الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٣ مساءً

رسالة ناقدة للرئيس هادي

طارق مصطفى سلام
الاثنين ، ٢٩ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
بادى ذي بدء لابد من التأكيد انني أجل هذا الرجل بل وأقدره حق قدره وهو الرئيس التوافقي الحالي لليمن المشير عبدربه منصور هادي بل أنني أليت على نفسي إلا أن أهتم بشخصه وسيرته واتابع باهتمام أخباره وأنشطتهُ كافة منذُ الحرب الأثمة والظالمة العام 1994م التي برز فيها صيته ولمع نجمه حتى طغى بريقه على نجوم كثيرة من الأسماء اللامعة والمعروفة (حينها) للقادة العسكريين البارزين في جنوب اليمن وشماله , نعم فقد تابعت ورصدت مساره وأخباره منذ ذلك الحين (وما قبله) فلم أجد إلا ما يشرف المرء ويسر الخاطر .

في الأيام السالفة وجدتُ عدد غير قليل من الزملاء الأفاضل من مختلف الأطياف والاتجاهات السياسية للقوى الوطنية في الساحة اليمنية (سواءً تلك المتفقة مع توجهاتي السياسية أو المختلفة معها) تنقدني بشدة ولمآرب مختلفة وتردد لي العبارة الأتية : ( ان الإكثار من المديح للحكام هي ظاهرة غير صحية ومكروه شرعا , كما أن طغيان الزعماء العرب سببه بطانة السوء التي تكثر من التعظيم والتمجيد لهم فتؤله الحاكم ) إلا أنني وجدت أنه من الواجب الديني والأخلاقي والأمانة والمسؤولية الوطنية نحوا الأهل وولي الأمر أن أنقل للأخ الرئيس هادي حديث النقد والعتاب والنواقص .

وكما أكثرت (انا) من الإشادة والمديح للأخ الرئيس هادي خلال الفترة الماضية وجدت أنه من واجبي ومن العدل والانصاف (أيضا) أن أنقل لهُ بتجرد ما يقال عنه وعن عهده الجديد من حديث ناقد يأتي من أنصاره الشباب الثائر في الميادين والساحات وأنصار هذا العهد عموما والمناوئين لهُ خاصة .. كما أنني أعلم أن كثير من الناس يعرفوا ويسمعوا بهذا الحديث الناقد للأخ الرئيس ,ولكن الأهم في الأمر هو كيف يصله هذا الحديث ؟.. تحت قاعدة (من يجروا على الكلام وايصال هذا الحديث الناقد للأخ الرئيس دون تجميل أو تشويه أو زيادة أو نقصان ؟), فأن صدق هذا الحديث في جزئياته كافة ففي ذلك فائدة جمة للرئيس أن يصلح من شأنه ومحيطه , وأن جافت الحقيقة بعض تفاصيله الأخرى فليس في ذلك ما يضير الأخ الرئيس ان هو أحاط بها علما وتجنبها مستقبلا وعمل على إيضاح حقائقها للعامة من المواطنين .

انها تلك المقولة الحكمة التي يحلوا للدكتور القربي ترديدها دائما في مثل هذهِ المواقف .. من يجروا على تعليق الجرس أو يتقدم ليقرع ناقوس الخطر ..وفي الوقت المناسب ؟ , فهل من مجيب ؟ .. ولندخل في صلب الحديث :
لسبب ما قارنتُ بين سيرتي الرئيسين (الحالي والسابق ) ولما أعلمه عنهما الاثنان فقد وجدت أن الأول سوي منذ البداية (من أيام عهد الرفاق ودربهم الشائك فلا مشاركة في المقارعة والمعاقرة وأبعد ما يكون عن المكايدات الحزبية والاصطفاف الشللي والتعصب المذهبي والجهوي , وأما الثاني فهوا تعيس من يومه في عيشه الضنك (من أيام الصباء والاتراب علي محسن واسماعيل الشعيبي) إلى ولايته لتعز وشبهة المفرق إلا أنهُ حاول جاهدا أن يبني لنفسه ويحسن من سمعته وأدائه ويصنع لنفسه شأنا ومجدا مهما بعد توليه الرئاسة لليمن كما كان جيد الاستماع للأخر متقبل للنصح بداية عهده بالرئاسة ولهُ أفضال كثيرة وعديدة على بعض الأفراد والنخب (وربما أنا واحد منهم) إلا أنه أهمل في بعض الاوقات مصالح الشعب والوطن عموما والأخطر أنه عمل وسعى للتوريث .

