الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٣٠ مساءً

أمة إقرأ .. أم أمة حرب

عبدالسلام راجح
الاثنين ، ٠٦ مايو ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
5/5 ليس رقما عاديا وليس تأريخ إنتاج أو إنتهاء كما أنها ليست طلاسم شعوذة ,بل إنها تعني يوم عيد المعلم هكذا يقولون ويزورون الحقائق فمن متى كان للأم يوما واحدا تحتفل به وحتى متى كان للمعلم يوما يحتفي به وقد صارت ايامه نحسات في ظل حكومات سابقة ارهقته وجعلته مضربا للسخرية والإمتهان والإذلال.

في يوم 5-5 يحتفل المعلم في كل أنحاء العالم عدا بلادي التي أصابها داء البلاده "الجهل" في ظل النظام السابق .الامر الذي حدا بالكثير من المعلمين للهجرة طلبا للرزق الحلال الكافي لمتطلبات وفاتورة الحياة الثقيلة,فحينما صرخ احدهم "تعلم تكن أميرا "كان صاحبنا يرعى البقر والحميرا في دول الجوار أو حارسا أو سائق تاكسي أو بائعا لبعض الأشياء في جولات العاصمة في الفترة المساية أو متسكعا في الحارات بحثا عن دروس خصوصية تقيه شبح الأيجار وارتفاع الأسعار.

تسابقت وسائل الأعلام إلى الإعلان عن حفل التكريم السنوي للمعلم والذي سيحضره الوزير وسيكرم فيه العديد من المدرسين المتميزين كما يصفونهم بالرغم من كون غالبيتهم ممن لهم علاقة متميزة مع مدرائهم لا مع طلابهم ومناهجهم,لست هنا بصدد اصدار الأحكام ولكن الحق يقال أن التكريم خطوة ممتازة ولكن في المسار الغير صحيح وعلى الوزارة أن تكرم في هذا اليوم كل مدرسي الجمهورية بدون استثناء او تمييز فالكل مبدع والكل يكافح ويجاهد عدا أولئك المنقطعين الذين لازالوا يستلمون رواتبهم بالوكالة من أعلى هرم في الوزارة إلى درجة وكيل مدرسة.

في هذا اليوم دعي المدرسون المتميزون لحضور حفل التكريم ,ولكن حدث مالم يكن في الحسبان:
لم يحضر استاذ القران فقد تأخر لدواعي أجبرته على المكوث في البيت إنتظارا لثوبه حتى يجف ولكونه لايملك حق مسواك ليطيب به فمه لأنه سيقابل الوزير.

غاب عن التكريم مدرس التربية الإسلامية لأنه حضر أربعينية التربية الإسلامية التي ماتت من زمانوالسبب كما يقول هو الفقر ولن يحضر التكريم حتى يفي عليا رضي الله عنه بوعده في قتل الفقر الى الأبد الذي هو سبب المشكلة
وافتقد الحفل أستاذ اللغة العربية لأنه أقسم ألا يحضر تكريما حتى يعدل أمير الشعراء شعره على النحو التالي"قم للمعلم وفه التنكيلا ..كاد المعلم أن يكون قتيلا"بعد تعرضه للضرب المبرح من قبل بعض أوليا الأمور وتجاهل الجميع قضيته التي ماتت بوساطة عاقل الحارة"جيد يسلم جيد".

في حين سافر استاذ الجغرافيا في محاولة لتجاوز الحدود التي قيدته زمانا ورمته في أحضان الفقر لذلك فهو في سفر دائم بحثا عن المكان والجغرافيا المناسبة له
بينما كان استاذ التأريخ ساهرا طوال الليلة الماضية يقلب بين كتبه كيف كان حال المعلم وكيف صار الان وفي ظل المقارنة التي سرقت منه ليلته غرق في أحلامه التي صارت ضربا من الخيال.

وبين المناسبات كان أستاذ التربية الإجتماعية يحضر عرسا لأحد أبناء الحارة ولأنه إجتماعيا من الطراز الأول وخدوم لمجتمعه فهو يرى أن التكريم الحقيقي هو خدمة أبناء مجتمعه البعيدة عن أضواء الكاميرا.

وفي المستشفى كان أستاذ العلوم يحتضر بعد إصابته بسرطان في البلعوم ولا يعلم حاله إلا الله وكرامة الميت دفنه
كذلك الحال بالنسبة لأستاذ الرياضيات الذي ضاع بين حسابات الحياة , فبالرغم من قدرته على حل المسائل المعقدة , و دائما ما يقول للطلابه أن لكل مشكلة حل إلا أنه أكتشف أن هناك مشكلات عديمة الحل لم يتطرق لها أحد غيره , وهي أن الذي يبني بيوتا للأخرين"المقاولين"يستلمون اضعاف رواتب من يبنون عقول الأبناء"المعلمين"- وأن المعلم في دول الجوار يستلم اضعاف ما يستلمه..ولذا غاب معلم الرياضيات لأنه يبحث عن حل لهذه المسألة المحيرة.

غاب عن الحضور أستاذ اللغة الإنجليزية الذي كان أثناء حفل التكريم يعمل مترجما لدى وزارة السياحة
غابت التربية بعد أن صار التأليم بديلا عن التعليم ,والإهانة من قبل الجميع بديلا عن التكريم الدائم
غاب الجميع لأن كرامة المعلم ضاعت ولم يبحث عنها أحد سوى مدرسي التأريخ.

أخيرا ...سئل مهاتير محمد عن سر تقدم ماليزيا أجاب بكلمة واحدة مكررة"التعليم"التعليم".....
ورئيس الوزراء الياباني اجاب على نفس السؤال"لقد جعلنا راتب المعلم كراتب الوزير".

وفي اليمن تجيب الحكومات المتعاقبة أن فشل الدولة سببه "إهمال المعلم ورفع ميزانية الجيش لأننا لسنا أمة إقرأ بل أمة حرب".