الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥٤ مساءً

الكيان العدو والدخول المباشر على خط الاحداث في سورية

عبدالوهاب الشرفي
الاربعاء ، ٠٨ مايو ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
نشط الكيان العدو في الفترة الاخيرة ووجّه عدد من الضربات لعدد من الاهداف في سورية , ولعل الضربة الاخيرة هي اوسع ضرباته , فقد طالت ثلاثة مواقع دفعة واحدة , واحدثت دويا عاليا سواء من حيث الانفجارات او من حيث خبر الاعتداء والذي تناولته مختلف وسائل الاعلام بكثافة . والسؤال هو ما دافعه لفعل ذلك في هذة الفترة الاخيرة ؟.

قد تتضارب الآراء حول ان الكيان العدو هو احد من يقفون وراء دعم المسلحين الذين يقاتلون النظام في سورية ام لا , ولكن لامجال للخلاف حول ان ما يحدث في سورية فيه للكيان العدو مصلحة كبيرة . فالنظام السوري لم يتم ترويضه ولم ينخرط في عمليات " التطبيع " معه باي صورة من الصور , كما انه نظام يتحالف مع ايران وحزب الله وحماس والتي تمثل معه محور المقاومة ضد هذا الكيان العدو .

كما ان الآراء قد تتضارب عن وجود تعاون وتنسيق بشكل واعي وممنهج بين المسلحين وبين الكيان العدو ام لا . ولكن لا يمكن الاختلاف في ان هذا الكيان قدم دعما ومساندة للمسلحين بصورة ما ولو حتى رمزية كمعالجته لبعض جرحاهم .

الولايات المتحدة الامريكية الحليف الاكبر للكيان العدو والملتزمة علنا في كل مناسبة بأمنه هي داعم مباشر للمسلحين , ماديا وسياسيا ولوجستيا ومعلوماتيا وتدريبا واستخباراتيا . ولاشك ان ما يحدث في سورية هو ذو صلة مباشرة بأمن الكيان الذي تحالفه وتلتزم بأمنه , ولابد ان امنه مأخوذ في اعتبار الولايات المتحدة في كل موقف او خطوة تقوم بها في هذا الملف .

القراءة المنهجية للأحداث التي تجري في المنطقة تصل بنا الى قناعة بان الكيان العدو وحليفه الولايات المتحدة قد اصبحا على دراية واسعة ودقيقة بكافة تفاصيل منطقتنا , عسكريا وسياسيا وتاريخا واجتماعيا وعرقيا ودينيا ومذهبيا , كما ان لهما تفوق على منطقتنا في كل شيئ , خصوصا في المعلوماتية والاعلام والاستخبارات . وهذا الامر منحهما القدرة على تحريك العديد من الملفات والكثير من الجماعات في المنطقة , و دون شرط العلم دائما لمن يحرّكون بانهم يحركان منهما او من احدهما ولخدمة اهدافهما ولو بالتشارك مع بعض اهداف من يقومان بتحريكهم .

على ذلك يمكن الخروج بقناعة ان الكيان العدو كان يعوّل في تحقيق اهدافه في سورية على المسلحين , معتمدا في ذلك على تدخل استخباراتي مباشر منه وغير معلن , وبالطبع معتمدا بالدرجة الاولى على المسّك القوي بكل تفاصيل ملف المسلحين في سورية من قبل الولايات المتحدة , البلد الحليف والملتزم بأمن هذا الكيان .

عامان وشارفنا على ان تكون ثلاثة اعوام من الاحداث في سورية والكيان العدو يقف عند اعتماده على المسلحين لتحقيق اهدافه , ولم يتدخل مباشرة وعلنا في الاحداث الا في الفترة الاخيرة .وعلى الواقع لم يكن هناك مانع يمنعه من التدخل وزال هذا المانع في الفترة الاخيرة . فقدرته العسكرية هي ذاتها , والموقف الداعم امريكيا واوروبيا والصامت او الفاتر عربيا سيكوّنا ذاتيهما في اي وقت , والتخوف من ردود افعال محور المقاومة تجاه تدخله أيضا لازال هو ذاته . اذا فلماذا لم يتدخل مباشرة الا الان ؟! .

ما ضربه الكيان العدو في سورية هي اهداف ذات دلالة , فما ضربه في كل مرة هي مراكز علمية وبحثية عسكرية وبينها مدنية , وهذه الاهداف بطبيعتها لا يقوي ضربها المسلحين ولا يضعف النظام السوري في مواجهتهم , بل على العكس هو امر يضعف المسلحين باعتبار ان إظهار فرحهم بهذه الضربات سبب حالة من النقد والامتعاض والرفض من الكثير ممن يتعاطفون معهم . وعلى ذلك لم يكن لضربات الكيان العدو في سورية اي بعد يتعلق بمعارك المسلحين مع النظام في سورية .

في الفترة الاخيرة من اصطفوا سياسيا وعسكريا في مواجهة النظام السوري اختلفوا , وخرجت خلافاتهم الى العلن . فقد المسلحون الكثير من الشعبية التي كانوا قد تحصّلوا عليها تحت شعار " ثورة " , وتنامت الحركات المعارضة لما يقومون به في سورية والمؤيدة للجيش السوري بشكل ملحوظ . تراجع المسلحون في ادائهم على الارض بشكل ملحوظ , وتمكن الجيش السوري من الحسم والسيطرة بشكل كبير في اكثر من مكان . استنفذ الكثير والكثير من الاموال واصبح تمويل المسلحين مثقلا لمن يقومون بذلك وبشكل جدي . واخيرا ارتفع صوت الحوار واصبح ضاغطا على الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة حليف الكيان العدو والملتزم بأمنه .

اصبح المسلحون في اسوء حال لهم في مواجهة الجيش السوري منذ بداية الاحداث , ولم يعد من الممكن الاستمرار في تحقيق الاهداف المطلوبة للكيان العدو عن طريقهم , بينما لازال هناك من الاهداف ما يجب تحقيقه وهو ضرب مواقع الابحاث ومراكز العلوم في سورية التي تساهم في تطوير القدرات العسكرية لمحور المقاومة , والتي لم يتمكن المسلحون من ضربها ضمن " ثورتهم " على النظام . وكان لابد من ان يتدخل الكيان العدو مباشرة لضربها بنفسه , قبل ان ينحسر المسلحون في سورية ويصبح ضربها امرا اكثر تعقيدا واكثر مجازفة , وهي مجازفة قد تصل الى تهديد الكيان العدو برمته اذا جاوزت سورية ازمتها الحالية .