الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٣ صباحاً

تعز بين هولكست المخلوع وهولكست هادي

عباس الضالعي
الخميس ، ٣٠ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
تعز الثائرة تتذكر ماساتها بحلول الذكرى الثانية لمحرقة ساحة الحرية التي نفذت بواسطة المجرم قيران وتوجيهات المخلوع ، 29مايو 2011م نفذت سلطة المخلوع واحدة من ابشع الجرائم ضد الانسانية بحق الشباب الثائر وهم عزل آمنين في سكون الليل وفي لحظة غدر مملوءة بالحقد الدفين لثوار تعز وتعز احرق قيران عشرات الخيام بمن فيها من البشر وبتجرد من كل القيم الانسانية والدينية والاجتماعية.

احراق الساحة شاهده الملايين من خلال الفضائيات التي نفلته مباشرة ودون أي تدخلات فنية وكان المشهد سيئا للغاية ولاقت الجريمة ادانة واستنكار شعبي واقليمي ودولي لانها – الجريمة – كانت سابقة وفيها من الجرأة ما لا تقوم به اقوى العصابات عداوة للانسانية.

المخلوع الذي ظل يتعامل مع تعز طوال فترة حكمه بنوع من الدونية تعويضا للنقص المسيطر على شخصه وزاد من حقده على تعز انها السبب في اشعال فتيل الثورة والتمرد على نظام حكمه من خلال قرار شباب وثوار تعز الخروج الى الساحة وتحت شعار الشعب يريد اسقاط النظام وقد تحقق ذلك بعد فترة وسبق ان اسقط هذا الشعار اثنين من اعتى الانظمة الديكتاتورية في كل من تونس ومصر ، وعلى الرغم ان اليمن كانت تفتقد الى النظام الا ان الثورة زلزلت عرش الطاغية وخلعته من الحكم وانتهى بذلك ملامح أي توريث للحكم.

الان وبعد مرور عامين على جريمة هولوكست تعز وبعد ان تحقق للثورة جزءا من اهدافها الا ان تعز لا زالت تعامل بنفس الطريقة التي كان يعامل بها المخلوع تعز ، وكأن المكتوب لهذه المحافظة الثائرة ومخزن اليمن العلمي والثقافي والاقتصادي والحضاري والنموذج المصغر لمدنية الدولة المنشودة ومكتوب لها – تعز – ان تظل وقودا ورافدا لليمن وللثورة وبدون ان يتحقق لها شيء من احلامها وطموحات ابنائها وهذا الشيء في نظر السلطة الجديدة التي جاءت على جماجم شهداء وجرحى وحرقى تعز يعتبر امر في " محل النظر " دون حدود زمنية وعملية وان المطلوب من تعز ان تظل عند حدود تصدير وقود ورفد حاجات اليمن من القوى البشرية والعلمية والاقتصادية والخبرات دون ان تتجاوز تلك الحدود
وتعز التي اوقدت نار الثورة وكانت حاضرة في كل ساحات اليمن من خلال ابنائها المتواجدين على كل التراب اليمني كقوة عاملة ومهنية في كل المجالات ومع هذا فإن ميزان التعامل معها ومع قضاياها لم يتغير الى مستوى المساواة والعدل ولو اخذنا قضية محرقة الساحة بإعتبارها جريمة طازجة ولازالت رائحة الدم تعطر المكان والزمان سنجد ان السلطة لا تعتبر احراق شباب تعز جريمة ولا يستحق المجرمون العقاب او حتى المسائلة.

والثورة التي تصدرتها تعز بالشهداء والجرحى والمناضلين خرجت من اجل العدالة والمساواة وازالة الظلم والتطلع الى مستقبل افضل يسود فيه القانون والمشاركة وانهاء حصار تعز واختصارها بشخص او اثنين يعتمد عليهم الحاكم وينظر لتعز من خلال النظارة التي يضعها هؤلاء الاشخاص.

اليوم تعز تلاقي نفس المعاملة التي كان يسير عليها المخلوع والاكثر من هذا ان تعز تعاقب عقاب ناعم يستهدف حضارتها ويشوه مدنيتها ونموذجيتها من خلال نشر الفوضى وتفكيك القيم الحضارية والثقافية التي تفخر تعز وتنفرد بها كمدينة حالمة ترفض الفوضى وقبيلة الوسط الاجتماعي.

الى الان لم يقدم أي مجرم للمحاكمة ويفترض ان تكرم تعز وتمنح اولوية واهمية ترتقي الى مستواها ومكانتها ماضي وحاضر ومستقبل ويجب ان يهيئ مناخها لازالة الركام الذي خلفه المخلوع بهدف الانتقام من تعز ، تعز اليوم تتعرض لمؤامرة شديدة الخطورة تتمثل في سعي بعض الاطراف لتحويلها الى مجتمع ينتج الفوضى من خلال ادخالات معينة تتعارض مع بيئة تعز الحضارية والثقافية والمدنية.

العدالة يجب ان تتحقق كأبسط حق تقوم به السلطة كمكافأة لهذه المحافظة التي تعد مفخرة اليمن على مختلف الجوانب ، واذا استمر ميزان التعامل غير متساوي في عهد سلطة الرئيس هادي فإن تعز تعرضت عمليا لمحرقتين هما هولكست المخلوع ونفذه قيران وهولوكست هادي وينفذه بقايا المخلوع وتحت سلطة هادي ، وهذا الوضع الذي سيدفع بتعز الى انتاج ثورة جديدة تقتلع كل من يمد عمر النظام السابق بعناوين جديدة .. الرحمة والمغفرة من الله لشهداء تعز وشهداء ثورة اليمن والشفاء لجرحاها وجرحى اليمن الذي لا زالت جروحه ماثلة دون تعافي ... ودمتم.