الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٣ مساءً

موقف في ذاكرة الالم

خالد الصرابي
الثلاثاء ، ٢٦ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
بعمق اهات زمانية اوحتها نبرة صوته وهو يتحدث الينا ..اعتبرته كنزا انساني ورجل معاصر فقد عهود الذهب ليلعق المرارة في شهادة واقع مؤلم .

مازال يتمتع بصحة جيدة ربما للمارسته النشاط الجسماني في الارض الزراعية , وعن تاريخه ..هو جنديا كان منتسبا لمؤسسة الوطن الكبرى القوات المسلحة والامن مع فترة الترويج والترويض الفكري لانطلاقة العصر الذهبي وتحديدا خلال الفترة الرئاسية لشهيد الوطن ابراهيم الحمدي ..

لقد روى لنا الكثير عن تلك الحقبة وقد لااستطيع وصف الشعور المنتاب لحظة الاستماع اليه لكن مالم تمرره الذاكرة هو موقف لاشك فريد وينم عن جرأة لها صله شديدة بصيرورة الحياة المحيطة ببيئة تلك الحقبة حيث يقول :بينما كنا على متن سيارة في طريقنا الى مدينة المحويت صادف ان وجدنا سيارة اخرى نوع "حبه طربال" تقف بجانب الخط ,ولعلنا جميعا ندرك طبيعة الطرق وحركة السير في تلك الفترة أي ان قلة وجود السيارات يستدعي لفت الانتباه لسيارة متعثرة في خط طويل ,ويواصل:توقفنا بجانبها ونزلت كي اسئل صاحبها القابع في اصلاح الاطار ما اذا كان يحتاج لمساعدة.

في الحقيقة اندهشت وشعرت بغمرة فرح لمعرفتي بأنه الرئيس ابراهيم الحمدي رحمة الله تغشاه , ولانني رجل عسكري فقد اديت له التحية العسكرية وطلبت منه قيامي بعمله فرفض ثم اخبرته بانه رئيس دوله وبقاءه وحيدا قد يعرضه للخطر فأجابني بما لم استطع نسيانه طوال حياتي حيث قال" انا مواطن يمني كاي واحد من ابناء الشعب"..

لاشك بأن غزارة المعاني والدلالات التي يحملها مضمون هذا الموقف بلغية للغاية وقد لانخلص من تناولها , ولكن مانود الولوج اليه هو حجم الثقة التي كان يوليها لشعب ما تزال روائح البارود السبتمبري وتوالي الاحداث تفوح من فوهة "بنادقهم" بالاضافة الى قمة التواضع الذي كان يتحلى به ضمن جملة الاخلاق السامية الكامنة في وجدان القائد الانسان "ابراهيم الحمدي " الذي كان يسعى الى غرس ذلك السلوك كنهج يسير وفقه شعبنا واجياله المتعاقبة .

لم يذهب فكري الى هذا الموضوع المحفوض في حنايا الروح كسرا مكتوم لكنه من استوطنني لحظة شعوري بالعنجهية الساحقة للقيم الانسانية والكيان الوطني للمواطن اليمني في موقف استطرد معه معاني الالم ..

الزمان مع اذان المغرب ..المكان العاصمة جسر مذبح .. كان الموقف الذي نبش في ركام ذاكرة الالم ليكشف لنا عن احدى صور الاغتيال المعلن للحرية .

فبينما كانت حركة السير طبيعية كالمعتاد فجئة حل انتشار عسكري عنيف في حركته وتعامله مع المواطنين المارة بانواع السيارات وقد نتج توقيف حركة السير تماما بمكان يعج بالسيارات.

تصاعد الموقف وتبلد الجميع – ان امكن تصوير شعور تلك اللحظة فهو اقرب ببرهة زمن نتخيل الوطن خلالها تحت سيطرة مستعمر غاشم من حقيقته – بعد ان ساد المكان صمت يمتزجه توتر انساني ,وبعد خلوا خط الستين مذبح من السيارات ..

تمر سيارة على هيئة "طقم عسكري " لكنها تحمل لوحة نقل عام وعلى متنها اشخاص ملثمين ومدججين بالسلاح الخفيف والمتوسط حيث يصعب تمييزهم ما اذا كانوا جنود ام مواطنين كونهم يرتدون " جواكت عسكرية ومن تحتها " اثواب مدنية" وبمجرد وصوله منطقة تحت الجسر واذا بسيارتين نوع "صالون" موديل حديث يمران بسرعة خاطفة ليتبعها سيارات الجنود القاطعين للخط .

اعتلت عقبها اصوات حديث المواطنين فمنهم من يقول بانه شيخ احمر واخر يقول هو علي محسن ونحن نقول رحمة الله تغشاك يا ابراهيم الحمدي ..!!