الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥١ مساءً

قصة مغترب"يمني" يتردى من جبل وأبوه يموت في الصحراء

إبراهيم القيسي
الأحد ، ٣١ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٨ صباحاً

خرج الولد عبد الفتاح محمد علي نور من قريته بني نور عزلة سواخ مديرية كعيدنة محافظة حجة في يوم من أيام 2004م تقريبا وحزم أمتعته متجها إلى المملكة العربية السعودية ولأنه مجهول فأمامه مخاطر جسيمة تبتدئ من خروجه من البيت وتنتهي بدخوله إلى السعودية وقد بذل جهده في التسلل المألوف بين مركز المشنق ومنطقة العارضة وقد لاقى في طريقه مخاوف يرتجف لها الفؤاد من وحوش الصحراء وثعابين القيعان وحيات الجحور وأعظم خطر يخافه هو رصاص جنود الحدود الذين قد تحجرت قلوبهم وانتزعت منها الرحمة فلا يخافون من الله فقد اعتادت أنفسهم على القتل وسفك الدماء فهم لا يميزون بين مسافر يريد البحث عن لقمة العيش وبين مهرب للمخدرات فمن استوقفوه فلم يمتثل للوقوف أطلقوا عليه الرصاص فأردوه قتيلا .
ومضى بطلنا بتصميمه مجتازا كل هذه المخاطر رغم صغر سنه وعندما وصل المملكة العربية السعودية بدأ مباشرة البحث عن عمل فاستقر به الحال عاملا في الرعي مع بعض رعاة الأغنام في المنطقة فاستمر في عمله فترة من الزمن يذهب إلى الصحراء ويعلو الجبال وفي يوم أسود من تلك الأيام وفي أثناء مزاولته الرعي في جبل من الجبال وفي لحظة جاء فيها الأجل يسقط عبد الفتاح من مكان مرتفع من الجبل إلى شعب الجبل فيتمزق جسده ويبقى أياما في ذلك المصير المجهول يتعفن جسده ولا يلقى له قريب ولا بعيد يبحث عنه فلا أم تبكيه ولا أب يؤويه ولا قبر يحويه ولا قرية تمشي في جنازته ولا يعلم به أحد إلا خالقه وتنقطع أخباره عن أمه وأبيه فترة من الزمن وبعدها يأتي نعيه بعد زمن بعيد من الوفاة فتكون الكارثة على أبيه وأمه فلم يحظوا بنظرة أخيرة منه أو على أقل تقدير يأخذون جنازته ويدفنوها لعل ذلك يخفف قليلا من المأساة .

وتمضي الأيام وتذهب السنون ويسلو الوالد موت مولده ويستعد للخروج للغربة بنفسه على رغم شيبته وكبر سنه وفي يوم من أيام 2009م سافر الوالد إلى المملكة العربية السعودية ولكن حظه في الحياة بدأ يتضاءل وذلك بإصابته في الطريق بإسهال شديد شل حركته وأضعف قوته فلا من مسعف ولا من مغيث فاستلقى تحت شجرة في البر بعد أن خارت قواه وكان هذا هو الاستلقاء الأخير وجاء ملك الموت وقبض روحه وهو في خط التسلل يريد البحث وراء لقمة العيش فمكثت جثته تحت الشجرة أياما طويلة حتى تحلل جسده كاملا وبعدها يحصل عليه البحث السعودي بعد فوات الأوان وبختام هذه القصة المأساوية التي جسد بطولتها المغترب المجهول محمد على نور وولده عبدالفتاح وهي قصة تحكي مأساة المغترب اليمني بكل أبعادها المأساوية ولد يموت مترديا من جبل في غربته فلا يجد من يبحث عن جثته ليدفنها ووالد يموت في الطريق بسبب المرض فلا يجد من يسعفه وبعد موته لايجد من يقبره فيتحلل جسده في العراء هذه قصة من مئات القصص التي تروي مأساة المغترب اليمني الذي فقد العزة والكرامة في وطنه فسعى للموت والذل والهوان في أرض الآخرين فأين الدولة التي ترعى مواطنيها وتوجد لهم فرص العمل داخل الوطن حتى يعيش الإنسان اليمني عيشة الكرامة معززا مكرما داخل وطنه في حياته ومماته .