الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٧ صباحاً

اليمن ...والثنائية المعقدة

إبراهيم القيسي
الاربعاء ، ٢٧ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠١:٥٥ صباحاً

تعيش اليمن في ثنائية متوازية تسير على خط واحد وفي اتجاهين متضادين يفصل بينهما مسافة وهمية تمثل المسافة التي تفصل بين إلكترونين في السحابة الذرية داخل جزيء المادة وهذه العملية الثنائية تعكس وضعا متأزما يتجسد في واقع تحيط به برودة سياسية تحيط بأخاديد مملوءة بصهير من مخاليط متنوعة من معادن متحفزة من متاهة بركان الأطماع الداخلية والخارجية .
ورغم هذه الخطورة التي تصور واقعا متفجرا من صواعق متعددة تتربص بأمن اليمن واستقراره فإن هناك عواملا أخرى تقف أمام هذا الخطر وتفرغه من طاقته المتفجرة بفعل التعقل الاضطراري المكبوح بلجام التعادل الماثل بين القوى السياسية في صورة تعطي المجال الكهرومغناطيسي قدرة متميزة في إعطاء كل فصيل مداره الاضطراري حيث لو فكر بالعدول والانحراف عن مساره فإن خطر الاحتراق وارد بنسبة عالية في التقدير الواقعي المعاش .
ولذا من الصعب التكهن بمستقبل اليمن إخفاقا ونجاحا لأن هناك عوامل معقدة تعمل في اتجاهات متعاكسة شرا وخيرا وتبذر حلولا شتى بعضها يرسو على بعض الاتجاهات والبعض يقلع عن واقع بعض الفرقاء طائرا في فضاء مملوء بغيوم من التقلبات السياسية الشائكة وتموج به اضطرابات هوجاء فوق مراكب ذات شعارات مختلفة تنتمي لارتهانات متعددة تسقي أتون الصراع بفائض من المواد شديدة الاشتعال ولولا التخوف من غرق السفينة وهدم المعبد على من فيه لكان الأمر في تمام الفظاعة انفجارا وتحريقا.
فعوامل الثنائية المتناسبة صعودا وهبوطا قد عملت على تكوين طقوس العافية والمرض والنجاح والفشل وبذرت جرثوم الداء وكونت عقار الدواء والعجيب أن هذه الثنائية قد تكونت في جنوب الجنوب وتجسدت في شمال الشمال وركبت صهوة الدولة وخاضت ثبج الحوار فهي تسير كفرسي رهان لا ندري من يفوز بقصبة السبق في طور التنافس المحموم بين قوى التغيير الثورية وحلفائها وقوى النظام السابق وحلفائه ومسألة الترجيح لا يمكن الجزم بها في ظل هذه الظروف الغامضة التي يكتنفها ضبابية الواقع وغبش المستقبل .
وفي ظل هذه الانعكاسات المتبادلة بروافد الأخذ والرد المتوازي على قاعدة الوطن المأزومة والمتكئة على وثيقة المبادرة الخليجية التي يرى فيها كل طرف لحظة التنوير للخروج من بوتقة العقدة الشائكة التي عملت ولازالت على تمويه القارئ وتحفيز عقل المشاهد في فترات زمنية متلاحقة حيث تتضاعف فيها العقد السردية نائية عن الحل وراغبة عن إيجاد لحظة التنوير المنتظرة .
وفي ظل التناغم القطري مع التواؤم الدولي تزيد المسألة ركودا وتعقيدا وتخرج من طور البساطة إلى التعقيد ويظل العقل المحلل يراوح في إطار مغلق بين المراوحة في المكان والانطلاق في الحدس الذي يتكئ على المجازفة المفتقرة لأبسط الأدلة والبراهين معتمدا على الاحتمالات والفرضيات المستندة على تكهنات ما سيقوم به الدور الدولي المتمثل في الإشراف على تنفيذ المبادرة الخليجية والتي تعتبر الوصفة السحرية التي يتشبث بها الطرفان ويفسر كل طرف نصوصها العائمة على ما تمليه عليه عاطفته ويخدم مصلحته وهذه النقطة تحمل عدة تساؤلات حول كيفية الاتفاق حول النصوص المختلف في تأويلها وهذا يجرنا إلى العودة إلى مهندسي المبادرة لإصدار مذكرات تفسيرية حول بعض النصوص المختلف في تطبيقها في مراحل التنفيذ وهذا معناه الارتكاس حول العودة لإرضاء الثنائية المتوازية وهو الأمر الذي يتولد منه أزمة جديدة تعمل على ارتداد عن التوافق وتعقيد في حل عقدة الانفراج والتنوير.
25/3/2013م