الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٨ مساءً

المغترب اليمني.. معاناة لا تنتهي!

موسى العيزقي
الأحد ، ٣١ مارس ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٥٢ صباحاً


(1)
ما إن يفكر أحدنا بالاغتراب في إحدى دول الجوار لاسيما في الشقيقة الكبرى (السعودية) إلا وتفتح أمامه أبواب جهنم.. ويجد نفسه أمام جملة كبيرة من التحديات والصعوبات.. بدءً من جمع المال مقابل شراء الفيزا، مروراً بالإجراءات الروتينية المعقدة، وصولاً إلى المعاناة الحقيقية التي تبدأ بمجرد وصوله الى ارض المملكة.. وبحثه عن فرصة عمل مناسبة.. تنقذه من تعنت الكفيل وتزمته، واستفزازات صاحب العمل وتسلطه.
والحاصل أن الحديث عن معاناة المغترب اليمني في السعودية قد تكاثر في الآونة الأخيرة، وأصبح شغل الناس الشاغل.. شخصياً تلقيت عشرات الرسائل والاتصالات والشكاوى والمناشدات بحكم أني صحفي من ناحية، وبحكم انتمائي جغرافياً إلى محافظة إب..ذات الكثافة الهائلة من المغتربين والمهاجرين في العربية السعودية من ناحية أخرى.
(2)
لقد استمعت إلى أحاديث وقصص ومآسٍ تدمي القلب وتقطع الفؤاد.. حيث حدثني أصدقاء كُثر (هاتفياً) عن قصصهم ومعاناتهم مع الدوريات وهروبهم وتخفيهم في ثلاجة المشروبات تارة، وفي دوريات المياه تارةً أخرى.. وغيرها من المعاناة التي زادت مع صدور تعديل قانون العمل السعودي.. الذي ينص على ترحيل كل من لا يعمل لدى كفيله.
(3)
والحاصل أن اغلب الكفلاء يكفلون أعداد كبيرة من الوافدين، والمغتربين، وبعضهم لا تتوفر لديهم فرص عمل.. وإن توفرت فرص العمل لا يستطيعون احتواء كل العمال المكفولين.. وبالتالي فإن الحديث عن ضرورة عمل المغترب لدى كفيله بإعتقادي فيه نوعا من عدم الواقعية.
(4)
ما يحز في نفسي هو أن حكومتنا الرشيدة لم تعر الموضوع أي اهتمام، ولم تكلف نفسها ولو بمجرد الاتصال بالمسئولين في السعودية.. للاطمئنان على أوضاع المغتربين هناك، وتوصية الجهات المعنية باستثنائهم من الإجراءات القانونية الأخيرة.. فلماذا لا توفد الحكومة وزير المغتربين الذي دخل في حالة صمت مطبق وكأن الأمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد؟!.
(5)
لقد عانى الكثير من المغتربين اليمنيين حتى وصلوا إلى الأراضي السعودية.. ومنهم من باع منزله وكل ما يملك في سبيل الحصول على فيزة عمل.. خصوصاً مع الارتفاع الجنوني الذي شهدته أسعار الفيز في الآونة الأخيرة، والتي وصل سعر بعضها إلى مبلغ المليون ريال.. الأمر الذي جعل مجرد الحصول على فيزا عمل ضرباً من الخيال، وحلماً صعب المنال.. خصوصاً في أوساط الشباب الذين صاروا يرون أن لا جدوى من تحسن الأوضاع في البلاد، وبالتالي قرروا الرحيل إلى بلاد الغربة بحثاً عن لقمة العيش الكريمة لهم ولأفراد أسرهم.
(6)
إن من حق العربية السعودية أن تنظم أمورها، وتدير شؤونها بالطريقة التي تراها مناسبة.. كما ومن حقها أن تفضل مواطنيها على الأجانب فيها.. من حيث فرص العمل والتوظيف.. لكننا نعول على أشقائنا في المملكة أن يراعوا الله في المغترب اليمني، وأن يقّدروا الظروف الراهنة التي يشهدها الوطن، وأن يدركوا مغبة ترحيل الكثير من المغتربين اليمنيين وما قد يشكل ذلك من ضغط على الحكومة والاقتصاد الوطني الذي بدأ يتعافى نوعاً ما.
(7)
لقد عودنا الأشقاء ببلاد الحرمين الشريفين بتقديم الدعم بسخاء كبير لإخوانهم اليمنيين، ووقوفهم الى جانبهم في السراء والضراء.. لذلك فأملنا كبير في أن يتم إعفاء المغتربين من الإجراءات الأخيرة، وان يتم عمل حل لأوضاعهم.. وحتى لا تستغل بعض الأطراف ما يجري للمغتربين وما تشهده الحدود اليمنية السعودية من بعض التوترات، نتيجة رغبة السلطات الأمنية بإنشاء سياج امني على الحدود.. والذي نؤكد هنا على أحقية السعودية في ضبط حدودها، ومنع المتسللين من الدخول إلى اراضيها باعتبارها دولة ذات سيادة، لها حدودها الطبيعية والجغرافية.. لكننا نتمنى أن يتم احتواء الموضوع.. حتى لا تستغله بعض الاطراف وتحرفه عن مساره لتحقيق اهداف شخصية وحزبية ضيقة