الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣١ مساءً

يا صالح خلا لك الجــو...فأفسد كما تشاء!

محمد سعيد الجبري
الاربعاء ، ٢٩ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
عندما يكون الحوار من طرف واحد، والبناء من طرف واحد,, ويكون الرهان لفرس واحد، وعندما تطلق الحريات لفصيل دون فصيل، ولرأي دون الآخر، ويوجه الإعلام والأقلام لإطراء فكر وقتل سواه، وإعلاء أناس وسحل آخرين، وعندما يربط الفكر والثقافة والحرية وموافقة القوى المسيطرة أو مخالفتها بلقمة العيش، وبمصائر الناس وسعادتهم أو تعاستهم، بل وبمنحهم الحياة أو استئصالهم منها، يكون من العبث محاولة استكشاف طريق للإصلاح أو معالجة أمراض الأمة، أو بناء إبداعات في المجتمع، أو البحث عن مخرج حقيقي للعثرات والكبوات. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، وأوفر من أن تُعد، حيث تُعقد اجتماعات يتلو بعضها بعضاً، ويأخذ بعضها بحجز البعض الآخر لمعالجة قضايا، أو تخطي عقبات وإشكالات، ثم تنفض هذه الاجتماعات لتخلف وراءها إشكالات أخرى، بل لتكون هي نفسها عقبات وتراكمات تحتاج إلى حلول وعلاجات أعمق، وأصعب، وقد يكون ذلك لأن هذا الفصيل أو ذاك غير مؤهل لهذه البحوث، وهذه الاجتماعات، كأن يجتمع جهلة ليضعوا نظاماً للتعليم، أو تجار للكيف والمخدرات لرسم سياسة الأمة الخارجية والداخلية، أو جملة من المرتزقة وفاقدي الطهارة النفسية والبدنية ليضعوا دستوراً للأخلاق وقانوناً لحماية الفضيلة، أو جماعة من الملحدين والمارقين ليضعوا سياسة دينية وروحية للدولة، فالعدالة المجروحة، والجهالة الفائقة، والحطام الإلحادي، والضياع الإيماني والعقدي يستحيل عليه أن يبني جيلاً أو يقوِّم عوجاً، أو يؤسس لمستقبل واعد. كما أن هذه الاجتماعات غالباً ما تعقد لشيء يراد لها، أو لتبرير خطط أو أعمال وأفعال معينة يقصد تمريرها، أو لتوقيع صكوك غفران، وإنشاء حيثيات لها، أو تكون مسرحاً لإظهار الولاءات والتأكيد على اتجاهات لكسب الحظوة، وتثبيت الخطوة وزيادة الأجرة. إن عدم المصداقية في تلك الاجتماعات وهذه الندوات يشكل جريمة فكرية وبحثية وعلمية يجب الالتفات إليها، والبحث الجدي في تلافيها، حتى لا تترسخ كأسلوب بحث أو كمصدر للمعلومات وطريقة لعلاج الإشكالات، وتكون عوناً لتكريس التهميش الإصلاحي والحضاري والفكري,,كما أنه يكون فرصة لا تعوض لقتل الرأي الآخر الموارَى والمقهور وغير المعترف به، ووسيلة لهدم جمعيات النفع العام، واستئصال العمل الروحي والإيماني والشعبي والخدمي، سواء كان ذلك عن طريق جماعات، أو نقابات، أو اتحادات، أو أندية، ونشاطات إسلامية أو وطنية، أو تحررية، ومناسبة عظيمة لتكريس الدكتاتورية بطريقة ثقافية وفكرية وبحثية، يمكن بها تخدير الشعوب وإثارة ضبابيات حول الحريات والديمقراطيات التي تطمح الأمم أن تتذوقها بدلاً من الصاب والعلقم الذي تتجرعه ولا تكاد تُسيغه,، وبعد أن كان أعداء الأمة التقليديين والعقائديين هم اليهود والصهيونية وأعوانهم من المستعمرين، أصبحوا أصدقاء وأحباء، وتواصلت بيننا حبال المودة ورسائل العشق والغرام، وأصبح كثير من أبناء الأمة وأصحاب الرأي الآخر أعداء قوميين، ونعمل أن يكونوا عالميين، وبعد أن كانت الدولة في الإسلام تقوم على الفكرة، وتوجب على نفسها تبليغ الرسالة، أضحت بلا هوية ولا فكرة، وتوجب على نفسها محاربتها، وقتل رسالتها، وتجريم العاملين لها.

بعدما سمعت ورأيت كلمةُ صالح في ذكري النهدين: لقد هزلت، وتوارت الأعلام، وبرزت الأقزام، وقُتل الفكر القويم، وبرز الفكر اللئيم، وجرى الحمار الأعرج في السباق وحده، فقلت: خلا لك الجو فأفسد كما تشاء ، ولكن هل تسبق العرجاء، وتقود العمياء، وتبدع الخرقاء؟ لا أظن.. لا أظن.

نسأل الله ان يحفظ يمننا من كل مكروه والسلام ختام