الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٧ مساءً

ستة من المغتربين يفتقدون في السعودية من قرية واحدة

إبراهيم القيسي
الاربعاء ، ١٥ مايو ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
عندما يموت الإنسان في بيته أمام أهله وذويه يحدث عنه في النفس تسلية وفي القلب قناعة وتنزل على محبيه الطمأنينة والسكينة ويحدث عنه النسيان في الذاكرة نعمة من الله لأن اعتقاد المسلم بالأجل عقيدة راسخة يطمئن بها في حياته عند فقد الأحبة والأقرباء لأنه باعتقاده الإسلامي قد استودع الله قريبه فهو في ضيافة الله وكرمه .

لكن ما حيلة الإنسان عندما يتذبذب في انتظار قريبه في كل لحظاته وأيامه وتطغى عليه الشكوك والأوهام عند انقطاع أخبار الأحبة والأقرباء فلا يدري عنهم شيئا فلا تخبر عنهم الحياة بشيء سوى الصمت المطبق الذي تتردد أصداءه باكية آسية تجرح القلوب بنار الضنى وتلهب المشاعر بجحيم الأحزان .

ولقد سبب الاغتراب المجهول في كارثة إنسانية فادحة راح ضحيتها ستة من الشباب الناهض الذين خرجوا في يوم مشئوم من أيام 1994م من قرية صغيرة هي قرية المرارية التابعة لعزلة سواخ في مديرية كعيدنة التابعة لمحافظة حجة وقد حزم الشباب الستة أمتعتهم وتوجهوا إلى المملكة العربية السعودية للبحث عن لقمة العيش والسعي الجاد من أجل الحصول على مبالغ مالية تعينهم على الزواج وبناء بيت محدود يتناسب مع عش الزوجية القروي .وهم :
1ـ سعدان عبده صالح المري
2ـ أحمد علي عبد الله المري
3ـ حاسر سعدان عبده المري
4ـ أحمد محمد شوعي جربوش
5ـ علي أحمد علي الحجوري
6ـ محمد أحمد عبدالله المرِي

لكن هؤلاء راحوا ضحية الاغتراب المجهول الذي سببه انعدام فرص العمل في الدولة اليمنية في عهد صالح وإهمال الحكومة اليمنية التي تعاملت مع ملف المغترب اليمني في المملكة العربية السعودية بكل برودة جامدة وبكل إهمال مهين ولاسيما بعد إقدام السعودية على إلغاء امتياز العمالة اليمنية بعد أحداث حرب الخليج الأمر الذي ضاعف الأضرار الفادحة على المغترب اليمني الذي اكتوى بنار هذا القرار جورا وفقرا وموتا وهلاكا وبعدها لم يمتلك سوى المغامرة التي تحمل في مضمونها كهوف التيه وغمرات الموت ونيران الضياع .

ولقد ذهب هؤلاء الشباب الستة إلى عالم مجهول منذ عام 1994م فلم يسمع لهم خبر ولم يوقف لهم على نبأ وقد أكثرت الألسنة والتخرسات في الحديث حول مصرعهم منهم من يقول راحوا ضحية مهرب أخذهم وتركهم في الصحراء فماتوا من الظمأ والجوع ومنهم من يقول أكلتهم وحوش البرية في أثناء تسللهم إلى المملكة ومنهم من يقول تاهوا في صحراء البقر في الربع الخالي ومنهم من يقول هم في سجون المملكة العربية السعودية وحقيقة الأمر أنهم فقدوا فلم يعلم بحالهم هل هم في الأحياء أم هم في الأموات ولقد مضى على فقدهم ثماني عشرة سنة وهي مدة كافية تعطينا قناعة تامة بأنهم قد صاروا إلى ربهم بسبب من الأسباب ويبقى وزرهم محمولا على ولاة الأمر الذين لم يبذلوا أدنى سبب من الحفاظ على أرواح مواطنيهم الذين يموتون ضحية إهمالهم في صحاري الغربة وفوق كثبان الهلاك تراهم على اليمين وعلى اليسار يتخطفهم الموت في مجاهل الغربة ويطمرهم النسيان في كهوف التسلل وفي بحار التهريب التي تموج بمد الابتزاز وتجزر بموت الانتهازية الحاقدة .