الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٨ مساءً

العيش في ثلاجة الموتى !

أشرف الكبسي
الجمعة ، ١٠ مايو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
إن كنت تعيش على هامش الحدث ، تشكو ظلام الدار وظلمة المسار ، تعاني سوء الحال وقلة الحيلة ، وتشعر بالخذلان لربيع طالما راهنت عليه ، فأزهر أشواكاً في حدائق أمالك القافرة ، وأحلامك الحائرة ، ترى الغروب في الضحى كما في غسق الدجى، وتبحث من حولك عن ذاتك ، فلا تجد لها وطناً إلا على خارطة مُلقاة على القارعة ، إن كنت كذلك ، فلك أن تضحك بمليء فيك ، وتقهقه عالياً فتلك شر البلية ، والضحك عليها آية الحكمة..!

إن كنت كذلك – وهذا حالنا جميعاً – فدع عنك وقارك المتكلف عبثاً ، وحذرك الأجوف خوفاً ، ورصانتك المتجهمة بؤساً، وانظم إلينا في حزبنا القديم الجديد ، فعضويته لا تتطلب منك سوى أن تضحك ، وأن تبتسم ساخراً من الجور والجوار والحوار ، هازئاً بالسياسة والكياسة ، ومحاذير الاجتماع والبلاغة ، فالعيش في ثلاجة الموتى ، لا يخضع للقواعد وآداب الموائد ، ولا يعبئ بالضرورات وحجم الفوائد !

إن كنت كذلك – وهو حالنا جميعاً – فاطرق وحيداً باب الله المفتوح ، بلا مذهبية عمياء ولا عصبية خرقاء واجتهادات جوفاء ، واشك له وحده – وعلى طريقتك – غائر الجروح ، وقل له بصوتك المبحوح: يا رب الأرباب ، ومالك المفاتيح والأبواب ، المطلع على الذهاب والإياب ، من لا تحده المسببات والأسباب ، الحاضر أبداً عند الغياب ، الموجود حقاً بلا ارتياب ، إن كان هذا حكمك فلك القضاء ، وإن كان ذنبي فمنك العفو ومني الرجاء ، فجاهل قومي سيدي ، والأبله إمامي وحاكمي ، واللئيم ولي أمري وجاري ، والنعل جُل مالي ، والهوان يرتدي وردائي. إن لم تغير اللهم حالي ، وتصلح مقامي ، رحماك ربي عجل مماتي..!

إن كنت تحيا في ثلاجة الموتى ، فلا تحزن ، فبكاء الموتى كضحك الأحياء ، مجرد هباء ، وتجربة المجرب مراراً غباء. أنر شمعة في قلبك ، تضيء بها عتمة الصقيع في جوفك ، ولا تعبئ بالجليد من حولك ، إن لم تذبه نار أحشائك ، وارسم على جدران كهف اعتزالك ، ابتسامة تنير بها ساخراً سواد أيامك وعتمة توقعاتك..!