الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣١ مساءً

لماذا يُراد إفشال مؤتمر الحوار الوطني؟!

د. علي مهيوب العسلي
السبت ، ٢٣ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٥٣ صباحاً
لماذا يُراد إفشال مؤتمر الحوار الوطني؟!
كيف؟ من خلال التعقيدات التالية:
1. تشكيل اللجنة الفنية من قوى أثبت التاريخ أنها هي سبب الفشل في كل الأزمات السابقة ، ولم تنتج يوما حلا لمشكلة ما ! ؛ حتى مشكلة السجل الانتخابي لم يستطيعوا حلها.

2. أخذت هذه اللجنة الفنية أكثر من خمسة أشهر وهي تحصحص التمثيل وافتعلت مشاكل في أكثر من مرة مع شباب الساحات عندما أرادت أن تجمع شباب التحرير مع شباب التغيير.

3. بعض ممن عينوا في اللجنة الفنية عملوا على تصعيد أسماء من المكونات التي عملوها في ساحات الثورة.

4. الكثير من هؤلاء الذين عينوا في اللجنة الفنية بنوا لهم علاقات متميزة مع المنظمات الدولية ، وتحولوا من ثوار إلى تجار من خلال برامج تافهة سوقوها بحجة التدريب والتأهيل للشباب من أجل الانخراط في العملية السياسية ،وكان همهم دائما الأكبر هو جمع ما يستطيعون جَمعه من دولارات.

5. من أدار اللجنة الفنية هم الآن من يديروا مؤتمر الحوار الوطني ،وكونهم قد فشلوا في تحقيق أي شيء ذو قيمة من خلال عملهم السابق ،فإن المحصلة هو فشلهم في إدارة الحوار الوطني.

7. الخطيئة الكبرى للجنة الفنية عندما أقرت نسب التمثيل 50% للجنوب و يا ليتهم قالوا المحافظات الجنوبية و50 % لبقية المكونات على امتداد الارض اليمنية ،ثم عطلوا هذه النسبة بالنظام الداخلي للحوار الوطني عندما أقروا فيه ان تحسم المواضيع بالتصويت على أن تكون نسبتة 90% وهنا مكمن الفشل لما يُتوقع من مخرجات للحوار الوطني.

8. خصص للأخ الرئيس عددا من المقاعد بلغت في حدود 62مقعد أو تزيد، بحجة اعطائهم لمن يريد من المكونات والشخصيات الاجتماعية غير الممثلة في الحوار الوطني ،وكانت الصدمة الكبرى عندما لم يخصص رئيس الجمهورية تلك المقاعد لذلك الغرض ،فاليهود الذين كانوا قد وعدوا بخمسة مقاعد ،لم يمنحوا ،والاكاديميين والشخصيات السياسية والاجتماعية لم تنل من حصة الرئيس رغم تفاخره بان اكثر من ثلثين من اعضاء الحوار الوطني يمتلكون مؤهلات عليا ،وعلى سبيل المثال كان يمكن ان يكون خالد سلمان رئيس تحرير الثوري سابقا ،والمناضل عبد الله سلام الحكيمي "أبو المخاليف اليمنية" الذي عوقب بسحب جوازه نتيجة لنشر هذا الرأي .. لكن الرئيس قد عمل على الزيادة من حجم بعض الاحزاب والمحسوبين عليها على حساب الهدف المخصص لذلك.

9. كانت الاحزاب السياسية تخطط لتقاسم حصص منظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب المستقل والمخصص لهم جميعا 120 مقعدا ،فتحايلت على بن عمر وفوضته في أن يقوم بتقسيم النسب وكانت تدرك أن المجتمع الدولي كثير الانشغال بمنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب ،وبالفعل خصص لتلك المكونات 120 مقاعدا لكل فئة 40 مقعدا ، وهي نسب غير مقبولة باعتبار ان هذه المكونات هي الاقدر على حل جميع المشكلات كونها لم تجرب من قبل ،ويعنيها الحاضر والمستقبل ،لكن الاحزاب عملت بكل قوة لأن تكون تلك المقاعد من نصيبها بطريقة أو بأخرى! ؛ فحزب المؤتمر الشعبي العام قد جرّف الحياة السياسية طيلة الفترة الماضية ورسّم مؤسسات المجتمع المدني وبالتالي كان واثقا من أن نسبة لا بأس بها ستكون من نصيبه ،بينما احزاب المشترك راهنت على نسب الشباب والمرأة وكان لها ما أرادت إلى حد كبير وصُودر الشباب الثوري المستقل من التمثيل مع كل أسف.

