السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٩ صباحاً

يافخامة الرئيس تصرفت " صح "

عبدالوهاب الشرفي
الجمعة ، ١٠ مايو ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
تماما كغيري تفاجئت عند صدور قرارات التعيينات في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ان تأتي تشكيلة رأسه جهاز الرقابة والمحاسبة بهذا الشكل الذي اقل ما فيه انه ليس بمستوى حجم الحاجة للرقابة والمحاسبة في هذه الفترة بالذات , والتي كانت تفرض على فخامة الرئيس هادي ان يكون اكثر عناية في اختيار تشكيله قيادة هذا الجهاز باعتباره من اهم اجهزة مكافحة الفساد الذي لم تعد مواجهته بالهينة.

الحقيقة انني اصبت بالتأزم عند صدورها , فلم اكن انظر للقضية فقط من منظور خطاء الاختيار لبعض الاسماء التي صدرت لها قرارات جمهورية نظرا لكلام عن تورطها في اعمال فساد , فكيف يوكل اليها ادارة احد اجهزة مكافحة الفساد ؟! . كما لم اكن انظر اليها فقط من منظور الحاجة للاعتناء بأجهزة مكافحة الفساد الذي يعد جهاز الرقابة والمحاسبة احدها , كون ضبط باقي مؤسسات الدولة يترتب على اداء هذه الاجهزة بشكل كبير . ولكن كوني محاسب قانوني كنت انظر الى القرارات من منظور اضافي هو منظور المهنية .

جهاز الرقابة والمحاسبة هو جهاز تخصصي , ادائه يجب ان ينضبط وفق معايير اداء محددة كيما يكون فاعلا وكيما يفلح في تحقيق الغرض الذي تم انشاءه من اجله , وعندما يكون في قيادة هذا الجهاز من لا يمت لطبيعته باي صله فهذا يؤثر سلبا على مهنيته وبشكل كبير .

لو عدنا لسنتين الى الوراء فان امر كهذا هو مصيبة بكل المقاييس , فالقرار الجمهوري صدر ولن يقدر احد ان يغير الحال في شيء . فالقرار الجمهوري " معصوم " ولا يمكن ان يخطا , وعندما يصدر قرار جمهوري لا يمكن لأي قوه في البلد ان تفكر في تغييره , حتى ولو اجمع الجميع على خطائه . فقد كان ينظر الى التراجع عن اي قرار جمهوري بمنظور سلبي يقوم على ان التراجع عن قرار جمهوري مهما كان خاطئ هو امر يضرب هيبة الدولة ويمس سيادتها , مع ان الحقيقة هي العكس تماما , فأي شيء اكثر رجاحة من العودة عن الخطاء , وهو امر يصدق في حق الفرد كما يصدق في حق الدولة , لان الدولة عندما تخطى ولا تتراجع عن خطئها يتم النظر اليها كحامية للخطاء وهذا الامر يخدش شرعيتها.

اثبت فخامة الرئيس هادي للجميع ان ثمة شيء تغير , وما تغير هو في غاية الاهمية ليس لكونه يؤثر هنا او هناك او لأنه يمس فلانا او علان , او لأنه يعجب طرفا ولا يعجب اخر, ولكن لأنه يغير احد المفاهيم التي رسخت في عقولنا على مدى عقود . فأخيرا تم اعادة الامور الى نصابها , القرار الجمهوري ليس معصوما ويمكن ان يخطا , وفخامة الرئيس لديه الثقة ولديه الشجاعة التي تجعله يتراجع عندما يكون هناك خطاء .

خطوة مميزة كالتي اقدم عليها فخامة الرئيس هادي بإلغاء احد القرارات الجمهورية التي اصدرها - وأوكد " اصدرها " – هي خطوة لا تنعكس ايجابا على الموقع الوظيفي المتعلق به القرار فقط , ولا على الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كمؤسسة كوحدة , ولا على فترة فخامة الرئيس التي بقي منها القليل وحسب . بل انعكاسات هذه الخطوة الايجابية ستأثر على على البلد برمته ,وستكون فاتحة في تغير مفهوم القرار الجمهوري للمستقبل .

خطوة كهاذة بقدر ما اتمنى على فخامة الرئيس ان يراجع مكان الخلل الذي مر منه مثل هذا القرار الجمهوري ويعمل على معالجتها لتلافي حصول ذات الشيء مستقبلا ما امكن ذلك , بقدر ما اشيد بموقفه الشجاع والمسئول والواثق . ولاشك سيسعى من تضرر من هذة الخطوة الى اللعب على وتر " عصمة " القرارات الجمهورية وعلى هيبة الدولة , وسيحاولون تصوير الامر انه خطاء فادح , ولكن من سيفعلون ذلك هم من لا يعنيهم في الامر الا ان ظررا قد طالهم وعندما يطالهم ضرر فذلك هو "الخطاء الفادح " في منظورهم حتى لو هو عين الصواب . بصفتي محاسب قانوني معتمد اقول لفخامة الرئيس لقد تصرفت بالطريقة الصحيحة .