الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٣ صباحاً

الدكتور أبو يمن !

د . أشرف الكبسي
الاربعاء ، ٢٧ مارس ٢٠١٣ الساعة ١١:١٩ مساءً

بعد أن تلقيت دعوة للمشاركة في مؤتمر علمي بجامعة الملك سعود ، توجهت – متردداً - إلى سفارة المملكة بصنعاء للحصول على التأشيرة ، وذلك خشية الوقوف في طوابير (الاحتياج) الطويلة لطالبي العمل والعمالة ، وقد وجدت ترددي ذاك معللاً بالفعل عندما صرخ بوجهي عسكري (يمني) ، وبلهجة آمرة: قف في الطابور يا أبو يمن! فكرت في الانصراف ، والتخلي كلياً عن تلك المشاركة ، لكن وما أن ألقى موظف السفارة – والذي خرج إلينا مصادفة - نظرة سريعة على فحوى الدعوة ، حتى دعاني – بلباقة واحترام – للدخول ، لاستكمال الإجراءات اللازمة ، في أجواء لا تقل لباقة واحترام !

بعد استقبالي – وغيري من المشاركين – في المطار ، وبكل حفاوة وترحاب ، وجدت نفسي في جناح فاخر ، بأحد فنادق الرياض الراقية ، ذات الخمس نجوم ، حيث يقدم لي بسخاء – وبصورة مجانية – خدمات الضيافة الاستثنائية ، وعلى سطح المكتب ، وإلى جوار أدبيات المؤتمر ، وجدت قصاصة ورقية مكتوب عليها: أهلاً وسهلاً معالي الدكتور..!
في أروقة الجامعة ، وقاعات المؤتمر ، قابلني دوماً خطاب أكاديمي رفيع ، وتعامل سلوكي راق ومهذب ، حتى أن كبار أساتذتها ، وعمداء كلياتها – عدى عن طلابها - وفي تواضع – نفتقر إليه - كثيراً ما استبقوا حديثهم إلي، وخطابهم معي ، بكلمات: سيدي الدكتور !
شعرت حينها – ولأول مرة – بالامتنان لكوني باحث ، وباحترام الذات كوني أكاديمي ، الأمر الذي لم أعتده – وزملائي – يوماً ، فتلك الحفاوة ، وذاك التقدير ، يحظى به حصرياً – حيث أعيش - الوزراء وأصحاب المناصب والنفوذ ، لا العلماء وأهل البحوث !

خلافاً لما علق في ذهني منذ الصغر ، لم أواجه سوء التعامل الممكن أو الانتقاص المحتمل ، غادرت الرياض ممتناً – باعتزاز- لحسن الاستقبال وكرم الضيافة ، متسائلاً في صمت : متى سندرك أن مشكلاتنا تكمن فينا لا في الآخرين ، وأن احترامهم لنا – على الصعيد الرسمي والشعبي - رهن بتقديرنا لأنفسنا ، واحترامنا لذاتنا !