10. كان المفترض على اللجنة الفنية أن تعد اجراءات وآليات الحوار ليقدم إلى أول جلسة من جلسات الحوار العامة لإقرارها ،لكنها فوضت نفسها بما لم يفوضها به الذين سيتحاورون ،فقامت ببعض الاجراءات على سبيل المثال إعداد النظام الداخلي ورفعه الى الرئيس لإقراره بعيد عن المؤتمرين الذين لهم الحق في الإقرار، وفي هذا النظام اقتراح رئاسة المؤتمر والذي هو من صلب اختصاص مؤتمر الحوار الوطني ، وكذلك النواب للرئيس ،وحق الاحزاب بالتبديل والاشتراك بالأسماء في فرق العمل ، وكثير من التعدِّيات التي هي من اختصاص مؤتمر الحوار الوطني.

11. أصدر قراراً بأسماء الحوار الوطني من قبل الرئيس ، ولذي أبقى على قوائم الاحزاب ولم يتدخل رئيس الجمهورية بحصة واسماء الاحزاب والتي من بين اسمائها شخصيات شاركت، أو تواطئت ،أو حرضت على قتل الشباب في الساحات والمسيرات الثورية في الفترة الماضية ،لكن كانت هناك تدخلات واضحة من الرئيس والامانة العامة للحوار الوطني فيما يخص الشباب الثوري المستقل واستبعد العديد من الثائرين والذين تقدموا بحسب الاستمارات المعدة لهم من قبل اللجنة الفنية.

12. تمت الدعوة لانعقاد الحوار الوطني في يوم 18 مارس المصادف لمجزرة جمعة الكرامة والذي سبب لغطاً كبيراً لم يفسر حتى كتابة هذا المقال ،رافق كل ذلك اجراءات أمنية غير مسبوقة عطلت مصالح الناس ،وكان مكان الانعقاد لافتتاحي في دار الرئاسة الذي كان غرفة عمليات لقتل الشباب في الساحات ،وكذلك ما ظهر جلياً من إرباكات وكأن هذا المؤتمر جاء على عجل من أمره ،ولم يأخذ الوقت الكافي للتحضير ،تجلى في أبهى صوره من خلال شكاوي الصحفيين وبطائق المشاركات وعدم توزيع وثائق مهمة تتعلق بالمؤتمر ،ولم تكن هناك شفافية في مسائل مهمة على سبيل المثال المكافئات المالية التي سيستلمها عضو الحوار الوطني ، حيث سربت أرقام فلكية لم نتأكد بعد من مصداقيتها حتى هذه اللحظة، وايضاً أُخر افتتاح المؤتمر لفترة للانتظار للأخ الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي مما اضطر رئاسة المؤتمر بإعطاء الاذن لإلقاء كلمته من قبل شخص أخر ،ثم أتى بعيد دقائق من ذلك ،وطلب منه إلقاء كلمة أخرى اظنها أفضل بكثير من كلمته المكتوبة .

12. قاطع حديث الرئيس عند فتتاحه المؤتمر أحد أعضاء الحوار الوطني بنقطة نظام ،كان غرضها الاعتراض على حضور ممثلي سفراء الدول الراعية للمؤتمر وبخاصة السفير الامريكي ،وهو ما جعل الرئيس يرد عليه بانفعال وبلهجة قوية لا تليق بمؤتمر حوار وطني .

13. في اليوم التالي أنتقل اعضاء المؤتمر الى فندق خمسة نجوم ويقال أن العقد الذي وقعته الأمانة العامة للحوار الوطني بمبلغ كبير جدا وبالدولار ،وافتتح الرئيس أيضاً الجلسة بكلام لا يعير اهتمام كافي بالحاضرين فخاطبهم جميعا بان الحوار سيستمر بكم أو بدو نكم ،وطالب الجميع بان الفرصة التاريخية قد أتيحت لليمنين وان عليهم أن يتحاوروا ويخرجوا بمخرجات تنقل اليمن ،لكنه استدرك قائلا ما معناه اذا لم تتواصلوا فإن البديل قد أعدته الدول الأخرى ،هذه الصراحة تجعلنا في حيرة من أمرنا وأمر سيادتنا وقناعاتنا .

