الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٠ مساءً

مفهوم براءة الذمة بين توكل وهلال

د. عبدالله أبو الغيث
الاربعاء ، ٢٢ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
نتابع هذه الأيام الجدل الدائر بين الأستاذة توكل كرمان الثائرة الحائزة على جائزة نوبل للسلام وبين الأستاذ عبد القادر هلال أمين العاصمة صنعاء بخصوص حجم الذمة المالية للأخير.

وكانت كرمان قد ذكرت بأن أملاك هلال تبلغ قرابة (80) مليار ريال، وهو ما حدا به ليذهب إلى هيئة مكافحة الفساد وسط هالة إعلامية، وبصحبة أناس قياديين في رئاسة مؤتمر الحوار الوطني وأمانته العامة لم نفهم حتى الآن سبب اشتراكهم في تلك الزفة.

ونحن هنا لسنا بصدد الانضمام إلى أي من الفريقين الذين يدور بينهما السجال بخصوص ذلك الأمر، بين من يرى إدانة هلال، وبين من يرى تبرئته، وإن كان لافتاً تطوع البعض لتبرئة هلال حتى قبل أن يعرفوا حجم ذمته المالية نكاية بتوكل وتصفية لحسابات معها ليس إلا.

ورغم أننا لا نوافق توكل على اعتبارها بأن كل مسؤول مدان حتى تثبت براءته، ونرى أن العكس هو الصحيح بحيث يظل المتهم برئ حتى تثبت إدانته، لكننا نضم صوتنا إليها بأن ما قدمه هلال في هيئة الفساد ليست هي براءة الذمة المطلوبة.
فبراءة الذمة لا تعني فقط تعديد أملاك أي مسؤول، لكن الأهم من تحديد الأملاك هو توضيح كيفية امتلاكها؟ ومصادر ذلك الامتلاك؟ ومدى مشروعية؟

فهلال من خلال براءة الذمة التي قدمها لم يعلن حجم أرصدته البنكية ولم ينفٍ امتلاكه لها، وكذلك لم يحدد لنا حجم عقاراته التي أعلنها وتحديد قيمتها المالية بسعر الزمان والمكان (مزرعة الحديدة وأرضية عدن والعقارات المؤجرة) لأنه يمكن لواحدة منها فقط إن اتسعت مساحتها أن تبلغ قيمتها المليارات.

وصدقت توكل عندما ذكرت بأن الذمة المالية تعني أيضاً تحديد أملاك وأرصدة أقارب المسؤول من الدرجة الأولى، خصوصاً الزوجات والأولاد، فأنا أعرف مسؤولين باتت كل أرصدتهم باسم زوجاتهم، وكذلك أكثر عقاراتهم وأملاكهم صارت مسجلة باسم أولادهم وغيرهم من الأقارب.

ونحن هنا لا نعني هلال لكننا نتحدث بشكل عام لتوضيح سوء فهم معنى براءة الذمة المالية، فقد قرأت لأحدهم مقالاً يعدد فيه أملاكه وعقاراته في العاصمة صنعاء وعاصمة محافظته ومديريته وفقاً لما أسماه براءة لذمته المالية، وهي أملاك كثيرة لا تتناسب مع سنه ومع مرتبه الزهيد الذي أعلنه، لكنه لم يجب على السؤال المحير.. من أين لك هذا؟

أخيراً يظل ما قام به أمين العاصمة خطوة في الطريق الصحيح، لكنها تظل خطوة غير مكتملة، ومع ذلك نتمنى أن يحذوا حذوها كل مسؤولي دولتنا الموقرة من المدنيين والعسكريين، حيث سنظل ننتظر منهم أن يكشفون للشعب عن حقيقة أملاكهم ومن أين اكتسبوها؟ مع تجاوز الأخطاء التي وقع فيها هلال وغيره من المسؤولين الذين سبق لهم تقديم كشوف بأملاكهم إلى هيئة الفساد.

وهي دعوة نوجها من هنا لكل الإعلاميين والناشطين لمتابعة جميع المسؤولين الذي يتهربون من تقديم براءة ذمتهم بحيث نجبرهم على ذلك، أو ندفع بهم نحو الاستقالة أو الإقالة، فلم يعد هناك خيار ثالث في عصر الثورة الشعبية.. أو هكذا نعتقد.