الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٧ مساءً

السعودية وسياسة الإنقاذ تجاه النظام اليمني

بندر الكلعي
الخميس ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ٠١:٠١ مساءً
لم تكن الثورة الشبابية السلمية في اليمن بدعا في تعامل المملكة السعودية مع الثورات الشعبية المعاصرة والتقليدية
أو حركات التحرر العربية على المستوى القومي أمام العدو الخارجي من قبيل العدو الصهيوني و الهيمنة الغربية ،والمتأمل في مسيرة المملكة وسياسة الإنقاذ التي تتبناها منذ اندلاع ثورة الشباب اليمنية السلمية في إخماد تلك الثورة ودعم النظام القائم ، يرى أن هناك سياسة ملكيه ممنهجه ومدروسة قدمت الدعم المطلوب وبشكل متوازي مع ما تتطلبه كل مرحله من المراحل التي مرت بها الثورة على مدى ثمانية أشهر ، فوفرت لكل مرحله ما تقتضيه من الوسائل السياسية والمادية المناسبة ،مستفيدة من العلاقات الدولية المتينة والإمكانيات النفطية الهائلة التي ترقد فوقها ،ففي مارس الماضي و بعد أن كادا لثوار قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدفهم إثر تهاوي النظام بعد جمعة الكرامة في 18مارس الماضي التي أربكت صالح وأضحى على وشك من تسليم السلطة ، إذا بمجلس التعاون الخليجي يعلن عن المبادرة الخليجية ،التي كان من ظاهرها الرحمة ومن قبلها العذاب، و التي مكنت صالح وبكل ارتياح من الخروج من محنته، وتمكنت من تحويل الثورة إلى أزمة سياسيه ستنتهي بالعفو والمصافحة ، وإزالة كافة عناصر التوتر في البلد ،وهو ما مكن صالح من أخذ نفس طويل و لملمة أوراقه ، ليبدأ جولة جديدة من المناورة بدأها بشن هجوم لاذع على المعارضة عشية رفضه التوقيع على تلك المبادرة في 22/مايو المنصرم ، متوعدا اليمن بآفات عظام وحرب أهليه لا نهاية لها. وبالفعل وفي اليوم التالي تمكن صالح من جر ولو جزء من الثورة ، والمتمثل بالتيار القبلي الموالي لها، إلى مربع آخر في الحصبة ، والذي لطالما حلم به صالح ،محاولا إخراج الثورة عن نهجها السلمي، وشن حملة عسكرية موسعة على الساحات، والتخلص من كابوس لطالما بات يؤرقه ، لكنه سرعان ما تلقى درسا بليغا من أولاد الأحمر الذين كبدوه خسائر فادحه وأخرجوه من الحصبة بكاملها مع معسكراتها ووزاراتها ومنشأتها الخدمية ، ليأتي النصير مرة أخرى من المملكة ،فيتدخل الملك عبدا لله لدى الشيخ الأحمر ،مطالبا الجميع بالتوقف، وإعلان هدنه بين الطرفين، إلا انه ومع تلك الهزيمة النكراء ،ارتأى صالح ان يرد ماء وجهه وكرامة حرسه الخاص، فنزل إلى ساحة التغيير بتعز ليقترف تلك الجريمة النكراء باقتحامه ساحة الحرية هناك بالمدرعات والجرافات وإحراق الخيام بمن فيها من المعتصمين العزل ، ليأتي النصير الآن من السماء وليس من الأرض كما في كل مره، فيحترق جسد صالح بعمليه غامضة ، لم تتضح إبعادها إلى الآن ، وهنا استنفرت المملكة كافة قواها الطبية وبعثت بطائرة إخلاء ملكيه ، لانتشال صالح من بين الأنقاض وخوفا من ست قنابل أخرى ربما تكونا مزروعة في مكان أخر ، وحتى لا تفقد اقوي حليف حكم اليمن ، وبعد جلب صالح إلى السعودية، بدأت السعودية فصلا جديد من مسرحية سياسية جديدة وذلك بالتستر على صحته ،في تعد سافر ومفضوح على حقوق الشعب اليمني وحقه في معرفة صحة وصلاحية صالح للحكم ومدى دخوله تحت المادة 116 من الدستور اليمني ،في تلك الإثناء كانت خطوط الإمداد النفطي مقطوعة على بقايا نظام صالح كما ادعى النظام ، وهنا لم تلبث المملكة حتى بعثت له بـ 3مليون برميل من الخام الملكي لتغطية ذلك العجز ، ولتمده بالطاقة اللازمة في عملية تمويل مشبوهة لعمليات القتل التي كانت تقوم بها في ذلك الوقت بقايا النظام في أبين وأرحب ونهم وتعز في تلك الأثناء، ولتبعث رسالة ملكيه مهمة مفادها نحن سنعطيه النفط ،،، وما إن تعافى صالح من حروقه بفعل الرعاية الصحية والتجميلية الفائقة التي تلقاها برعاية ملكية، عاد ليبدأ من السعودية جولة ثالثه من جولات المعركة مع الثوار ، استفتحها بالتحدي في أول ظهور له، مستفيدا من المنبر الحر الذي سخرته المملكة للتهجم على الثوار والمعارضة ، فألبسته الشماغ الملكي في التحدي -1، وصورته الى جوار الغابة في التحدي -2 ، تاركة له العنان ليتحدث بما شاء ، فهو في العاصمة السياسية للمملكة العربية السعودية.

