الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٥ صباحاً

القات اليمني اخطر من النفط

القدس العربي
الاثنين ، ١٩ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٠١ مساءً
مقتل عشرين متظاهراً يمنيا برصاص رجال الامن يوم امس، وتكثيف الهجوم على منزل الشيخ صادق الاحمر رئيس قبيلة حاشد، يعنيان ان الهدنة التي جرى التوصل اليها بين النظام والمعارضة من خلال وساطة سعودية بعد انتقال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الى الرياض للعلاج قد انهارت بالكامل، وان الامور عادت الى المربع الاول مجدداً.

من الواضح ان الرئيس اليمني الذي ما زال يقضي فترة نقاهة في الرياض بعد نجاته من محاولة اغتيال اصابته بحروق وجروح بليغة، ليس في وارد التنازل عن الحكم، والقبول بالمبادرة الخليجية التي تطالبه بذلك، وتسليم جميع السلطات الى نائبه عبد ربه منصور هادي تمهيداً لاجراء انتخابات نيابية ورئاسية.

الرئيس علي عبدالله صالح بارع في المناورة وكسب الوقت لدفع معارضيه الى الملل واليأس، وما اعلانه عن تفويض نائبه بالتوقيع على المبادرة الخليجية نيابة عنه الا احدى احدث الحلقات في هذا الصدد.

المتظاهرون اليمنيون لم يتعبوا من التظاهر، ولم تتراجع عزيمتهم في مواصلة اعمال الاحتجاج لفرض التغيير الديمقراطي، بينما لم يفقد النظام شهيته في مواصلة اعمال القتل في الوقت نفسه مما يعني ان الايام والاسابيع المقبلة في اليمن قد تكون دموية بكل المقاييس.

الحديث المسكوت عنه في اليمن ان المملكة العربية السعودية ما زالت تدعم النظام اليمني ورئيسه، وكذلك الولايات المتحدة الامريكية، ولكن لاسباب ومنطلقات مختلفة. فالسعودية تعارض التغيير الديمقراطي في اكثر الدول التصاقا بها ورضوخا لنفوذها، لان هذا يعني اقتراب هذا التغيير من طرف ثوبها، ووصوله اليها.

الولايات المتحدة الامريكية مثل السعودية تريد تغيير رأس النظام دون المساس بجسمه، اي ان يتنازل الرئيس علي عبدالله صالح لابنه احمد، مع اجراء بعض الاصلاحات الشكلية. فما يهم الولايات المتحدة هو وجود نظام يواصل الحرب على تنظيم 'القاعدة' والجماعات الاسلامية المتشددة الاخرى، اما مطالب الشعب في الحكم الديمقراطي الرشيد وقطع دابر الفساد فتحتل مرتبة ثانوية دون ادنى شك.

النظام اليمني قدم خدمات جليلة للادارة الامريكية وحلفائها في المنطقة، والسعودية على وجه الخصوص، عندما نجحت قواته في 'تطهير' جزيرة سوقطرة من عناصر تابعة لتنظيم 'القاعدة' سيطرت عليها طوال السنوات الماضية واستخدمتها منطلقاً لشن هجمات على السفن التجارية وخطف بعضها في احيان كثيرة، الامر الذي احدث ارباكاً في خطوط الملاحة الدولية في خليج عدن والمحيط الهندي عموماً.

مثل هذه الخدمات تحتل مرتبة عالية لدى الولايات المتحدة التي ترى ان فرع تنظيم 'القاعدة' في اليمن هو الاخطر على مصالحها في منطقة يوجد فيها ثلثا احتياطات النفط في العالم، وتصدر حوالى 18 مليون برميل يومياً.
الشعب اليمني تمسك بسلمية انتفاضته طوال الاشهر الثمانية الماضية رغم امتلاكه لاسلحة من كل الاوزان، وهو لم يطالب مطلقاً باي تدخل اجنبي، لانه يعرف ان مطالبه في هذا الصدد لن تجد اي استجابة من الدول الغربية والامريكية خصوصاً، لان 'القات' اليمني ليس مغرياً، مقارنة بالنفط الليبي او العراقي.

ما لا يعرفه الامريكان، ولا يغيب عن بال السعوديين في الوقت نفسه، ان هذا الشعب اليمني يملك ما هو اغلى من النفط اي الكرامة وعزة النفس والكبرياء، ولهذا لن يتراجع عن انتفاضته، وقد ينقلب على البلدين اللذين يخذلانه حالياً وهما المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وفي فترة قريبة جداً.