الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٠ صباحاً

الشيطان برميل نفط !

د . أشرف الكبسي
الاثنين ، ٠١ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٨ مساءً

لابد أن الشيطان صرخ مبتهجاً (وجدتُها) عندما رأى للمرة الأولى برميل نفط ، فقد كفاه عناء البحث عن وسائط إضافية لإفساد الحياة الإنسانية ، مدركاً حينها أن هذا السائل الأسود ، سيصبغ بلونه القاتم وجه البشرية المعاصر ، ولن يكون فقط وقوداً للآلات والمحركات ، بل وللحروب والأطماع والصراعات. لنكهته العضوية ، يسيل لعاب الدول والحكومات ، وأمام رائحة نفوذه ، تتهاوى المثل العليا وتتطاير القيم الأخلاقية ، للسيطرة على حقوله ، تصدر – ظلماً- القرارات الأممية ، وتُسيّر الحملات البربرية الدولية ، في منابعه تصاغ الفتاوى العوجاء التكفيرية ، وفي براميله تتوضأ جماعات القتل الإرهابية ، وفي آباره تدفن حية حريات الشعوب ، وذاكرتها الثورية.

للربيع العربي - بدلاً عن أريج الورود وعبير الحرية - رائحة مقيتة نفطية ، تفوح من ثقوب الكواليس الثورية ، وزوايا النوايا الغربية ، وتنبعث من أوراق الصحف وعبر القنوات والهفوات ، من أروقة الأمم المتحدة وصناديق النقد والمساعدات ، ومن الحذاء والضمير العربي في القمم والمؤتمرات !

يؤمن الغرب ، حقاً ، بحقوق الإنسان ، لكنه لا يرى في المنطقة إنسان ، وإنما ملايين وملايين البراميل النفطية ، وفي حين يتخذ من الحريات والديمقراطية ، أوعية وجالونات حصاد بترولية ، ينظر إلى ضحاياه نظرة استثمارية ، فهي إن تمت اليوم تكن غداً آبار نفط مستقبلية.!

براميل النفط تقف اليوم حاجزاً بين العرب والعروبة ، وبين المسلمين والحرمين ، وأينما وجدت مشكلة أو حرباً ، خذلاناً أو قهراً ، فتش عن النفط في ذاتك أو في الجوار ، أحرق (البوعزيزي) نفسه ، وكان جالون النفط حاضراً المشهد وبترحاب ، وكما أن برميل النفط يقف بين سوريا وثورتها ، وبين اليمن وتطلعاته ، وفي حين تكاد ليبيا تتلاشى نفطاً وألما ، يقف الفرعون محنطاً في كأس من النفط !