الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٤ صباحاً

لا تنتعلوا رؤوسنا !

د . أشرف الكبسي
الجمعة ، ٢٢ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٦ مساءً
لا تعود أسباب الصداع (الكوني) الذي نعيش ، لفيروس أصابنا أو مرض ألم بنا ، وإنما لمحاولات لا حصر لها ، يقوم بها الآخر -القريب والبعيد- (لانتعال) رؤوسنا ، وذلك باستلاب عقولنا وتطويع إراداتنا ، بعد النفاذ إليها من الفجوات المعرفية والفكرية ، وعبر الثقوب السوداء في جسد المعاناة الحياتية. والانتعال هنا هو الصورة الجامعة للاستغلال القائم على الإستحمار ، سياسياً ودينياً وثقافياً ومجتمعياً... وفي حين تقاوم بعض (الرؤوس) انتعالها كلياً أو جزئياً ، رافضة مظاهر التبعية العمياء ، والخضوع المذل لسفسطائية فرضت نفسها كأمر واقع ، يسعى البعض الآخر طواعية ، للعيش تحت كنفها ، رافعاً – دونما إدراك - شعار: أنا نعل إذا أنا موجود.!

كلما كان ظهرك أكثر انحناءً ، كلما كان امتطائه أسهل ، وكلما كان رأسك أكثر انخفاضاً كلما كان أكثر تعرضاً للانتعال من قبل الغير ، كما أن هناك حالات من انتعال الذات ، يخضع الفرد فيها كلياً لشهواته ، فتقوده وتحركه مخاوفه وأطماعه لا مبادئه وقناعاته. ولاشك أن العصبية – بكافة أنواعها وصورها – تمثل نموذجاً متقدماً لهذه الثقافة في حالاتها المختلفة ، وكلما كان الفرد أكثر تعصباً كلما اقترب أكثر من تجسيد (النعل) الملائم للسير المتطرف عليه ، ولمسافات بعيدة من الصراع والاقتتال العرقي والطائفي والمذهبي...

يكفي أن تشاهد أحد الساسة العرب يتحدث لدقائق ، حتى تدرك وبوضوح انتمائه لثقافة الانتعال (نعل أو منتعٍل أو كلاهما) ، ولما كانت تلك الثقافة هي ما كرسته الأنظمة العربية لعقود ، فقد تجلت مظاهرها وبدت آثارها بارزة في قطاف ربيع الثورات ، من خلال الانتعال الثوري الذي مارسته وما تزال بعض القوى للوصول إلى السلطة والحكم.

على الصعيد العالمي ، تسعى الولايات المتحدة اليوم لانتعال العالم بأسره ، عبر فرضها لمعادلة : :{إما أن تكون معنا (نعلاً) أو ضدنا} ، فعندما تقصف طائراتها بلداننا وتقتل بسياساتها الرعناء شعوبنا ، ثم تحدثنا دبلوماسيتها عن حقوق الإنسان والخطر الإيراني القادم ، فإنها حرفياً (تنتعل) مجتمعاتنا وحكوماتنا. هذا ويبدو واضحاً للعيان استخدامها لجمل مبتورة لغايات (انتعالية) بحته ، على غرار: حقوق الإنسان (الأمريكي) ، حرية الشعوب (في الخضوع) ، السلام العادل(لضمان أمن إسرائيل وتركيع خصومها)...

من الصعب على أي كان ، الاعتراف بحقيقة تعرضه (للانتعال) ، وهنا مكمن الخطر، فعدم الإدراك لا يعني عدم الحدوث ، كما أن الكبرياء كثيراً ما يحجب الحقيقة ، وقد يعيش المرء – دون أن يدرك - نعلاً ويموت نعلا.!

للفرقاء على طاولة الحوار الوطني ، نقول: تحاوروا كيف شئتم ، وقرروا عنا كيفما شئتم مصيرنا ، فقط لا تنتعلوا – بعد اليوم – رؤوسنا.