السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٨ صباحاً

مؤتمرٌ لإعادة الكرامة..!

د . محمد ناجي الدعيس
الخميس ، ٢١ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤١ صباحاً

لقد جاء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني اليمني كمطلب وطني وإقليمي ودولي لإخراج المجتمع اليمني والوطن من الحالة التي أوصلها الشركاء الفرقاء بصناعة اليمنيين أنفسهم وأسهمت قوى خارجية بأدوات مختلفة عن طريق تلك ألأياد اليمانية حتى أضاع الإنسان اليمني هويته وفقدت كرامته..
ولم نعد هنا بحاجة لذكر تلك المراحل ومسبباتها التي جاءت بهذا الواقع للوطن وإنسانه بقدر ما نحن بحاجة ماسة لتضميد الجراح والوقوف بصدق على تشخيص الحاضر برؤى مستنيرة ومستبصرة كأساس صلب للإنطلاق نحو آفاق المستقبل ومطالبه العصرية التي تجع لتضع لنفسها رقماً بين المجتمعات، ولا تفرق فتكون مثاراً للسخرية والهزل.. العصر الآن عصر التعايش للجميع ومع الجميع، عصر الأقوى للمعرفة وتقانتها لا عصر الأقوى بعضلات الجهل وتبعاته، عصر سعت فيه الدول المولدة للمعرفة وتقانتها إلى توحيد صفها وكلمتها في تكتلات مختلفة لمواجهة مطالب عصر العولمة ذي القرية الواحدة.. ونحن دولاً عربية أو إسلامية لا زلنا نعيش لنقتات مما لا نزرع ونلبس مما لا نصنع استهلكنا جهدنا وأضعنا وقتنا وبددنا ثرواتنا فيما لا طائل منه سوى ذاك المطلب الذي طلبه أبي سفيان من الرسول الكريم بعد فتح مكة المكرمة وقال الرسول مقولته الشهيرة " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " واختزلت الأوطان العربية وكل مطالبها في كراسي الحكم وكلاً يرى نفسه أنه هو خير الجميع والوصي الملهم، وما دونه فهو خائن وعميل ولا خير فيه..
برغم أن مؤتمر الحوار الوطني لم يندرج تحت مضلته إلا الغالب لكل من سعى ولهث للتسجيل فيه كعضو حوار دون علمه بصعوبة المهمة وأنها بحاجة إلى أعضاء يُعدّون صفوة الصفوة المجتمعية فكراً وسلوكاً الذين بحق مثلوا الأقلية بين أعضاء مؤتمر الحوار الوطني وأما الأغلبية فقد شاهدناهم أثناء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر على الكراسي نائمون أو يتحدث بعضهم للآخر أو ماضغون للبان..! فأي مصيبة أعظم من فكر أولئك لحمل ما أتوا من أجله بروح من أمانة المسؤولية؟!.. وعلى كلٍ أملنا من القلّة الموجودة في المؤتمر أن تؤدي دورها في تلاقح فكري وإكساب مهارة لسلوك الفضيلة التي فقدت بين الغالب من أفراد المجتمع اليمني.. وفي نتائج تنطلق من سطور الأوراق الختامية للمؤتمر إلى واقع ملموس يؤمن بها الجميع ويُسلّم كعقيدة..
إن الطموح كل الطموح من مؤتمرنا هذا هو انتصار قضية وطن لا سواها كي تعاد الكرامة المفقودة لجوهرها وهو الإنسان اليمني داخل وطنه قبل خارجه فهو أغلا ما يملكه الوطن، ليكون له حق الحياة بكل مطالبها كإنسان كرمه الله بنفخة الروح وبالخلافة للبناء لا للهدم، وعلّمه بأن العِلم هو مصدر القوة والنجاح لكل شيء، وأخبره أن الحوار هو أساس الحل لكل القضايا والحُجّة العلمية المُمنهجة هي الفيصل لنُصرة الحق، وأن الجهل مصدر الضعف والفشل لأي قضية من القضايا، ومنهجه العنف الذي لا يورث إلا العنف لنُصرة الباطل.. والواقع خير شاهد بما فعل الجهل بأوطانٍ وشعوبها وإن كانت عربية مسلمة، وما حقق العلم لأوطانٍ وشعوبها وإن كانت كافرة مُلحدة..!
الشباب رائد التغيير حالهم في عضوية مؤتمر الحوار الوطني النُّدرة تماماً كحالهم في التمثيل ببقية النظم حكومية كانت أم حزبية، وكم كان الفرد منّا يتمنى أن تسلم الراية الوطنية بنهاية المؤتمر من قِبل جيل الأمس جيل منتصف القرن الماضي من الألفية الثانية إلى جيل اليوم جيل الحاضر للألفية الثالثة من الشباب الذي يؤمن بكل المتغيرات ويعمل بها ومن أجلها لبناء نوعية الحياة التي يرغب بها وفق مقتضيات عصره الرقمي لا أن يقف في حدود عصر الأمس ويفرض على الآخر أن يعيش معه في ذلك العصر دون تغيير..!!
كلمة ممثل الأمم المتحدة السيد / جمال بن عمر فيها رد اعتبار لكرامة الإنسان اليمني ولمؤتمر الحوار ودلالاته الوطنية والإقليمية، إلا أن جزئية مهمة استوقفتني بخطابه بقوله " ..لا توجد أية وصفات جاهزة لحل القضايا المطروحة في المؤتمر .. بل أخضعها للخبرة حيث قال :" إننا سنضع خبراتنا تحت تصرفكم.." وهذا يعني أنه لم تصاغ نتائج محددة مسبقاً للمؤتمر وأن الأدوات تكمن في المعرفة وخبرة الحكيم.. وقد أحيت تلك الجزئية في خطابه الأمل لدى الكثير بأن المؤتمر لن يكون شكلياً كالقمم العربية التي تصاغ خطبة ختامها مسبقاً.. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه لنا جميعاً..