السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٥ صباحاً

صالح والرقص على رؤوس الثعابين

موسى العيزقي
الاربعاء ، ٢٨ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ٠١:٠١ مساءً
قبل حوالي عامين، وفي حديث تلفزيوني وصف الرئيس علي عبد الله صالح صعوبة حكم اليمن بأنه يشبه الرقص على رؤوس الثعابين. تشبيه صالح هذا رآه البعض يعكس رؤيته السياسية تجاه شعبه، ويكشف حقيقة بقاءه في الحكم كل هذه الفترة، وهو ما كان ليتحقق لولا تحالفه مع شيوخ القبائل النافذين، وإحاطة نفسه بنواة صلبة من المقربين الأوفياء له ولنظامه، خصوصاً أفراد أسرته الذين وضعهم في مواقع حساسة في النظام.

وإذ كان صالح الذي تولى الحكم في شمال اليمن 1978م، يخرج في بعض الأحيان منتصراً من معظم الأزمات والتحديات التي كان يواجهها،إلا أن المعطيات اليوم على الأرض تشير إلى نهاية ربما غير متوقعة له ولنظامه،خاصة وهو يواجه الشعب اليمني بكل فئاته ومكوناته الحزبية والقبلية، ولم يعد الأمر مقتصراً على كيان بحد ذاته.

لقد تعددت الروايات والتكهنات بخصوص نهاية حكم الرئيس علي عبد الله صالح، وذلك ما سنتعرف عليه في هذه التناولة السريعة :

** نهاية مأساوية **
بحسب استطلاع لمجلة (كل الوطن السعودية) فإن هناك أربعة تكهنات يتداولها اليمنيون تضع نهاية مأساوية لصالح.
وتختلف هذه التكهنات في أسلوب سقوط علي عبد الله صالح من الحكم، فالبعض منها يقول إن صالح لن يقتل وأنه سيرحل بعد حرب ضروس، وأخرى تقول إنه سيلقى القبض عليه وسيحاكم ويقتل.
ومن أبرز تلك التكهنات وأكثرها شيوعا بين اليمنيين تلك التي تقول بأن علي عبد الله صالح لن يرحل عن الحكم إلا بعد أن تشهد العاصمة حربا ضروسا تسيل فيها الدماء إلى الركب بعدها سيغادر السلطة ويأتي بعده رئيس تنمو البلاد وتزدهر في عهده ويرتاح الناس كثيراً.

لكن تكهنا آخرا ينسب إلى أحد أشهر العرافين اليمنيين لا يرى فيه أن ما حدث بصنعاء من حرب بين آل الأحمر وقوات الرئيس صالح هو آخر الفصول قبيل مغادرته السلطة، فهذا التكهن يقول إن علي صالح سيرفض التوقيع على إنهاء حكمه وهو ما فسره البعض بمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي.
ويقول التكهن إن صالح سيغادر إلى السعودية بعد حرب مع آل الأحمر دون التطرق إلى إصابته، وأنه سيعود من السعودية، وبعد ذلك ستحدث حربا طاحنة بين آل الأحمر وعلي عبد الله صالح، تتداعى فيها كل القبائل اليمنية وتحيط بمنزل الرئيس، وتلقي القبض عليه ويسحب في شوارع صنعاء ومن ثم يُقتل.
أما التكهن الثالث فينسب إلى يهودي يمني طاعن في السن مقيم في أمريكا يقول التكهن إن ذلك اليهودي الذي يعمل في السحر قال لأحد الطلاب اليمنيين في أمريكا متسائلا: (هل ظهر الجامع الكبير الذي سيبنى في صنعاء؟ وحين سأله ذلك الطالب عن السبب قال (إنه سيتم بناء جامع كبير في صنعاء يأتي إليه الناس كمزار سياحي لروعة العمارة التي بُني بها فعندما يُبنى وينتهي البناء فيه بعدها تكون نهاية علي عبد الله صالح قد أوشكت.

ولم يشر هذا التكهن إلى النهاية التي سينتهي إليها شخص الرئيس علي عبدا لله صالح، وإنما توقع أن يحكم اليمن بعد علي عبد الله صالح رجل يبدأ إسمه بحرف الياء،وأن اليمن في ظل حكمه سيعيش أمنا وازدهارا وسيشعر الناس بالراحة ".ويقول الناس الذين يتداولون هذا التكهن إن الجامع الكبير هو جامع الصالح الذي افُتتح قبل ثلاث سنوات من الآن وكما يقولون إن كلام ذلك اليهودي موجود في كتب اليهود وأنه ليس تكهناً مشيرين إلى أن تلك الكتب لم تذكر إسم الرئيس علي عبدا لله صالح، إلا أن الرئيس الذي سيظهر الجامع في عهده سيستشري في حكمه الفساد والحروب والرشا،ويتقاتل اليمنيون فيما بينهم،ويشرد اليهود من ديارهم، وتنهب ممتلكاتهم.
أما التكهن الرابع فتعود بداية فصوله إلى العام 2004،العام الذي اندلعت فيه الحرب الأولى بين الجيش اليمني والحوثيين، حيث يقول هذا التكهن إن سبع حروب ستحدث قبل نهاية علي عبد الله صالح خمس منها بصعدة واثنتين منها بصنعاء بعدها سيغادر الرئيس الحكم.

ويقول هذا التكهن إن الحرب السابعة ستكون في صنعاء، وأن الدم سيسيل بسببها إلى الركب، وأن علي عبدا لله صالح سيحاول الفرار لكنه لن يتمكن وأنه سيقتل..

