الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٣ مساءً

الكتابة ..... بُقعة ضوء لا تنتهي

جلال غانم
الثلاثاء ، ٠٧ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
لقد افتقدت الكتابة , افتقدت الاستنشاق بقوة الفرد المُتعب والمُتهالك بين توزيع عواطفه بمقاسات ضغط عالية , وبين العودة الحميمة المصحوبة بنبض جديد .

ما معنى هذا الذي نكتبه .....؟

ماذا عندما يختلط النضال بعنفوان الحاضر الذي لا ينتهي في لحظة انتصار آنية ...؟

أشياء كثيرة تجعلنا نُراجع ما كتبناه يوما ما .... كتابات الأزمة , والصُراخ والغضب , كتابات مرحلة ازدهار العُنف السياسي ...!

ما نكتبه أحيانا لا يتجاوز رسائل الحنين ونبض التواصل كـــ الذي حدث بين الرائعة مي زيادة وجُبران خليل جُبران بقدر ما يعني ذلك كتابة هذا الواقع المُتجلد والمتجرد من عكفة سياسي ومُثقف وكاتب وتابع ومُستقل وأحيانا أخرى بين نشاطات إنسانية وسياسية لا تمت بصلة لذواتنا ورغم ذلك نحسب كُل ميزاتنا وتحركاتنا جُزء من نضال لا يموت بالرغم أننا نعرف مُسبقا أنه يتلاشى بين صِدام حزبي ضيق وبين جماعات سياسية ودينية ضيقة الأفق وبين كُل هذه الأسماء التي نملٌ عند ذكرها نعرف جيدا أننا نسير في طُرق بلا خارطات واضحة المعالم سوى أننا نُردد في لحظات الغفوة والبؤس أننا سوف ننجو تيمناً بلحظة إيمان جلبناها من داخلنا فجأة واستدرجتها الذاكرة في لحظة من تعاليم الطفولة المختلطة بين الفضيلة والأمل الذي يتغلب في نهاية المطاف على كُل الانكسارات ..

حقاُ إن طُرق العيش تتجاوز في بعض الأحيان القراءة والكتابة , تتجاوز تطلع مُثقف وكاتب وبين قارئ للأحداث .....!

إننا مازلنا نهاب مخافة السُقوط , نخاف أن تتحول حُروفنا إلى مُجرد استهلاك وعبث يومي , نعيش على إيقاعه ونتحرك في أحيانا أخرى على ردة فعل القارئ من ما نكتبه وندونه من أفكار .

قليلا من الكلمات ترضينا , ونقتنع بمفعولها للقضاء على حالات الاضطراب اليومية التي نُعانيها , وقليلا من الحُب كفيل بأن نتحول معه من بؤساء وقارضي روايات إلى كائنات أكثر قُدرة على تلمس نبضات الحنين وإيقاع العواطف التي تزيل كثير من اليأس وكثير من الاحباطات المتتالية .

رغبات مسجونة , ومكبوتة لا نعرف كيف نفضي بها إلى واقع رحب يستطع أن يتحمل كل آلامنا وصُراخنا كي نختلط به ونمنح حاضرنا بعض من فُسحة الأمل كي نعيش دون أن نشعر بعبء هذا الحاضر وبأوجاعه المُرررة.

مُنشرحا وسعيدا , مُتفائل ومؤمن بنضال الأشخاص في سبيل تحرير العقل من الأمراض الدينية التي ورثناها , في سبيل منح جيلك مزيدا من التطلع لمن حولهم كي يكتشفوا أننا قادرون على قول ما نريد دون أن ندفع مزيد من الدم , دون أن يتحول صُراخنا ونزيفنا إلى سلسلة من الاحباطات والأمراض التي تُخلف ورائها جيل ميت غير قادر إلا على البُكاء والكتابة من وراء الجدران الموصدة .

فُسحة أخرى يجب أن نحملها بجانب ضريبة الحياة والزمن والعبء الثقيل المُلقى على عاتقنا باعتبارنا جيل الثورة , جيل البيع والشراء , جيل المس الشيطاني العظيم .....

شُهور خرساء , وأيام صعبة المُحال في ظل الوجوم وعدم القُدرة على الكتابة , وعلى منح لحظاتنا صُمود وتحمل أكثر .

ها أنا أفعل اليوم من جديد وأعود لمُتابعة صراع البقاء مع الكلمة كي نمنح القادم معاُ بُقعة ضوء لا تنتهي , ولندع الأيام ترسم قادمها بضوء حُروفنا وبوحنا الشعشاع .