لكن الثوار تنبهوا أن ثورتهم بات يهددها طول أمدها و أن الحسم الثوري أصبح ضرورة ثورية ووطنية إذا أرادوا لثورتهم أن ترى النور، فقرروا الحسم وبدأت المظاهرات تأخذ زخمها من جديد ،و هنا كانت عائلة صالح بالمرصاد لتلك الاحتجاجات ، فاستخدموا الرشاش ومضاد الطيران على المتظاهرين ليتضح مدى وحشية وقباحة الابن أيضا الذي ظل يتستر وراء أبيه خلال الفترة السابقة، وهنا كان لزاما على المملكة إن تقوم بالدور الضروري والذي يواكب كل مرحلة ، خصوصا بعد سقوط مئات القتلى والجرحى وبعد أن أعلن الجيش المناصر للثورة دفاعه عن المحتجين السلميين وبدا بدحر تلك القوه المعتدية عليهم ،وقام بتطهير أوكار الحرس الجمهوري وقناصته من المكان واستولى على شارع الزبيري ومعسكر التموين التابع للحرس هناك، ليأتي الدور على خادم الحرمين الذي بدوره التقى صالح في اليوم الثاني لمجزرة الأحد الدامية في رسالة واضحة للجميع ،إضافة إلى اعلان المملكة رفضها التصويت لصالح قرار مجلس حقوق الإنسان عن الانتهاكات في اليمن، وفي تلك الأثناء كان الرئيس بالإنابة ينوي التوقيع على المبادرة الخليجية يوم الجمعة الموافق لـ23سبتمبر 2011 وفقا للتفويض الذي لديه ، وذلك كما أوردة الخبر لاحقا صحيفة الحارس الرسمية التابعة لوزارة الداخلية اليمنية ،وإذا بالسعودية ترسل صالح صبيحة ذلك اليوم ، بصورة مفاجئة لقطع الطريق على هادي ،وهذا هو السيناريو المرجح حول سبب عودة صالح وبعيدا عن ما أوردته بعض الصحف البريطانية من فرار صالح أو خديعته للسعودية، أو ما تم تداوله عن طرد السعودية لصالح بعد إمهاله للتوقيع على المبادرة الخليجية، وهذا كله على ما يبدوا غير صحيحا، خصوصا بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لوزير الدفاع اليمني عبر سيارة مفخخة كانت ضمن موكبه ، في محاولة أيضا لتوجيه رسالة لعبد ربه أو ما أكده صالح اليوم بنفسه عندما دعى الشباب لتشكيل مجلس وطني مستقل لتسلم السلطه في إشاره واضحه لعبدربه الذي سيتولى السلطة وفق المبادرة الخليجية.

وقد لخص سماح المملكة لمجيء صالح وخطابه في الذكرى 49 للثورة اليمنية ، كل تلك الأدوار والتناقضات التي كان يتداو لها صالح مع السعودية، و شاكرا لها على ما كل قدمته، مؤكدا تلك اللعبة بقوله انه مع المبادرة و ضد الانقلابات في أن واحد وانه لن ينقل السلطة إلا عبر الصندوق ، ليلتقي في اليوم الثاني جمعية علماء اليمن الموالية للنظام، طالبا منها فتوى صريحة لإضفاء الصبغة الشرعية لقتال المعارضة، التي سيحولها فيما بعد إلى صبغة شعبية لحسم عسكري يخطط له النظام هذه الأيام ضد الذين لا يقبلون بالحوار حسب زعمه .