يبتز هادي الجميع : بأنه يعين بإسهاب ذوي القربى والمقربين وأصحاب الولاءات الشخصية ومن جماعة معينة ومنطقة محددة خاصة التعيينات في الجانب العسكري والأمني حيث وجدتُ بعض الأصدقاء من ابين يسخروا من مقولة الأبينة بدلا من السنحنة ليقولوا لي بل هي اللودرة وأكثر من ذلك فهي في جزء بسيط منها يكاد يكون محصور في أسرته وجماعته المقربة التي لم تغادرها ثقته بعد إلى الفضاء الأوسع والأجمل !؟

والجميع يبتز هادي : ونقصد بذلك الاطراف المؤتلفة في الحكومة والقوى الأخرى خارجها فبعض قيادات المؤتمر وحلفائه يبتزون هادي بالتحريض عليه ومحاولة عرقلة المرحلة الانتقالية الجارية في البلد وتعطيل النقل السلس للسلطة من خلال تواجد عناصر كثيرة من مؤيدي النظام السابق في معظم مفاصل الدولة ومؤسساتها الهامة وكذا بممارسة السلوك الانتهازي في الحياة السياسية والدفع بالمظاهر الغوغائية في الشارع ومرافق العمل ونشر مظاهر الفوضى والتسيب والاهمال في المجتمع والجهات والمؤسسات كافة والتشجيع بل والتحريض على قطع الطرقات والتخريب لمصادر وموارد التمويل الحيوية للحكومة وللخدمات الأساسية للمواطنين ليخلق حالة تذمر قصوى بين صفوفهم ويجعلهم يقارنوا بين العهد السابق والحالي لصالح الأول لمآرب برجماتية تتعلق بالانتخابات القادمة , كما يرفضوا قانون التدوير الوظيفي وتغيير عناصرهم الفاسدة في قيادة مؤسسات الدولة الحيوية والهامة المدنية والعسكرية كما ويضغطوا عادة وكثيرا لتعيين المزيد من العناصر المعادية والفاسدة لمزيد من التخريب للخدمات وللعملية الاقتصادية والتنموية بل وتخريب المرحلة الانتقالية برمتها , وفي الطرف الأخر تأتي القوى والمكونات التي أشعلت الثورة أو ساندتها وقد أصابها الوهن إلا أنها صاحبة المصلحة الحقيقية في قيام الثورة وانتصارها وانجاز مهامها اللاحقة بما فيه استكمال عملية التغيير والانتقال السلمي والسلس للسلطة ومن هذا المنطلق تريد أن تأخذ فرصتها الحقيقية في التصدي لتلك المهام الكبيرة والمعقدة بفرض رؤيتها المنهاجية وأليتها البرامجية في عملية التغيير وكذا الاستحواذ على الحصة الأكبر في قائمة القرارات والتعيينات الجمهورية والرئاسية , إلا أن اختلافها في هذا الجانب جعلها تعكس ذلك في ممارسة العديد من الضغوطات على هادي , وهذه القوى التي اتفقت وتوحدت في اشعال الثورة وإنجاز المهام والأهداف الأولية لها, إلا انها عادت واختلفت في الروى والمواقف في عملية البناء للدولة كونها متعددة التوجهات ومتنوعة المشارب , وبالتالي فهي (جميعها ) تضغط على هادي لفرض أولوياتها ورؤيتها المليئة بالنرجسية للقيادات الحزبية والتشيع للحزب في عقيدته الشوفونية أو الدينية , كما أن هناك قوى وأطراف أخرى من خارج هذه الدائرة المؤتلفة في الحكم لها ايضا أجندتها الخاصة وعلى وجه الخصوص تيار الحوثي المتطرف في صعده وما جاورها وفصائل الحراك الجنوبي وخاصة الفصيل العنيف الذي يطالب بفك الارتباط بالقوة ومكونات المجتمع المدني الأخرى مثل مكونات النساء والشباب المستقل الذي يتهم الجميع بالتآمر عليه وسرقة ثورته .. وجميعهم لهم العديد من المطالب الملحة لدى هادي إلا أن جميعهم يستخدم وسائل الضغط (الابتزاز) للتعجيل بإنجازها إذ أن كل طرف فيهم يصر أن الاولوية لتنفيذ مطالبه وحقوقه في ظل قدرات محدودة للدولة وعامل زمني ضاغط .

