الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٠ صباحاً

القاعدة في صعدة

مصطفى حسان
الاربعاء ، ١٣ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٢٨ صباحاً
لا يكاد يمر يوم دون دوي لصوت الرصاص، أو فاجعة بقتيل أو جريح، ولا تمر ساعة دون حدوث سلسلة من الجرائم ضد الإنسانية من اعتقال تعسفي وتشريد ومصادرة للحقوق والممتلكات بدون وجه حق سوى أن هؤلاء الضحايا يرفضون زكاة الخمس ومبدأ العمالة وبحجة مفادها أن أنسابهم تنحدر من أصول أمريكية الأب وإسرائيلية الأم.
من أجل الخلاص من هذا العار تتوزع جماعات الموت ومافيا التشريد على نواحي صعدة وتتنقل بين جبال مران ورازح وتنشر أجندتها في عاهم وغيرها من المناطق المجاورة تحاول بسط نفوذها باستخدام قوة السلاح والتهديد والوعيد ليبقى سكان هذه المناطق بين أمرين، إما الخضوع والإيمان بمبدأ الإمامة وأحقية السيد بالحكم وإقرار غيره بالعبودية، أو الخيار الثاني، الذي لا يقل مرارة من الأول مفاده أن عليهم تجميع ما خف وزنه والإعداد من أجل النزوح والفرار بعقيدتهم والنجاة بالنفس من هول الإجرام الذي تمارسه جماعة "ما علمت لكم من إمامٍ غيري!"، وإذا توصلت هذه الجماعة إلى حلول عقيمة لإجبارهم على تنفيذ الأمرين السابقين لجأت حسب اعتقادها إلى التقرب إلى الله والإمام عليه السلام بتنفيذ حكم الإعدام، ومن ثم التنكيل بهم ليكونوا عبرة لغيرهم، ويسطروا بطولات القضاء على إسرائيل وأمريكا!.
إلى الآن نحن متفقون على أن مثل هذه الأساليب تعد أبشع أنواع الإرهاب، ومن يمارسها يدخل تحت لافتة العنف وترويع الآمنين.
ما يفصل بين أن يكون هذا إرهاباً وما يمارسه إرهابيون بدرجة خطيرة هو فقط مصطلح واحد لا غيره، فلو كان المصطلح القائم بهذه الأعمال هو "القاعدة"، لرأيت الدنيا تقوم ولا تقعد، وربما أتى وزير الدفاع الأمريكي ليخوض المعركة ويشرف عليها بنفسه، ولرأيت أمريكا تستدعي مختلف طائراتها بدون طيار لتخترق السيادة الوطنية وتركز نشاطاتها بكثرة، ولشاهدتها تحوم بكثافة في جبال صعدة والذي قد تضحي بالأبرياء لمجرد وجود مشتبه به.
وربما تحركت أسراب من الجنود وأعداد من الألوية إلى صعدة من أجل القضاء على فوضى القتل والإرهاب والنهب والتشريد الحاصل في صعدة والجوف وحجة.
بينما لو كان المصطلح القائم بهذه الجرائم هو جماعة الحوثي فإن غض الطرف في هذه الحالة واجب على مذهب الدولة الحديثة وبإسناد صحيح من مجلس الأمن. مستندين – فيما يبدو - على قول احدهم: "فغض الطرف إنك من نمير!" و"أغضُّ طرفي إن ظهر لي سيدي!".
ما يثير القلق لدى المواطن هو كيف يتم حساب المعادلة لدى الدولة وما هو التعريف الصحيح لمصطلح الإرهاب لدى صناع القرار، هذا بحد ذاته تساؤل يصيبك بالخيبة والشعور بالمهزلة التي نعيشها والارتماء المفرط بأحضان الغرب والارتهان إليه بجميع قراراتنا السياسية. فالصحيح ما أقرّه السفير، والخطأ ما خطأه حتى على مستوى من يحق له أن يشارك بالحوار الوطني ومن لا يحق له ذلك، واستبعاد هيئة علماء اليمن أكبر مثال على صحة الوصاية، بل أصبح الفيتو الأمريكي يلاحقنا حتى على مستوى شؤوننا الداخلية.
مسيرات وتظاهرات يقيمها أبناء صعدة في محاولة لإيصال أصواتهم الممتلئة بالخوف والوعيد من قبل السيد المراهق وجماعته، لكن يبدو أن الدولة خارج نطاق التغطية أو أن الرقم مشغول في مكالمة أخرى ويجب عليهم الانتظار.
جماعة "الموز لأمريكا والرز لإسرائيل!" تمارس العنف والإرهاب بشتى أنواعه من إقامة للحواجز ونقاط التفتيش وتهجير الأسر واستبعاد الطلاب والمدرسين وإحلال غيرهم ممن يخلصون ولائهم للسيد. تمارس هذه المهام وكأنها دولة، ولكنها في طور الإنشاء، حتى أنهم في الأيام الماضية يصرحون أنهم قبضوا على جماعة وفي حوزتها أسلحة متوجهة إلى صعدة. بالله عليكم من يمارس هذا الدور! أليس هذا من مهام الدولة؟ أم أن صعدة أصبحت دولة داخل دولة؟! وهل حلال عليهم استيراد أطنان من الأسلحة التي تدمر وطن بأكمله بينما حرام على غيرهم الدخول إلى صعدة بمسدس؟!.
المواطنون في صعدة يستنجدون ولسان حالهم أعيدوا إلينا صعدة قبل أن يعلن الحوثي الاستقلال ويرفع علم الإمام الغائب وبعدها نضطر إلى حمل جواز السفر إذا ما أراد أحدنا الذهاب إلى موطنه أو زيارة أقاربه.
فمتى تفقه حكومتنا وتنأى بنفسها عن ممارسة النفاق السياسي، والكيل بمكيالين، فسواء ما تقوم به "القاعدة" وجماعة الحوثي هو عنف مرفوض وإرهاب تمقته الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية.
يجب أن تنظر الدولة والمجتمع الدولي بمنظار واحد إلى القضيتين، بل ما تقوم به جماعة الحوثي هو أشد وأبشع مما تقوم به "القاعدة"، ونحن لا نبرئ ما تقوم به "القاعدة" بقدر ما نجرم جماعة الحوثي وما تمارس من عنف وإرهاب.
ما يحلم به المواطن البسيط هو أن تعود الدولة لتبسط نفوذها على كل المناطق اليمنية، وهذا ما يطالب به الجميع، أن يتحقق الأمن والاستقرار على ربوع الوطن وأن يسود القانون على الجميع.