14. عدم حضور رئيس الوزراء في كل هذه الفعاليات تؤكد من أن هناك أمور لم يتفق عليها قد صارت ، ،رافقه تعليق الشيخ حميد مشاركته بحجة عدم التمثيل العادل للشباب، ثم الموقف الذي حيّر الجميع عندما القى الاستاذ محمد اليدومي كلمة التجمع اليمني للإصلاح والذي تنازل فيها عن مقعده لواحد من شباب الثورة يحددونه هم احتجاجا على عدم تمثيل الشباب.

15. القيت كلمات ما كان يجب أن تتم لو تم الخوض في مواضيع الحوار مباشرة ،لكن نتيجة لما قررته اللجنة الفنية في جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني بتحديد الجلسة العامة بأسبوعين وهي فترة في اعتقادي كبيرة جدا غرضها تشكيل الفرق التي ستعمل لمدة ثلاثة أشهر ،ثم يعاود مؤتمر الحوار الوطني بالانعقاد ولمدة شهر كجلسة عامة.

16. رافق انطلاق مؤتمر الحوار الوطني تدفق الاخبار عن اعتداءات من العربية السعودية وتوسعها لحوالي ثلاثة كيلومترات من أراضي الجمهورية اليمنية وهو أمر غير محمود ويعمل على إعاقة الحوار الوطني وخصوصا وان المبادرة قد تبنوها من أول وهلة ،فلماذا يحاولون تعكير مزاج المتحاورين ؟

خلاصة الكلام اذا أردنا ان ينجح الحوار فلا سبيل لذلك الا ان يبقى بوابة التمثيل مفتوحة كما أكد على ذلك السياسي المخضرم الدكتور ياسين سعيد نعما ،ولا يجوز اغلاق الباب ،وضرورة تمثيل الشباب بالعدد الكافي واشراكهم في رئاسة المؤتمر وترأس الفرق والبدء بطرح الافكار الكبرى لبناء الدولة المدنية الحديثة ،والاعتماد على المتحاورين دون املاء من خارجه ،والطلب من العربية السعودية ان تجعل المتحاورين يتحاورون دون اقلاقهم بابتلاع الأراضي والتوسع وطرد اليمنين ومكافئة الحوار الوطني بعدم جواز تملك اليمنين للعمل وممارسته في السعودية ،فهذه الامور تعقد الحوار وتستفز الشعب اليمني كون المبادرة بالأصل آتية منهم ! ؛ فلماذا يقلقون المتحاورين إن كانوا بحق يريدون الخير لليمنين !

وعلى الرئيس أن يبقى محايدا ولا يدير مؤتمر الحوار الوطني ،وأن لا يتدخل إلا فقط عندما يحتاجونه المتحاورين لحل مشكلة ما ،وعلى الرئيس أيضاً أن لا يتعالى على أعضاء مؤتمر الحوار الوطني ،وأن يتحاور هو لا أحد اً غيره مع من لهم مواقف من المشاركة والتعرف على الأسباب وعلاجها وتوضيح كل ما يجري للشعب اليمني عند ذلك فقط سينجح الحوار ،أما في هذه الآلية والاجراءات المتبعة والعقليات التي يدار بها الحوار ، فإن لحوار لا محالة فاشل والسبب في إفشاله ستتحمله كافة القوى في المنظومة السياسية التي وقعت على المبادرة الخليجية، ونحن نتمنى أن يبرز الدور الذي يميز اليمنيين بالحكمة ورجاحة العقل وإنتاج مشروع الدولة المدنية التي ستجعل ابنائنا من بعدنا تتباهي بأعضاء الحوار الوطني ،والتي تعني مقدرة اليمنين على تجاوز الصعاب عندما يريدون ذلك !؛ وقد فعلوا ذلك فعلا في عام 2013