ويفسر أصحاب هذا التكهن الحرب التي اندلعت في بني حشيش بين الحوثيين والجيش في الحرب الخامسة بأنها الحرب الأولى التي تشهدها صنعاء وأن الحرب الثانية هي التي ستنهي حكم صالح.

وبحسب المجلة نفسها فأن اليمنيون الذين يتناقلون هذه التكهنات لا يتناقلونها على أنها أقوال منجمين حرم الإسلام تصديقها،ويقول من يؤمنون بها إن هذه حسابات فلكية، ويطلقون عليها "حسبة" وليس تكهن، لذا فإنهم لا يرونها محرمة،وفي المقابل فإنهم يقولون إن هذه الحسابات يمكن أن تصيب ويمكن أن تخطئ.


دول الخليج هل ستغير موقفها من صالح ؟
يؤكد بعض المحللين الاستراتيجيين في دول الخليج العربية أن دول المجلس ليست ضد مطالب الشعب اليمني، ولا ضد إرادته، فمن حقه أن يقرر من يحكمه، ويختار إدارة دولته بالطريقة التي يريدها،
ولكنهم يعزوا عدم إعلان دول المجلس موقفا واضحاَ من صالح صراحة بسبب تخوفهم على مستقبل اليمن في ظل ما يصفونه بعدم الوفاق الكامل بين أطياف المعارضة، المتمثلة بأحزاب اللقاء المشترك، وشباب الثورة السلمية، وقوى الجيش المؤيد للثورة، وكذلك ما تسمى بمعارضة الخارج، والحوثيين، والحراك الجنوبي السلمي وغيرها.

( المعارضة اليمنية لم تستطع الإجماع على صيغة لحكم اليمن مستقبلاً كبديل للرئيس على عبد الله صالح) هذا ما يؤكده ابرز المحللين الاستراتيجيين في بعض دول الخليج.

فهناك مصالح لكل حزب وهذه المصالح ترتبط بالنزعات الانفصالية، كما هو حال الأحزاب الجنوبية، أو بأجندة مذهبية كما هو في صعدة، أو الأحزاب التقليدية التي تسعى إلى الحكم منذ فترة طويلة، أو الجماعات الليبرالية التي تحلم بنهاية حكم العسكر، إضافة إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية وهي ليست قليلة في اليمن، وكل ذلك يأتي في ظل انقسام في الجهاز العسكري والأمني وإن كان في غالبيته مؤيد للرئيس علي عبدا لله صالح وتحت إمرة عائلته.

ما يزيد هذا الوضع المعقد تفاقماً هو دور القبائل التي ستبحث عن من يستطيع توفير مطالبها ولا يقلص نفوذها التقليدي، إضافة إلى وجود كميات الأسلحة الموجودة لدى اليمنيين التي يستحيل سحبها من شعب يعتبر السلاح مثل القوت اليومي.

كما أنه من المعروف أن عناصر تنظيم القاعدة منتشرون في اليمن ولهم تواجد كثيف ومن الصعب تعقبهم بسبب التضاريس والطبيعة الجغرافية لليمن، ناهيك عن وجود متعاطفين معهم يوفرون لهم الحماية والعتاد، كما لا يمكن تجاهل وجود تأثير حقيقي لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم في الشارع السياسي، كل ذلك يهدد بنشوب حرب أهلية طويلة المدى في هذا البلد المتخم بالمشاكل، والمثقل بالأعباء ما لم يتم إرساء حل سلمي مقبول من جميع الأطراف ومن دون جور طرف على حقوق آخر.

وإذا كان البعض لا يتفق مع هذا الرأي، فأن هناك من يرى بأن المعارضة اليمنية أثبتت وجودها من خلال التحالفات التي بنتها فيما بينها على الرغم من وجود اختلافات وفوارق جوهرية.

أما بخصوص عدم وجود شخصية تقود مرحلة ما بعد صالح فهناك الكثير من الشخصيات ذات الرصيد الوطني سوى كانت في الحزب الحاكم أم في المعارضة، فهناك نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي والذي يحضى بقبول وتوافق من الجميع، وهناك الدكتور ياسين سعيد نعمان والذي يحضى هو الأخر بشعبية كبيرة وسط الشارع اليمني، وبإمكانه أن يكون رجل المرحلة المقبلة إذا ما أُتيحت له الفرصة.

أخيرا ..بما أن المعطيات على الأرض لا تنبئ عن انتقال سلس وآمن للسلطة كما يتمنى البعض، لذلك من الضرورة البحث عن حل يضمن الاستقرار،ويحد من خطورة دخول البلاد في دوامة من العنف.

وباعتقادي فأن الحل يعتمد على تشديد المجتمع الدولي بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص ضغوطاتها على الرئيس علي عبد الله صالح من اجل التوقيع على المبادرة الخليجية، التي تقدمت بها دول مجلس التعاون- والتي على- الرغم من كونها مجحفة بحق الثورة إلا أن مصلحة اليمن وأمنها واستقرارها يتطلبان منا جميعاً تقديم التضحيات والتنازلات، وهو ما تم بالفعل من قبل شباب الثورة ومكوناتها المختلفة.

فالشباب الثائرين في الساحات والميادين لا يرون أي مانع تجاه أي حل يضع حداً لإراقة الدماء ويحقق لهم مطلبهم الرئيسي بالرحيل الفوري للرئيس صالح، ويلبي لهم كافة طموحاتهم ومطالبهم التي خرجوا من اجلها منذ ما يزيد عن 7 اشهر.

وهذا هو الحل باعتقادي وهو الضامن لضبط إيقاع الحياة، وتجينب البلاد ويلات الانزلاق في أتون حرب مدمرة لا سمح الله.