الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٠ مساءً

الحقيقة المرة..

خالد الصرابي
الثلاثاء ، ١٢ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٢٠ مساءً

قبل ايام احتفلت دولة الامارات العربية بعيدها الوطني الذي تنعم اليوم من خيراته ,وقد يعتقد البعض نظرا للمكانة العالمية التي أصبحت هذه الدولة تحتلها ان يصل اميرها الى موقع الحفل الكبير بطائرة خاصة او حتى بموكب لايحصى من افخم السيارات واغلاها ثمنا في العالم .لكن الواقع كان عكس ذلك تماما فقد ترجل على قدميه حتى وصل المكان ,والاجمل في ذلك كله هو مرافقة الشعب بجانبه وخلفه كما ساد المكان هدوء تام بعيدا عن ضجة سيارات الشرطة بأصواتها المزعجة وحالة الارباك التي يشكلها جموع المرافقين .هذه هي دولة الامارات المتحولة من صحراء الى ناطحات سحاب خلال فترة زمنية اقل من خمسينيتنا السبتمبرية ليس لأنها لم تدخل ضمن عالم الثورات بل كانت هناك ثورة ولكن ضد النفس .ثورة انبثقت من وسط اكوام التراب الصحراوي المعدم ,وما يحدث في بلادنا هو عكس لذلك تماما ..! جبال حباها الله بالخضرة والجمال , مدرجات زراعية وتربة من ذهب , تاريخ وحضارة ,وفنون معمارية وإنسانية نحولها الى حطاما متناثر هل تعرفوا لماذا!!لأننا كورثة عابثين بمال لم يشعروا بلحظة واحدة من زمن العناء في تكوينه . انها حقيقة من المأسي لم نعد ندرك اين يكمن خللها هل الشعب ام حكامه؟! لم تكن ثورة 26سبتمبر ضد مستعمر خارجي بل ضد نظام بعينه بمعنى لو كانت قد نجحت وعملت السلطات المتداولة على تحقيق اهدافها قولا وفعلا لما تطلب الواقع منا لثورة انظمة كل نصف قرن .فبعد قيامها أي سبتمبر الخالدة وبسنوات اصبحت دولة الامارات اللهم لاحسد تنافس دول أوروبا في شتى المجالات في الوقت الذي مازلنا نهتف فيه – ثورة ثورة- ومن يدري ربما نستمر عليها الى مالا نهاية !!وهو بلاشك عجزا صريح ولجوء مدمر يستهوينا فيها التاريخ البطولي وانغام الاناشيد الحماسية متجاهلين الثورة الحقيقية ..ثورة البناء والنهضة الاقتصادية التي يتأسس قبلها المنشئ العلمي والثقافي والوطنية المخلصة . قد لا الوم شعب الثورة بقدر ما يوجه اللوم بدرجة رئيسية الى المتسبب الحقيقي لها سوا كان الحاكم او عناصر نظامه ليس فقط لانتهاجهم اساليب القمع والظلم المستبد ضد شعوبهم بل لممارستهم سياسة الراية الثورية المغروسة في افكار شعوبهم لتحتل الجزء الأ كبر من ثقافتهم ,وهو نهج يتوافق مع نظرية التقوقع "انظر الى الاسفل حتى تشعر بوجود من هو اسوء منك"وهكذا ضلت حياتنا عبارة عن – فلاش باك- نستعرض فيها مأسي الماضي وما عانوه في تلك العصور , وكل تلك التكهنات حتى لانتطلع الى المواكبة . وكأن الماضي تجربه مريرة علينا الاستفادة من سلبياته فقط كون ما فيه من ايجابيات قد حجبت عنا .مارسوا ضدنا كل انواع المقت والتذمر بالصوت والصورة لم يسبق ان قارنونا بإحدى الدول التي تسير بطرق واساليب صحيحة نحوا النموا والبناء الحقيقي بل ظلت أوجه الشبه والمقارنة بماضينا المقترن بزمن بساطة العالم بأسره . في زمنهم لم توجد اعداد مدارسنا اليوم لكنهم تعلموا افضل منا ولو عرفوا بأننا سنتعلم في الألفية الثالثة – قال احمد قالت اروى – لدفنونا ضمن حضارتهم . في العالم الاخر تكرس نظريات التصنيع في مناهج اجيالهم الدراسية فلما الغرابة إزاء ثوراتهم الصناعية كنتاج فكري تم غرسه منذ نعومة ألأظافر . فما الذي كنا نتوقع من جيل مشبع روحا وجسدا بأنغام ثورة مضى عليها نصف قرن .ما الذي ميزنا عن ذلك الجيل سوى التعددية السياسية التي لم نجني منها سوى الوان التناحر المتعددة!!في الحقيقة لقد سئمنا شعارات تغرد في علوا شاهق اكبر وابلغ من واقعنا القابع في اسفل هواجسنا وخلف أقنعت المتشدقين بأسم الولاء الوطني ممن انقطعت سبل العيش فيهم عجزا فتسارعوا بصراعهم كالذئاب الشاردة من الم الجوع لينهشوا في جسد وطنهم بقلوب تخلو من رحمة الله ومن القناعة ذلك الكنز الثمين المتحلي بها كل حليم ....