الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٧ صباحاً

الحاكم أم الشعب ؟

محمد عمر العمودي
الجمعة ، ١٢ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٤٢ صباحاً
دعونا نبدأ مقالنا بطرح هذا السؤال, أيهما يؤثر على الدول الحاكم أم الشعب ؟

أختلف الناس في أيهما يؤثر على الأخر ويتسبب بفساده أو بصلاحه وبالتالي يؤثر على تقدم الدول وتطورها أو تأخرها وتخلفها, هل الشعب هو الذي يؤثر على الحاكم من باب ( كما تكونوا يولى عليكم ) حديث ضعيف , أم أن الحاكم هو الذي يؤثر على الشعب باعتبار أنه كما قال سيدنا عثمان بن عفان – رضي الله عنه – موقوفاً ( إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن ) . ولكي نجاوب على هذا السؤال سوف نضرب أربعة أمثله :

المثال الأول : رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام , لقد عاش العرب قبل البعثة المحمدية حياة من التخلف والجهل والظلم والتعدي على حقوق الآخرين والسلب والنهب . فما لبثوا حتى بعث الله سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه فنقلهم من حياة ألبوس التي كانوا يعشونها إلى حياة ملئها العدل و الإخاء والحب والعلم, وأصبحوا في سنوات معدودة خير أمة أخرجت للناس وليس ذلك فحسب بل دكوا عروش أعظم امبروطوريتين في ذلك الزمان الفرس والروم.

المثال الثاني : الخليفة الزاهد وخامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله, الذي غير وجهة الدولة الأموية وأعدها إلى طريق الخلافة الراشدة وشهد عهده رخاء واستقرار عظيم في أنحاء الدولة, وساد فيه العدل وقضاء على الظلم والجور حتى أصبح الذئب يرعى مع الغنم من دون أن يعتدي عليها , وكذلك قضاء على الفقر إلى درجة أن المتصدقون يبحثون على الفقراء ليعطوهم المال فلا يجدونهم .
وبعد أن ضربنا مثالين من تاريخ امتنا المشرق نعود ونضرب مثالين من التاريخ الحاضر.

المثال الثالث : الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق لقد استطاع مهاتير محمد تحويل ماليزيا من دولة فقيرة ومتخلفة إلى نمر اقتصادي يوازى في تحوله التجرِبة اليابانية؛ وتمكن من تغيير وجه ماليزيا والنهوض بها تنمويا وجعلها في مصاف الدول الاقتصادية المتقدمة؛ حيث تمكن من الانتقال بها من مجرد دولة زراعية تعتمد على تصدير السلع البسيطة إلى دولة صناعية متقدمة، يساهم فيها قطاعا الصنعة والخدمات بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي , وفي عهده بلغت نسبة صادراتها من السلع المصنعة 85% من إجمالي صادراتها, وأنتجت 80% من السيارات التي تسير في طرقاتها, ونتيجة لهذا انخفض أعداد المواطنين ممن هم تحت خط الفقر من 52% في عام 1970م إلى 5% فقط في عام 2002م وارتفع متوسط دخل المواطن من 1247 دولاراً في عام 1970م إلى 8862 دولاراً في عام 2002م . وانخفضت البطالة إلى 3% وأصبحت ماليزيا من أنجح البلدان في جنوب أسيا وفي العالم الإسلامي بأكمله.

المثال الرابع : رجب طيب ارودغان رئيس وزراء تركيا
استقبلت الدولة التركية الألفية الثالثة بوضع مأساوي بحق, ويشهد حالة فريدة من التردي أصابت كافة قطاعات الدولة, لاسيما بعدما انتهت الدورة البرلمانية 1999-2002م بصورة أقرب إلى الفوضى , نظراً لتوالي الفضائح وتفشي الفساد , فضلاً عن وضع اقتصادي يداني الإفلاس, مما قاد إلى انهيار البورصة التركية وحدوث أزمة اقتصادية طاحنة في فبراير 2001م, هذا كان حال تركيا قبل تولي اودغان الحكم. أما بعد توليه رئاسة الوزراء فالحال تغير حيث قام بكثير من الانجازات ونقل تركيا نقلة نوعية في جميع المجالات . نذكر بعضها على سبيل الفائدة تخفيض نسبة التضخم من 37% إلى 9% , إعادة قيمة الليرة التركية حيث أصبحت الآن قريبة من الدولار, حل كثير من مشاكل الإسكان والمواصلات , كذلك زاد متوسط دخل الفرد التركي من 2880 دولاراً تقريباً إلى 10990 دولار تقريباً نتيجة التحسن الاقتصادي, وأصبح الاقتصاد التركي يحتل المرتبة السادسة عشر عالمياً وزادت الصادرات التركية من 30 مليار دولار إلى 130 مليار دولار وغيرها من الانجازات التي لا يتسع المجال لذكرها.


وبعد عرض هذه النماذج المشرقة من حياة امتنا , فإن الجواب على السؤال السابق أن الحاكم هو الذي يؤثر على تقدم وازدهار الدول أكثر من الشعب, ولهذا فإن كل ما ينقصنا في بلداننا العربية والإسلامية هو حكام يطبقون تعاليم الإسلام ويراعوا مصالح شعوبهم أكثر من مصالحهم أنفسهم .