نعم هناك أطراف عديدة تضغط على هادي وتمن عليه لدورها في الثورة التي أوصلته لكرسي الحكم وتريد أن تفرض رؤيتها في النهج وحصتها في السلطة وأطراف أخرى تضغط عليه بتصعيد أعمال الفوضى والنهب والتخريب والتقطع وأخرى ثالثة بالحشود والاعتصامات تقابلها حشود واعتصامات مضادة , ورابعة برفع شعارات حقوق الجرحى المهملين والوفاء لدماء الشهداء الزكية وأرواحهم الطاهرة وخامسة لدورها في الحماية والمناصرة للثورة والسلطة لجديدة , كما أن هناك قوى الثورة المضادة المتحالفة من الفاسدين ورموز العهد السابق والمتضررين من العهد الجديد وغيرها تضغط عليه تارة بخلط الاوراق والتدليس والمناورة والتسويف وتارة أخرى بالتمسك بمواقعها القديمة ورفض الشرعية الجديدة ومما زادها في التمادي انها تتمكن من فرض شروطها لتقبل بالإزاحة حيث يتم ترضيتها وتطييب خاطرها بأموال طائلة من الخزينة العامة !؟ بينما الشعب يعاني من ضنك العيش وسوء الخدمات وتضخم الاسعار وهذه تحديدا هي أبرز أخطاء هادي التي تؤخذ عليه !؟ .

إذا كان ولا بد من صرف تلك الأموال الطائلة لمواجهة قرارات الإزاحة للقيادات العسكرية والمدنية بناءً على بنود المبادرة الأممية والخليجية ولنتمكن كم إنجاز عملية التغيير الجارية في البلد فلماذا لا يتم مواجهتها من مصادر تمويل خارجية وتغطيتها من قبل الدول العشر ( وغيرها )الراعية لتجربة الانتقال السلمي للسلطة ؟ .

وهادي يبتز الجميع .. : نعم فهوا يبتز جميع الفرقاء في الساحة الوطنية مستغلا عدم الثقة الصراع والخلاف القائم بينهم وكذا الخلاف والتناقض الطارىء بين شركاء الأمس في الثورة والتغيير وفرقاء اليوم اللذين أصبحوا هم أيضا غارقين في دوامة الخلاف المستجد بفعل فاعل مستتر فرقاء ولكل منهم توجهاته وأولوياته المختلفة وهي القوى صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير وارساء العهد الجديد , إلا أن هادي هو صاحب الشرعية التوافقية وهو من يصدر القرارات ويوقع عليها !؟ بينما كان يفترض أن تكون شرعية الواقع الثوري الجديد الذي لا وجود فيه للروىء الضبابية المهادنة أو القديمة الفاشلة وألية و نهج النظام السابق الذي أفسد البلاد والعباد والحياة السياسية والاقتصادية لثلاثين عام مضت .

كما أن هادي يضغط على القوى الثورية والشعب اجمالا بعدم مغادرته النهائية للمربع القديم للنظام السابق باتجاه الانحياز الكامل لأغلبية الشعب الذي هو من لكادحين ومراعاة مصالح أهله وأسرته الكبيرة (اليمن) ليتقوقع على نفسه وينغلق في أسرته الصغيرة في الستين وقريته البعيدة في (ذكين الوضيع ) ويختزل الشعب اليمني بأكمله بأعداد قليلة من الأفراد والمجموعات والتكتلات المقربة والمقربين منه, وأولئك النفر مهما بلغت أهميتهم وقوتهم وتأثيرهم فلا يعني ذلك تمثيلهم للشعب بأكمله ومصالحه كافة !, بل ان هادي في هذا الجانب يكاد لا يغادر اسرته الصغيرة (بيت المارمي ) .

