الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٨ مساءً

الطائرات اليمنية ... وأنفلونزا الطيور

إبراهيم القيسي
الأحد ، ١٩ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
الطائرات اليمنية أصبحت تمثل سربا من الطيور المصابة بأمراض أنفلونزا الطيور المعدي سبب لها هذا المرض عدوى سريعة فأسقطها طيرا طيرا دون تدخل أو إجراء من جهة خارجية سوى التفرج على الحدث تلو الحدث وكأن أمام الدولة مشهد مسرحي تراجيدي تتوالى مشاهده المسرحية في صور عبثية تجلب لمسئولي الدولة التسلية والإعجاب بتتابع تلك المشاهد الدموية الساخنة التي عملت على حصد الكفاءات الشبابية وقتلها وكذا تدمير مقدرات القاعدة الجوية للطيران اليمني والتي أتت على أكثر من ثلاث وعشرين طائرة تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات وهذا المخطط جار على قدم وساق في حركة تناسبية تزداد بالطراد مع تحقيق كل هدف تخريبي ينال من سيادة الشعب اليمني وأمنه ومقدراته الإستراتيجية وحصد أرواح مهندسيه وطياريه إضافة إلى ما تسببه من ترويع الآمنين وقتل المواطنين اليمنيين الذين يستقبلون بين فترة وأخرى سفير الموت والهلاك من الطائرات الحربية في صورة تبعث الرعب والخوف والهلع في حال سماعهم لطائرة تتحرك في جو السماء عندها يتلفتون عن كثب إلى ملجأ أو مغارة تحميهم من غدر هذه الطائرات التي تتعرض لغزو فضائي أو استهداف أرضي ينطلق من ثكنات الغدر المندسة بمضاداتها في بؤر مدروسة تؤتي غدرها كل حين بإذن مبيرها الغادر المأزوم .

ونحن نتعجب من ذلك الصمت المطبق تجاه هذه الأحداث المؤسفة وكأن المسئولين في الدولة يعيشون في حالة من الارتباك والإعياء بسبب عدم امتلاك القرار الفعلي أو التبلد تجاه تلك الأحداث نتيجة ركود إداري ناتج عن خلخلة أمنية يصعب السيطرة عليها والغريب في الأمر أن تلك الطائرات التي تكررت حوادثها حتى أصبحت تلفت النظر تجاه شيء ما يحدث في إطار قاعدة الطيران الجوية ولم يحدث إلى الآن عمل إجرائي يحد من تلك الكوارث على رغم تلك التحقيقات المستمرة والتي لابد أنها أعطت بعض المؤشرات عن الحدث الذي يختبئ وراء الخبر .

هناك في الدول المتقدمة التي تحرس على أرواح مواطنيها وتسعى لإتقان صناعتها حتى لا تحدث سمعة سيئة تطيح باقتصادها وسمعتها الدولية فإنها في حال سقوط طائرة بسبب ما فإن هذه الدول تعلن حال الطوارئ على كل مستويات الدولة وتوقف الرحلات الجوية وتشكل لجنة من الخبراء على مستوى العالم وتقوم بدراسة تلك الحالة المتفجرة والساقطة قطعة قطعة حتى تصل إلى كل الأسباب التي أدت إلى انفجار الطائرة وسقوطها وبعدها تقوم بعدة بروتوكولات خاصة في الارتقاء بمستوى الصناعة والإتقان ولذا فهناك تقنيات متجددة على كل المستويات تعطي مؤشرات سريعة عن مواطن الخلل والفساد تعطي بدورها رؤية ذكية وخارقة لمستقبل التقنية وتطورها في عالم التكنولوجيا الحديثة ونحن إذا قسنا تلك الجهود بما يحدث في قاعدة الطيران اليمنية التي أعطت صورة سيئة عن تكنولوجيا الصناعة وتقنيتها وكذا الإجراءات الأمنية المتدنية تلك الجهود الجبارة تجعل الفرق بين جهود حكومتنا وجهود حكوماتهم كما بين السماء والأرض .

فحكامنا قد مات عندهم الإحساس المرهف بقيمة الإنسان والحفاظ على أمنه واستقراره وكذا الاستهتار بقيمة العتاد والمقدرات المملوكة لهذا الشعب فجل المسئولين يسود أحوالهم الإهمال والتسيب تجاه ما هو مملوك لهذا الوطن فكأن المملوكات الخاصة بهذا الشعب ليس لها في ضمير المسئولين أدنى اهتمام من حفظ أورعاية وهذا يعطي صورة سلبية شجعت على سفك دماء اليمنيين التي أصبحت تراق على ثرى هذا الوطن ظلما وبهتانا وليس لها بواك ولا حواقن تحميها من الصراع السياسي المحموم على السلطة والثروة والبحث عن قواعد جبارة تحمي الذات وصراعها الأناني المسجور وهذا الأمر يعطي المدخل إلى فهم تلك البرودة الثلجية تجاه الأحداث المتسارعة على ثرى هذا الوطن وعدم الحماس الكافي لاتخاذ القرارات الأمنية والوقائية ضد أي استهداف لأمن واستقرار شعبنا اليمني أو هز قواعده الدفاعية أو الاقتراب من اختراقها والعبث بمقدراتها ولذا فلا غرابة إذا استمرت تلك الأحداث بصورة عبثية متكررة تحكي أبشع أنواع الإرهاب الذي يسفح دماء اليمنيين ليل نهار على مرأى من أولئك المسئولين الذين اتخذوا قرارا سلبيا تجاه الأحداث وتفاقمها على الساحة اليمنية المأزومة .

إن الأموال المهدورة والتفريط المتناهي في مقدرات اليمن كل ذلك يعطي عبثية واضحة واستهانة بالأرواح فعندما تسقط تلك الطائرات وتنفجر تلك المخازن من الأسلحة ويقتل العديد من الأبرياء من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ وكذا تخريب أنابيب البترول وقطع كابلات الكهرباء والتقطعات القبلية والاغتيالات المستمرة هذا حال اليمن اليوم لا أمن على الأنفس ولا على الأموال فإلى من يشكو المواطن اليمني ؟ ومن سيحمي أمنه ؟ ومن سيصون دماءه ؟ويرعى حقوقه ويحفظ أمنه واستقراره .

إن تشظي القبضة الأمنية وتفتتها وانقسامها بين ثنائية متضادة ترك الساحة اليمنية مقرا للموت والثبور ومزرعة للإهمال والفساد فلدينا دولة غير قادرة على ضبط الأمن وعاجزة عن ملاحقة المجرمين ذهبت هيبتها وميع قرارها وانفصمت عراها فالقضاء يعيش استراحة المسافر والأمن في إجازة مكوكية والجيش في حيص بيص والمجرمون يسرحون ويمرحون وفي كل لحظة لهم ضحية وفي كل يوم عملية تخريب فجروا أنابيب النفط و قطعوا كابلات الكهرباء والحكومة متمسكة بالصمت المريب ومؤتمر الحوار في جدل رهيب وهناك الكثير والكثير . وحسبنا الله ونعم الوكيل .