السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٣ صباحاً

متفائل بالحوار!

حبيب العزي
الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٥٠ صباحاً

مقال: مع تدشين أولى جلسات مؤتمر الحوار الوطني التي تبدأ اليوم في دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء، يتزايد الجدل بين أوساط اليمنيين حول الإجابة عن التساؤل الأهم الذي يشغل بال اليمنيين هذه الأيام ، والمتمحور حول إمكانية نجاح هذا الحوار في ظل الانقسامات الحادة والتباين الكبير في الرؤى بين شركاء الحوار أنفسهم، ثم ما تعانيه البلد من الفوضى الأمنية التي تُعد الهاجس المقلق لليمنيين، والذي قد يتسبب بشكل أو بآخر في إعاقة الحوار من أن يصل إلى أهدافه المرجوَّة، كما أن التعقيدات الحقيقية في ما بات يُعرف بـ "القضية الجنوبية" و"قضية صعدة" ، تمثلان التحدي الأبرز الذي يهدد مشروع الحوار الوطني برمته، أضف إلى ذلك التدخلات الخارجية من أطراف عديدة والتي تجعل المواطن اليمني يشعر بأنه بات فعلاً يُحكم بالوصاية الإقليمية والدولية وبشكل عملي، أكان عبر المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن 2014 و2051 ذائِعَي الصيت بشأن اليمن، أو بتدخلات إيران السافرة في شئون اليمن الداخلية كما بات واضحاً لليمنيين وللعالم أجمع.
ومع أن هناك قطاعاً لا يستهان به من اليمنيين يتشككون -أو لنقل يتخوفون- من إمكانية نجاح الحوار بسبب كل تلك التعقيدات والتحديات ،إلاَّ أنني شديد التفاؤل بنجاحه بل وأدعوا الجميع لمشاركتي هذا التفاؤل للأسباب التالية:
أولاً : لأنني استلهم هذا التفاؤل من المعنى الجميل والرائع للحديث القدسي، الذي يقول فيه ربنا جل وعلا: " أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء، فإن ظن بي خيراً فلهُ، وإن ظن بي شراً فلهُ"، ونحن "قطعاً" ظننا بالله خير، ولا نرى أي خير سيأتي لبلدنا بغير الحوار، لأن البديل عن الحوار لن يكون سوى الاقتتال والدمار، ولذلك فليكن ظننا بالله أنه هو الراعي الأول لهذا الحوار، وهو وحده من سَيكتُب له النجاح بإرادة اليمنيين أنفسهم وليس بإرادة غيرهم من بني البشر.
ثانياً : يقول وليام آرثر "المتشائم يلعن الرياح، والمتفائل يتوقع أن تكون سبباً في تغيير الحال الراكد، بينما الواقعي يضبط الشراع على وجهته"، وبحسب هذا القول لآرثر، فالمتشائم بالحوار هو إنسان سلبي ومسلوب الإرادة معاً، والمتفائل به وبنجاحه هو إنسان واقعي بالضرورة، ناهيك عن كونه صاحب همة عالية وإرادة قوية، لتحقيق الغايات والأهداف النبيلة التي كان من أجلها الحوار الذي هو نتاج لإرادة التغيير ابتداءً.
ثالثاً : أنا على يقين تام بأن هناك الكثير من القيادات الحزبية والقوى السياسية المخلصة في ولائها وحبها للوطن، حتى وإن اختلفنا معها في الرؤى لبعض القضايا الجزئية، لكننا نثق بوطنيتها وإخلاصها، كما نثق بأنها تملك من الحنكة والشجاعة وكذا من الحذق والدهاء السياسي، ما يجعلها قادرة على تفويت الفرصة وسحب البساط من تحت أقدام كل من يحاول أو سيحاول إفشال وعرقلة الحوار، وذلك من خلال ما عهدناه منها من التحلي بروح المسئولية والترفُّع عن الصغائر، والتضحية ببعض حقوقها السياسية لأجل الوطن، وهي فعلت ذلك سابقاً يوم تعاطت بإيجابية ومنذ اليوم الأول مع المبادرة الخليجية، الأمر الذي جنّب الوطن ويلات حرب ضروس كانت قاب قوسين أو أدنى لن يكون الخاسر فيها سوى الوطن بأكمله، كما فعلت عند تشكيل حكومة الوفاق، وعند التقاسم على مقاعد مؤتمر الحوار، وفي كل محطات المحاصصة السياسية رأيناها تقبل بمقاعد أقل بكثير من حجمها السياسي والجماهيري، كل ذلك بتقديري كان من باب سد الذرائع وقطع الطريق أمام المرجفين الذين لا يأبهون بالشعب أو الوطن، والغريب أن هذا الفصيل السياسي يواجه اليوم هجوماً شرساً وغير مسبوق من خصومه السياسيين، ولا أجد سبباً منطقياً لذلك سوى الحقد الأيديولوجي ليس إلاَّ، ولكن لا عجب في ذلك فالأمر ذاته حدث ولا يزال في مصر وتونس وباقي دول الربيع العربي، وحسبه قول إيليا أبو ماضي في إحدى روائعه:
قال: العِدا حَولي عَلتْ صَيحاتُهم ** أَأُسرُّ والأعداء حولي في الحمى!
قلتُ: ابتسم لم يطلبوك بِذَمِّهِم ** لو لمْ تكُنْ مِنهُم أجلَّ وأعظما!
وختام القول: "تفاءلوا بالخير تجدوه".. تفاءَل فلولا الشر لما كان هنالك خير .. تفاءَل فلولا المشاكل لما كان هنالك حل .. تفاءَل فلولا الفشل لما كان هنالك نجاح .. تفاءَل فلولا قسوة الواقع لما كانت هنالك زهرة أمل.