نعم هادي يصادر وطن بحجم وكبر اليمن ويختزله بقرية صغيرة فيه تدعى ذكين !؟ ويظل يحكم (تحت تأثير مخاوف غير مبررة إلا أنها كامنة فيه) بمضمون وأسلوب العهد القديم الذي تأثر بهِ أيما تأثير (كما يقول انصار العهد السابق نكاية بالثورة والثوار) أو كما قال لي شاب ثائر من الساحات في عهد قريب (هل هي ديمه خلفنا بابها أم هي حليمة عادة لعادتها القديمة ؟) ,وفي ذلك يقول الشباب الثائر (نريد الرئيس هادي أن يكون هو الأصل الذي يقود التوجه والعهد الجديد ويهدي المسير إلى الأفاق الرحبة للثورة ولا يكون نسخة مقلدة من النظام السابق لأن العادة جرت أن يكون المقلد عديم القيمة والفائدة والأصل دائما هو الأفضل من التقليد وفي كل الظروف والمناسبات, ولا عزاء أو مستقبل للمقلدين في اليمن الحر الجديد ) .

والجميع يبتز هادي : مثل بعض الأطراف بفعاليات الحراك الجنوبي التي تصعد أو تخفف من نشاطها حسب مصادر وأليات تمويل نشاطها وشروط العرض والطلب في سوق النخاسة الإقليمية, هي العوامل المؤججة لوتيرة الاستقطاب والمثيرة للفتنة التي تحكم سوق الارتزاق وهي تلك المقايضة التي تبتز رغبة هادي في حرصه الشديد على تمثيل شعب الجنوب وحضوره مؤتمر الحوار الشامل القائم فعلا الأن في حضرة ومقام اليمن الكبير وتناسى هادي انه الوطن الأم الذي قال فيه المولى عز وجل أنها بلدة طيبة ورب غفور قال الله تعالى: (( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ( 15 ) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (16) )) .

وليس في ذلك أدنى دلالة للغة الترهيب أو أبسط إشارة لمعنى الوعيد , بل هو العتاب وإدانة الجحود والنفاق الذي يمارسه البعض ,والأهم هنا هو التوجه الصادق وسلامة وحسن النية في العمل أما عن الشكوك في أطماع الثروة فهي متوفرة في الشمال كما هي متوفرة في الجنوب , في مارب وجوف الجوف الذي يحتوي على ثلث مخزون العالم الاستراتيجي من النفط والغاز وثروات الذهب والمعادن في حجة والمحويت ومحافظة صنعاء والأهم من الثروة في الباطن هي تلك المزايا في الظاهر ,نتحدث عن موقع جغرافي متميز وممر مائي متحكم وطبيعة آسرة وخلابة وجاذبة لموارد السياحة والزراعة في اب وذمار والحديدة الخ , ودعونا نبتعد عن حكم خارجي هو الباب العالي لمندوب سامي يضرب على ايدي الجميع .. ورؤوسهم ؟ .

عن أسرة عفاش : العميد أحمد علي ليس بمتمرد على الشرعية القائمة كما يقال ولا يرفض (هو أو والده )القرار الأخير بتعيينه سفير للأسباب المسربة عن عمد والمعلنة عن قصد ,هو لا يخشى النفي للخارج أو أنه يريد البقاء في الداخل حتى يتمكن من الاعداد لانتخابات 2014م الرئاسية ..الخ , فذلك أبعد ما يكون عن تفكيره ,وكل ذلك وهم وسراب وأسرة صالح هي أول من يعلمه يقينا ولكن السبب الحقيقي والخفي للتردد في السفر والتنفيذ للقرار هو الخوف الذي يكمن في نوع أخر من المظاهر والاسباب .. هو ( الخوف من أن ينفض الجمع من حوله ..ويغادرهم بقايا الحلفاء المصلحيين من المؤيدين القدامى والجدد بسبب من الآمال الموؤدة , باتجاه العهد الجديد المنتصر كما فعلوا في يوم الدرس المر والموقف الصعب (21مارش2011م ) ذلك اليوم الذي بتداعياته المتسارعة والمخيفة ترك أثرا بالغا في النفوس ومازال يشكل كابوس مرعب يخيم على احلام اليقظة والمنام لأسرة عفاش .

