الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٤ مساءً

وليمة الديك شمشون

عبدالله محوري
الاربعاء ، ٠٣ ابريل ٢٠١٣ الساعة ١١:٥٣ صباحاً
كان الخياط سعد في شجار دائم مع جيرانه وبعد صبر طويل قرر ان يغير المنزل المتواضع الذي كان يسكنه مع زوجته وابناءه الصغار. بعد شده وعلاج اخيرا وجد شقه مناسبه في ضواحي المدينه تابعه لمنزل كان يملكه شخصا اسمه معد.

معد هذا رجل لطيف يمارس هواية تربية الدجاج ,ولديه مساحه لا بأس بها تابعه للمنزل استغلها لهذا الغرض .استقبل معد جاره الجديد سعد ورحب به ايما ترحيب ,وعزمه على الغداء مع اسرته .بعد الغداء خرج معد وسعد في نزهه للمزرعه الصغيره المجاوره للمنزل التي فيها الدواجن. بدأ الحديث بين الاثنين في المزرعة الصغيره واستمر معد في الشرح قائلا: أن تربية الصيصان تحتاج إلى عناية فائقة ,وتحتاج لمجهود خاص من قبل المشرف على رعايتها لانها حساسه جدا. فنظرا لصغر المساحه المتوفره عندي هنا كما تشوف فقد خصصت لكل عشرين صوص زايد امهم مساحة متر مربع واحد.مهمة المربي الرئيسيه هي توفير الرعاية الجيدة للصيصان في مساحات صالحه للسكن الملائم والمرعى الجيد .ايش رايك في توزيع الارض بين الصيصان ياسعد؟ هز سعد كتفيه وقال ببرود : ماعندي فكره عن تربية الدواجن وكما قلت لك انا مهنتي خياط وارثها ابا عن جد لهذا لا استطيع الحكم على ذلك . لكن على مايبدو ان عندك خطه ممتازه طالما انت مهتم بتربية الدجاج ..
معد مقاطعا.
.شوف ياسعد جميع ديوكي لهم اسماء مثل أبو نبهان وأبو يقظان وأبو عقبة وأبو مدلج لكن الوحيد الذي يتمتع بصوت عذب وقوة حنجره وحضور دائم هو شمشون الجبار بين الديوك واحبهم الى قلبي. أحب ان اضيف لمعلوماتك أن ريش الديوك اذا بخر به المصروع نفعه نفعا عجيبا,وما احوجنا اليوم لريش الديكه في هذه الفتره الانتقاليه بالذات ،وقد يأتي يوما يصبح فيه ريش الديك سلعه غاليه تنافس الذهب والفضه.

وأيضا الأكتحال بمرارة الديك تشفي من على عيناه غشاوه حتى يرى بعض عميان هذا الزمن أن هناك فرق بين الواقع والخيال ، ومن خلط مرارته بمرق الضأن يذهب عنه النسيان ويعود له صوابه. أما دمه فاذا وضع على مكان لسع الافاعي ابراه. وقيل أن عظم الديك الأيمن يورث القبول والجاه ، ومخلبه في اليمنى يظفر بالخصوم السياسين, ويهدي دراويش اللات والعزى ومناة.

مرة الايام وتوطدت العلاقه بين سعد ومعد . فقد كانوا يحترمون بعض ومتفاهمين جدا , ولا يعكر صفو هذه العلاقه الطيبه بين الاثنين سوى صراخ الديك شمشون الدائم المصاب بداء الخرف. كان سعد محتار جدا في الامر,بل كان متردد في مصارحة جاره, لكن زوجته اصرت عليه ان يتكلم مع معد في هذا الموضوع غدا بعد صلاة الفجر ,و قبل الذهاب للشغل . بعد خروجهم من المسجد اقترب سعد وقال:والله انا محرج منك ياخ معد وتعرف ان بيننا عيش وملح وصار لنا زمان جيران بس لي طلب واحد...قاطعه معد بدهشه اطلب ..اطلب ..ولا يهمك. حك سعد راسه :ثم قال بخجل وتردد الديك شمشون مزعج جدا ويصرخ ليل نهار وياريت تشوف له حل. رد معد ولايهمك ياسعد طلباتك اوامر بكره اذبحه وانت والعائله معزومين عندنا على العشاء وكما تعرف لحم الديوك يحتاج لوقت اطول على النار حتى يستوي لحمه على شان الواحد يعمل منه شربه طيبه ترد الروح .ذبح معد الديك شمشون ,وقام بتجهيزه ,وبعد صلاة المغرب استقبل سعد واسرته وتعشوا بالديك وكانوا جميعا في قمة السعاده والوئام والهدوء بدون صراخ الديك شمشون.

في صباح اليوم التالي قام سعد على صراخ عشرات الديوك .كانت فوضى عارمه . كل زاويه فيها ديك يصرخ. فوق السطح وفي الحوش صراخ من كل حدب وصوب.راح سعد مسرعا لجاره صائحا يامعد يامعد اسعفني ارجوك خارجني من هذه الهيصه.خرج معد بكل ادب واحترام وقال لجاره الخياط. ياسعد انت طلبت مني ان اريحك من صراخ شمشون وذبحته واكلناه انا وانت. لكن عندما كان شمشون عايش كانت كل هذه الديوك التي تصرخ الان ساكته وماتقدر تصرخ في وجوده. سامحني نحن حلينا مشلكة شمشون ونسينا ان الحوش مليان ديوك.