الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣١ مساءً

الوحدة وكارثة العليين ( صالح والبيض)

عباس الضالعي
الجمعة ، ٢٤ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
تهنئة اللواء علي محسن الأحمر مستشار رئيس الجمهورية لشئون الدفاع والأمن للشعب اليمني بمناسبة الذكرى ال23 لإعلان الجمهورية اليمنية في 22مايو 1990م ذكر اللواء في تهنئته القصيرة بكلماتها والكبيرة بمضمونها ودلالتها.

اللواء علي محسن الاحمر يعتبر يوم ال22 من مايو يوم خالد في حياة اليمنيين ويعتبر اكبر منجز تاريخي لليمن وهذا اليوم كان فاتحة خير لليمنيين وألف بين قلوبهم وجمع شملهم بعد فراق قسري استمر لعقود نتيجة الصراع بين النخب الحاكمة للشطرين.

ما يستدعي لتناول تهنئة اللواء علي محسن هو ما ذكره في تهنئته عن الاطماع السياسية والمشاريع الذاتية الضيقة لدى قيادة الشطرين قبل الوحدة وهذه الاطماع هي التي أسست برنامج تدمير الوحدة والذي تزامن مع ولادتها ، وكان اللواء علي محسن صريحا وواضحا لتناوله اول مسمار دق في جسد الوحدة وهو سعي طرفي الحكم قبل الوحدة وقيادة الوحدة بعد 22مايو 1990م ومحاولة كل طرف اقصاء الطرف الآخر والانفراد بالحكم.

الانفراد بالحكم هو المشروع الذي كان يسيطر على كل طرف وتحديدا الرئيس علي صالح ونائبه علي سالم البيض وهدف الانفراد بالحكم قد يكون دافعهم لتحقيق الوحدة.

تحقيق الوحدة كهدف وطني وقومي يعتبر من اهم المنجزات الوطنية التي تحققت لليمن عبر تاريخه الطويل وكانت خطوة شجاعة من الرئيس علي سالم البيض الذي آثر علي صالح وقبل بالتنازل عن منصب الرئاسة دون شروط واكتفى بالقبول بمنصب نائب الرئيس ( الرجل الثاني في دولة الوحدة ) وهذا دليل على شجاعة الرجل ووطنيته وحسن نواياه وهذه الصفات العاطفية والسلوك الوطني للبيض هو الذي دفع بشريكه صالح لتقمص الفرصة لإزاحة شريكه البيض ليس من موقعه كنائب للرئيس وانما بإزاحته عن اليمن.

العمل الإستعجالي الذي سيطر على مرحلة اعداد اعلان الوحدة كان هو البذرة الاولى للخلاف ولو كتب للقائمين على مشروع اعلان الوحدة يومها ان ابتعدوا عن حسن النوايا وعملوا على صياغة اتفاق سياسي يضمن صيانة الوحدة واستمراريتها بعيدا عن المقاسات التي فصلت على حجم و رؤى علي صالح وعلي البيض وهما اللذان استبعدا اشراك القوى الفاعلة في الشطرين ، ولأن مشروع الوحدة كان يمثل هاجسا وهما لكل اليمنيين قبلوا به وهللوا وكبروا له بالفرحة والسعادة ولم يكون عامة المواطنين وغالبيتهم على درجة من الفهم بسوء نوايا شريكي الوحدة وما تضمره النفوس تجاه الاخر.

لو ( وهي من عمل الشيطان وتدل على الندم ) كان للقوى السياسية والنخب المجتمعية بصمة بمشاركتها ومساهمتها بمشروع الوحدة كان هذا يعد من الضمانات القوية للوحدة بدلا ان يخضع مصير شعبين لمزاج واهواء العليين ( صالح والبيض ) وتصرفاتهما التي اضرت بالوطن وبالوحدة ولا زالت الى اليوم
ولهذا ندرك مغزى كلام اللواء علي محسن الذي أقر بأن الشعب اليمني لم يكون شريكا في الأطماع السياسية لأنه لم يشارك او يستشار هذا الشعب على برنامج الوحدة ونتيجة للانفراد بالحكم وخروج النوايا السيئة الباطنة التي كانت مدفونة في عقل الرجلين للسطح كممارسة شيطانية هدمت الجدار المقدس للوحدة وكان للشعب ان يكون هو الضحية مقابل اطماع القيادات السياسية والضحية الأكبر لمشروع السيطرة والانفراد هي الوحدة ذاتها.

اللواء علي محسن يشهد بأن الوحدة تعرضت لكارثة بعد اربع سنوات من تحقيقها ويؤكد ان ارادة الشعب اليمني انتصرت على هذه الكارثة وبشهادة واضحة يقر اللواء بأن الانتصار كان كارثة ايضا لأن الامور سارت على ما كان يسعى له احد طرفي قيادة الوحدة وهو الانفراد والاستئثار بالسلطة وبالحكم وهذا ما تحقق لعلي صالح الذي الحق بالوحدة نكسة لكيانها الوطني وعلي صالح الذي انفرد واستبد وأستأثر بالجنوب ارضا وشعبا وهو الذي وضع حجر فك الارتباط النفسي قبل الجغرافي بسبب سياسته التي تعاملت مع شعب الجنوب كغنيمة حرب وكضيعة خاصة بأفراد عائلته وطاقم المطبلين الجدد على اشلاء وبقايا شعب الجنوب.