هذه الثورة يا سيادة الرئيس .. أعمق، وأجمل، وأعظم من أن تختزل بمجرد تغيير حاكم .

أخي الرئيس : هذه الثورة وعملية التغيير هي التي جاءت بكم إلى سدة الحكم وكرسي الرئاسة ولا بد لكم أن تعوا ذلك جيدا حتى تتمكنوا من تحديد توجهاتكم بدقة ومن الالتزام والايفاء بالأمانة التي قبلتم ان تتحملوا أعباها بكل شرف وشجاعة , لذلك يأُخذ عليكم من شباب الساحات وأحرارها استجراركم لأسلوب صالح في الحكم وفي الخطاب والاداء , ومع أنكم رئيس توافقي انتقالي إلا أن من يرصد أدائكم للفترة الماضية يلاحظ أن العمل من أجل التمديد يأخذ الكثير من جهدكم ووقتكم الذي يفترض ان يكرس لصالح الشعب في التخفيف من معاناته في ظل عدم توفر الخدمات الأساسية التي بغيابها ينتفي العيش الكريم فما بالكم ببقية الحقوق 1؟ (فنهج التمديد هنا يعادل بحجمه أخطاء التوريث في عهد صالح ) كما يلاحظ تدخل أبنائكم ناصر وجلال في اعمال الحكومة وتسيير شؤون الحكم والدولة وربما يكون ذلك أحيانا بتفويض منكم خارج القانون وذلك يتنافى مع مواد الدستور وصلاحياتكم المخولة بموجب المبادرة الأممية واليتها المزمنة لانتقال السلطة كما أنه يشكل مساس بالحقوق الإنسانية والوظيفية للأخرين ؟ وهي ايضا ذات الأخطاء الجسيمة للعهد السابق!؟ , يستنتج من ذلك وغيرها من الاجراءات المتخذة من قبلكم دون اصدار مراسيم قانونية معلنة بها مثل تعيين أحد أبنائكم في قيادة الحرس الخاص وتكليف نجلكم جلال بالتواصل مع الوزراء والمسؤولين في الدولة ليأمر وينهي دون وجه حق أو أن يكون ذي صفة ! فذلك أمر جلل ينبى بالسوء مبكرا على غير نهج سلفكم الذي لم يقدم على عمل كهذا إلا متأخرا بعد أن تم إفساده من بطانة السوء في هذا الخصوص .. فهل بكًرة بطانتكم في فعل ذلك ؟ وكان الأجدر بكم تعيين نائب لكم أو أكثر لمساعدتكم ويفضل أن يكون من المحافظات الشمالية لدرء فتنة يتم التحضير لها وحتى تتوازن طرفي المعادلة وفي ذلك تتجسد كثير من المصالح العامة ويتعزز أمن الوطن وأمنكم الشخصي حيث أن تحقيق ذلك يمنع المغامرين من استهدافكم لغرض افشال الانتقال السلمي للسلطة من خلال ايجاد فراغ دستوري في البلد بغياب الرئيس .

