الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٧ مساءً

الثورة الشباية إلى أين ؟!!!

إبراهيم القيسي
الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
لقد بنى الشعب اليمني آمالا كبيرة على الثورة الشبابية التي انطلقت بإرادة شعبية رائدة تنشد العدل والحرية وتسعى إلى تغيير جذري يعمل على إنقاذ المجتمع اليمني من هوة الفقر والجهل والتخلف نتيجة السياسة الخاطئة التي سلكها النظام السابق تجاه الشعب اليمني حيث عمل هذا النظام على بناء شخصيات إقطاعية عملت على استغلال الظروف السياسية المتاحة إلى تحويل كل البنى الاقتصادية على كل المستويات إلى ملكية خاصة يستفيد منها أفراد لا يتجاوزون عد الأصابع .

ولكن نتيجة للأحداث التي رصدت الثورة الشبابية عن كثب وبدأت تعمل كل القوى المعادية لها في الداخل والخارج على كبسلتها في نطاق محدود وبدأت تفرغها من محتواها بفعل المبادرة الخليجية التي حولتها من ثورة شبابية رائدة إلى أزمة سياسية تقزمت بفعل الإطار الضيق الذي فصل على كيانها المحدود حيث قد استحدثت المبادرة الخليجية خطوات متعددة بعضها بارز وبعضها الآخر مضمر ستنبئ عنه الأيام القادمة وكون الثورة الشبابية قد أوهمت بتنازل صالح فقد كان هذا التنازل مجرد طعم لاستدراج الثوار للموافقة على المبادرة الخليجية التي قام الأحزاب الممثلة بالمشترك نيابة عنهم بالتوقيع عليها .

ومن هنا بدأت خيوط التهميش وسرت الضبابية تغطي على ذلك الزخم الثوري الذي كان يرى فيه الشعب اليمني المخرج من ضيق العيش ومتنفسا للديمقراطية والحرية واستلهام لكرامة الإنسان اليمني التي سقطت في مستنقع الدكتاتورية والإقطاع في الشمال والجنوب وبفعل القوى الداخلية والخارجية عمل الطرفان بإرادة دولية على إدخال الشعب اليمني إلى توافق مثل صورة أخرى من صور النظام السابق مع فارق الأزمة التي خلفها النظام السابق في صراعه مع الثورة الشبابية وكون الشباب وهم من أشعل فتيل الثورة بدأ دورهم يتلاشى بصورة ممنهجة وخاصة تحجيمهم في مؤتمر الحوار الوطني .

وهذا التحجيم المتعمد للثورة الشبابية كان البديل له إضافة تدريجية لمن يحسبون على النظام السابق على حساب تضحيات الثورة حيث أن مؤتمر الحوار مضى بأيدلوجية مزدوجة تلتقي مع أهداف الثورة في شيء وتختلف في أشياء أخرى فمناطق اللقاء هي مسألة استرضائية تسير بفقاعات إعلامية مجازية تهول الحدث وتقزم الحقيقة ومن المعلوم أن مؤتمر الحوار قد جمع المتناقضات حيث اجتمع فيه الظالم والمظلوم والثائر والمثور عليه والغاصب والمغصوب وأصبح من المفارقات العجيبة أن كثيرا من الإقطاعيين وممن تلوثت أديهم بدماء الشباب أصبحوا مع الثوار في لحمة وطنية يقرأون روح الفاتحة على ضحاياهم وكأنهم ثوار من الطراز الممتاز .

وإذا كان الأمر بهذه الصورة حيث أصبح تقرير مصير اليمن بأيدي شركاء متشاكسين وكل فريق له أهدافه وأجندته وهو يسعى لمآرب شتى فيبقى كل فصيل مصمم على مطالبه فلا يسعى المؤتمرون إلا السعي الجاد للتوافق القائم على الاسترضاء وتقسيم اليمن إلى مخاليف فدرالية لها صلاحيات كبيرة ولابد في أثناء التقسيم مراعاة الشريك السياسي الذي يطالب بحقوقه وامتيازاته حيث ستصب هذه الحقوق والامتيازات في ترعة مستبد جديد يسعى لمصادرة الحقوق والحريات ليبني فدرالية إقطاعية جديدة قد تكون أفظع وأشد من التي قامت الثورة الشبابية عليها وعندما نلحظ النظام الحالي نلحظ ذلك بجلاء فلازال أولئك الكبراء والسادة يزاولون سطوتهم على ابتزاز المواطن اليمني الذي ظل وسوف يظل الشمعة التي تحترق ليستضيء بها المستبدون من دهاقنة التهجين والفساد على كل المستويات في العزل والمديريات والمحافظات وصولا إلى كل زاوية في ركن كل وزارة من وزارات الحكومة اليمنية .

ومن هذا المنطلق يبدو الأمل ضئيلا في إيجاد دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية تصان فيها الحقوق والحريات على إطار مرجعي ينبثق من ضمير العدل الإلهي الذي يخاطب الأمة بخطاب الوحدة والمساواة ويحارب كل مظاهر الظلم والاستبداد المتولد من الاعوجاج السياسي الشائن الذي يحتكر السلطة والمال والثروات في إطار ضيق تحت داعي المصلحة الذاتية المتفرعة من شوائب الأنانية وروافد الأطماع التي تسقى بإرادة فرعية مستقلة بعيدة عن الإرادة الشعبية التي يسندها الزخم الجماهيري الصاعد فوق كل دواعي الفردية والأسرية والحزبية والقبلية .

فالأفق السياسي الراهن تعلو سماءه غيوم متعددة ذات ألوان رمادية باهتة تدعو إلى فوارق ارتدادية ذات شحنات مختلفة ستؤدي إلى تنافر مصلحي ذو أقطاب مختلفة يعمل على تنافر استهدافي يتولد منه روافد الأطماع على يمين السالبية ويسار الإيجاب وهذا يهدف إلى إشارة سفسطائية تتموج حول محاور متقلبة تتزحلق فوق ركام من الزئبقية ذات الكثبان الحمراء الذائبة في خيال الأطماع والجشع المشبوق .

والحقائق المعلومة تتحدث عن نفسها وتبين المسافة الفاصلة بين الدولة المدنية وتطلعات الشعب اليمني فهناك لازالت سدود قائمة تترنح في ابتزاز أمام إرادة هذا الشعب تتمثل في أطماع فورية حادة لم تلجم بكوابح التنازل الإرادي عن ابتزاز هذا الشعب وترك روافد الدولة تصل بخيراتها إلى كل فرد بعيدا عن سدود الأطماع والأنانيات التي عملت على قطع الخصوبة والحياة عن الشعب اليمني وحصرتها في حديقة قصور الأرستقراطية النافذة .