المشكلة التي الحقت الضرر بالوحدة جاءت كإشارات في تهنئة اللواء علي محسن وهذه الاشارات هي اعتراف على الخلل الذي ادى الى تدهور الوحدة الاجتماعية بين الشعبين وهذا الاعتراف مهم ويعني الكثير نظرا لموقع اللواء الاحمر ومكانته القوية كركن من اركان المرحلة اضافة الى دوره الوطني في الحفاظ على الوحدة كدولة ومضمون لكنه لم يكون يعرف ان الأمور ستسير بالبلد الى الوجهة الخطأ بالرجل الخطأ والممارسة الخطأ.

اللواء علي محسن لا يخفي موقفه من الدفاع عن الوحدة كدولة والمؤكد ان الوحدة كانت مهددة بخطر أحد الرجلين (علي صالح وعلي البيض ) لان الرجلين ابتعدا عن مهمتهما الوطنية كصانعين للوحدة وتحولا سريعا الى الردة عن الوحدة كلا بطريقته ووسائله وآليته وادواته الخاصة وكلها محركات شخصية وعائلية.

فعلي صالح تعامل الوحدة كمشروع وكهدية اتت بها الأقدار ومثله تعامل البيض ايضا فالبيض جاء الى الوحدة وعينه على الشمال وعلي صالح ذهب الى الوحدة وعينه على الجنوب وعلى هذا فالرجلين تجردا من وطنيتهما في وقت مبكر ولو كانت نواياهم وطنية على الدوام كان الموقف سيختلف لأن الوحدة كانت مهددة بوجودهما وانهما الخطر عليها ولو كان للقوى السياسية مساهمة في القرار واستبعدوا الرجلين من قيادة دولة الوحدة ومن اللحظة الاولى كان هذا يعتبر الضمان الأكبر والأقوى للوحدة وديمومتها.

السير بدولة الوحدة وهي مكسورة الجناح سار بإتجاه التوريث للسلطة مع ضن الرئيس حينها علي صالح خطأ بضمانة وراثة شعب الجنوب الذي تعامل معه كأرضية منحت له دون ثمن ، وعلى اساس تعزيز هدف التوريث والانفراد قام علي صالح بتصفية كل ما يعود لدولة الجنوب وشعب الجنوب وبدأ مشروع التصفية بتصفية الكادر الوظيفي لدولة الجنوب من مدنيين وعسكريين وامنيين وخبرات وحول عشرات الآلاف الى عاطلين ومشردين بهدف ضمان الاستحكام على ارضية عفوا شعب الجنوب وقام بتصفية مؤسسات الجنوب واستولى على الأرشيف والتاريخ والذاكرة واشترى النفوس وعبث كالطفل بدولة كاملة الاركان ضنا منه ان تلك الدولة هي (جعالة) الولد احمد واخوانه ، وكانت الكارثة فعلا حيث ابعد ابناء الجنوب سجنا وتشريدا وملاحقة واتى بجنوبيين زورا وبهتانا دون ان تربطهم بالجنوب أي علاقة فكان نموذج الجنوبي الجديد هو ( عبد الكريم شائف ، ياسر اليماني ، عارف الزوكا ..... الخ ) وبهذا اعتبر الجنوبيين ان فك الارتباط أصدره الرئيس صالح.

التوريث الذي سعى من اجله صالح هو من دمر اليمن وهو السبب وراء ظهور طبقة من المهللين بحمد علي صالح لإجل عيون الولد احمد فكان النهاية لمشروع اليمن.

التوريث هو المشروع الذي قاومه اللواء علي محسن الأحمر وكان لهذه المقاومة التي جند لها اللواء الاحمر كل طاقته وتحققت بإعلانه الانضمام الى ثورة الشباب الشعبية السلمية قي 21مارس 2011م وهو اليوم الذي كتب التاريخ نهاية حكم صالح وحلمه بتوريث اليمن لأفراد من عائلته وكتب ان كانت نهايته على يد قائد الثورة الشبابية وداعمها القوي اللواء علي محسن صالح .

الوحدة اليمنية هي المنجز الذي احتوى هوية اليمن ويجب التفريق بين الوحدة كهوية وبين من ادارها واساء اليها والتفريط بالوحدة خيانة للشهداء والأبطال الذين قدموا أرواحهم قبل ان يتحقق هذا الحلم وخيانة للاجيال القادمة اما هذا الجيل الذي تربى على اغاني واناشيد الوحدة منذ الطفولة يكفي انه كلن شاهدا على الجانب المظلم الذي ترافق معها ورغم هذا الا انه صامد لحمايتها ، ولا يمكن لأي عاقل التفريط بها والواجب يدفعنا جميعا للسعي لإصلاح الخلل من خلال صيغة تضمن بقاء الوحدة كإطار يجمع اليمن واليمنيين
ولا ننسى ان المخلوع علي صالح يسعى لهدم جدار اليمن الواحد لانه سبق وان قال انا الوحدة ومغادرتي للسلطة يعني الانفصال ومن يسعون لفك الارتباط سيقدمون له خدمة على طبق من ذهب لان عودة اليمن الى شطرين هي امنية ورغبة للمخلوع من اجل ان يبقى اسمه رديفا للوحدة.

ابناء الشعب الجنوبي كلهم عقلاء وهم الأكثر وحدوية ورجاءنا لهم ان لا يمنحوا المخلوع علي صالح هذا الشرف ..
أخيرا أتوقع ان الفترة القادمة ستشهد ظهور كثير من الحقائق وأنا على ثقة أن الحقائق المهمة خلال الثلاثة العقود الماضية ستكون من اللواء علي محسن الأحمر الذي يعرف حقائق وخبايا هذه الفترة لأنه الشاهد القوي والأمين ايضا على نقلها من ذاكرته وخزائنه الى الأجيال القادمة.