في مصر وتونس بالإضافة إلى قصَرِ المدة التي تولوا فيها مقاليد الأمور، وأما في اليمن لم ينتظر هؤلاء حتى الانتخابات القادمة فهم يقومون بحرب استباقية ويمارسون ضريبة الدفع المسبق -إن صحة العبارة- ولسان حالهم يقول الإسلاميون من سيفوز ومن سيكسب الرهان وعلينا محاربتهم والوقوف أمامهم وتشويه سمعتهم، وأصبحنا نشهد حربا ضروسا وبتهمٍ واهية لا صلة للإصلاح بها لا من قريب ولا من بعيد كالفشل في الحكومة مثلا مع أن الإصلاح لا يمثله سوا ثلاثة وزراء فقط ، والغريب ما نلاحظه من التحالف والدعم مع أعداء الديمقراطية من مستبدين وإماميين واقصائيين وذلك يدل دلالة قاطعة على انه لا تهمهم الديمقراطية بقدر ما هي المصالح الخاصة،وإلا كيف نفسر منح الحوثيين خمسة وثلاثون مقعد ونحن نعرف حجم الممارسات والانتهاكات التي يقومون بها.
وفي الحقيقة أن الإسلاميين لم يصلوا إلى الحكم إلا لقربهم من شعوبهم ولتقديمهم نماذج من النجاح والنزاهة ونظافة اليد والعمل من اجل مشروع نهضوي شامل يخدم الشعوب لا النخب ولهذا اختارتهم الشعوب وعلى الجميع التسليم بالواقع الجديد.