أخي الرئيس هادي : لابد لنا ان نشاهد ونلمس بناء نظام جديد شفاف في تعامله مع الشعب وعادل في حكمه لليمن وأهله .. يبني الوطن ويرفع من شأنه عاليا ويعزز اللحمة الوطنية بين ابنائه وإلا فليقل لنا هادي لماذا قامت الثورة ولم يتم التغيير المطلوب , الثورة اليمنية التي انطلقت الإرهاصات الأولى لها في مطلع فبراير 2011م والتي خرج الشعب اليمني في جميع ساحات اليمن للمطالبة بإسقاط النظام السابق والسعي إلى تحقيق طموحات الشعب وأهدافه في بناء اليمن الجديد , هذه الثورة لم تنهض لاستبدال شخص بأخر ( ليس من أجل تغيير الرئيس صالح بأخر أو هيكلة الجيش فحسب وانما لإشاعة ممارسة الحرية والديمقراطية الحقة ولكسر حاجز الخوف و الصمت .. الخوف من الخروج للشارع و الخوف من الكلام ومن الرفض والخوف من مواجهة الطاغوت والظلم, هي الحرية في أن يقول الشعب كلمته أن يقول لا للحاكم المستبد دون تردد أوجل وهي فكرة الرفض، التي كانت مرفوضه في السائد من الثقافة سواءً في البيت أو في أعلى السلطة السياسية، أن الأهم هو رفض ثقافة القمع و التجاهل والثورة عليها ,أن الثورة هي الحدث الأبرز والغير مألوف من سابق في هذه النهضة الهادرة . )

أخي الرئيس هادي : هناك قضية المحاصصة في التعيينات بشكلها الحالي المبتذل الذي لا يراعي الاقدمية والكفاءة في شغل الوظائف القيادية ,إلا أنني مع قانون التدوير الوظيفي كما أنني مع القوى الجديدة الناهضة التي قامت بالثورة وحملت لوائها وأعبائها وتلك القوى التي ساندتها وانتصرت لها والتي يجب أن تعمل على الدفع بأفضل كفاءاتها الفنية والادارية (وليست السياسية فقط )وكوادرها المؤهلة والقادرة على الانتاج والأبداع المهني إلى مستويات الادارة العليا لتتم المواجهة الفعلية مع الواقع القديم المعقد والعمل على تغييره وتتمكن من إرساء دعائم ومداميك العهد الجديد وتقديم النموذج الأفضل والصورة الأجمل عن العهد القديم كونها صاحبة المصلحة الحقيقية في قيام الثورة وصناعة التغيير وهي الأجدر والأقدر أن تحقيق الأهداف السامية للثورة وبناء المجتمع المدني الحديث , نعم أولئك هم من سيسعى لبناء المجد للوطن وعزته لأن المعطيات والحقائق في الواقع المعاش لهذا الوطن تقول بهذه النتائج , بينما نجد توجهات هادي التوافقية (التي تساوي في الوقت الحالي بين الضحية والجلاد ) لم تقدم حتى الأن جديدا في هذا الجانب تؤهله لقيادة التغيير القادم وقيادة الوطن نحوا شواطىء الأمن والأمان . (وكما هي المقدمات تكون النتائج ) .

كما أنني أقر واعترف بكل الفخر والاعتزاز بأنني من المدمنين للاستماع لاحاديث الثائر حميد حد التكرار والإعادة ومن المعجبين بشجاعته واقدامه على مواجهة الظلم والطاغية (وهو ذلك الملياردير الغني عن المواجهة والصدام ) منذُ أن أعلن ثورته العلنية والصريحة في وقت مبكر من الزمن سبق فيه الجميع (من نخب وأفراد ومنظمات واحزاب وهيئات وقادة سياسيين وعسكريين ومدنيين خاصة ونشطاء مجتمع مدني عامة) وعبر شاشات القنوات الفضائية العالمية والمقابلات الصحفية العديدة ولم يكتفي بالمواجهة والنقد في الكواليس وحديث المقايل كما يحلوا لبعضنا أن يفعل .

ولمن لا يعلم فان اللواء الجائفي هو أكثر الضباط في الجيش اليمني مهنية وحنكة وانضباط وهو أحد أهم القادة المميزين لمجريات حرب 1994م وهو ايضا صمام أمان القرارات الأخيرة والفترة القادمة بأذن الله وتعلق عليه الآمال مع رفاقه العظام للانتصار لأحلام الكادحين في الوطن.

أخي الرئيس هادي : لماذا إعطاء كل هذه الأهمية للحوار في وثائق وأدبيات المبادرة الاممية الخليجية وربط مصير ومستقبل اليمن بمقرراته فقط ؟ دون وضع البدائل الأخرى المناسبة للعلاج ؟ولمخاطر ذلك المسار الوحيد للعلاج دعونا نطالب أن يكون الحوار بمن حضر حتى لا تمارس بعض القوى الانتهازية مزيد من الابتزاز لليمن وأهله ..الحوار بمن حضر حبا ووفاءً لليمن وشعبها الحوار لمن يرغب في التأسيس لليمن القادم الحديث المزدهر, ودعونا نقول ان الحضور طوعي و تطوعي وبدون مقابل مادي أو معنوي وسنرى حينها كيف ينصرف عن الحوار المدعين بالشعارات الزائفة والمتهافتين على موائد المؤتمر العامرة ودولاراته الجاذبة ويبحثون عن أعذار واهية لتبرير الانسحاب المفاجىء كما يفعل حاليا الصريمة التاجر ومن تبعه ووالاه ..

كما نرى أن الأفضل للرئيس هادي ولنا جميعا أن يركن لغالبية قوى المجتمع المدني (الفئة الصامتة ) التي يمكن لها ان تكون فاعلة أن هو أحسن التعامل معها وعمل على نهضتها سعياً لتحقيق مطالبها في الغد الأفضل وبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات والقانون ..عوضا عن التقرب للأفراد والنخب الأنانية والخضوع لابتزازها .

أخي هادي : لست من أنصار باسندوة ولا تربطني به أي علاقة من أي نوع لاعن قريب أو بعيد ولكن هل المطالبة بإزاحته وحكومته هو توجه ورغبة رئاسية خالصة أم هي ضغوطات عفاشية ؟ وتأثير قوى العهد الماضي والفساد المتربصة بهِ ؟ ثم اليس باسندوة هو ذلك الرجل الذي عانى ويعاني (أكثر من غيره) من أعباء التركة الثقيلة وكذا من تعرض للحملات المغرضة والخبيثة في المواجهة الحتمية مع الغوغائية المدفوعة من قوى الثورة المضادة والمعروفة لدينا جميعا والتي تراهن على افشال عهد هادي الجديد في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة , نعتقد أن الأجدر بهاديأن يكافى هذا الكهل المقاتل عوضا عن ازاحته وتعزيز الحكومة القائمة بنائبين لرئيس الوزراء يِعينوه على أعباء أعمال ومهام الحكومة في الجوانب الداخلية والخارجية .

معظم المراقبين الداخليين والخارجيين لاحظوا ذلك الأسلوب الرفيع لهادي الذي تميز به وأبدع فيه وهو أسلوب التسريبات الاعلامية كوسيلة فاعلة وناجعة للتمهيد للإجراءات القادمة , ولتوصيل رسائل خاصة للداخل والخارج بعضها محذرة وأخرى للتطمين إلا أنني أكثر إعجابا بما يلي تلك الرسائل المحذرة من سلوك مهذب وراقي و نبيل لهادي في نفيه لصحة تلك التسريبات بتسريبات أخرى مغايرة , فهوا لا يهدف من تلك الرسائل توجيه أي اهانات شخصية للأفراد بل التنبيه والتحذير من تصرفات متشنجة ومغامرة يراد بها أن تلحق أكبر الأضرار بالوطن وأهله ولما لها من تبعات خطيرة لذلك تجدهُ بعد أن تحقق تلك الرسائل مبتغاها يحرص على نفيها بتسريبات اخرى لجبر الأضرار المحتملة وتطييب الخاطر , فلا كيد ولا ضغائن ولا مؤامرات ولا إقصاء أو تغييب للأشخاص (للأخر) كما كانوا يفعلون بخصومهم في العهود الماضية المليئة بالمؤامرات والدسائس ,أنه جهاد النفس في عدم التشفي والانتقام , وحسنا فعل ويفعل .

• هذه الثورة يا فخامة الرئيس .. أعمق، وأجمل، وأعظم من ان تختزل بمجرد تغيير حاكم .