السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٥ مساءً

مرحبا بن عمر... النبوءة الملعونة تتحقق تحت راية الوفاق !

عباس الضالعي
الاربعاء ، ٠٥ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
تعلم عزيزي جمال بن عمر بمستوى التقدير والاحترام الذي يكنه لك اليمنيين وانت الدبلوماسي والسفير "العربي" الوحيد الذي اجمع عليه غالبية اليمنيين ليس لأنك مبعوث امين عام الامم المتحدة او مهندس المبادرة الخليجية وانما لأسلوبك وتعاملك مع قضية اليمن بفهم ووعي وتعاملك مع كل الأطراف بمسافة واحدة.

لا اخفي عليك صراحة انك دبلوماسي بعقل سياسي ومثقف ومصلح وباحث وخبير وقليلون من يتميزون بهذه الصفات وقليلون من يفهمون خصوصية اليمنيين وفرقاء اليمن السياسيين ، فأنت رائع ومدهش في أدائك ولو ان للبعض – افراد وقوى وانا واحدا منهم – بعض الملاحظات الهامة والمتعلقة بطبيعة مهمتك ومرحلة الوفاق الذي تشرف عليه والمستجدات التي بدأت تظهر للسطح.

اعترافك المتواصل بأن ما حدث في اليمن هو ثورة من اجل التغيير وان الشباب هم من قاموا بهذه الثورة ، وما اريد التنبيه له ان الثورة والتغيير تعرقلت في كثير من محطات الانتقال بسبب التعارض بين اهداف الثورة واحباطات المبادرة واليتها التنفيذية وما تحمل من مضمون فضفاض وتمحورت عند مفهوم محدد للوضع في اليمن على أنه ازمة سياسية ، والفرق واضح بين الثورة والازمة .

فالثورة تهدف الى التغيير الشامل والجذري وهو الحل لمسببات الوضع الذي من اجله جاءت الثورة والازمة تحل من خلال البحث عن صيغة وفاقية لفرقاء واطراف الازمة والفرق واضح بين ما تبوح به وبين ما تقوم بتطبيقة ، والنتيجة العملية الواقعية ان الثورة في اليمن تم مصادرتها كحل جذري وشامل لمشاكل اليمن التي تراكمت خلال عقود حكم الرئيس السابق .

نحن نعرف وانت والفرقاء ورعاة المبادرة ان المبادرة الخليجية جاءت لمهمة واحدة وهي احتواء الثورة ووضعها في غرفة العناية الفائقة حتى تصل الى الموت السريري تدريجيا وهذا هو التشبيه الاقرب لواقع الثورة اليمنية وعلاقة موتها التدريجي بالمبادرة الخليجية ، لان المبادرة هي بالاساس فكرة امريكية توافقت مع الرغبة الخليجية لانزعاجهم من الثورة اصطلاحا وعملا واعتقادهم بأن الثورة حمى معدية سرعة ما تنتقل الى مجتمعاتهم الغير محصنة والتي هي احوج بالثورة والتغيير من أي بلد كان.

تداخل الفكرة الامريكية المؤيدة غربيا والرغبة الخليجية مع المصالح والاطماع لكل طرف من رعاة المبادرة والسيطرة على القرار اليمني – وهذا ما حدث وما ال اليه الوضع مؤخرا – ومتطلبات التنفيذ للوصول الى تحقيق تلك المصالح والاطماع هي التي دفعت بحصار الثورة واجهاضها وأبقت على رئيس النظام السابق واركان حكمه لاعبين اساسيين وشركاء في العملية السياسية التي تسمى انتقالية وبقاؤهم هذا واحد من متطلبات تنفيذ وضمان الوصول الى المصالح والاطماع والسيطرة على القرار بهدف كسب افضل النتائج بأقل الثمن لما تسعى من اجله القوى الخارجية ، لان بقاء رئيس النظام السابق واركان حكمه شركاء في الوضع الجديد هو لضمان التوازن وعدم الانفراد او الاستقلال بالقرار الوطني اليمني.

المبادرة تتعامل مع الوضع اليمني تعامل استعلائي من خلال قادة النخب وهذا التعامل اغفل الاثار التي افرزته محاولة التغيير بواسطة الثورة واصبحت هناك نتائج ومتغيرات جديدة تزايدت نسبها بشكل كبير خلال السنتين الماضية منها مثلا : زيادة نسبة الفقر والبطالة والمجاعة ويتزامن هذا مع غياب القرار السياسي لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين اضافة الى المخرجات السيئة على الارض المتمثلة بالاعتداءات المتواصلة على الخدمات الاساسية ( الكهرباء والنفط والغاز والاتصالات والطرقات العامة ) وعمليات الاغتيالات الامنية والانفلات الامني والفوضى وتحريك خلايا القاعدة حسب الحاجة وان عدم الاستقرار هو العنوان العام للمرحلة الحالية
وهذا كله ناتج بسبب تصرفات الاطراف التي تضررت من التغيير والتي كانت في خندق مقاومة الثورة وتحديدا الطرف الذي يتزعمه الرئيس السابق والاطراف المؤيدة له والمدعومة منه بصورة مباشرة وغير مباشرة كالحوثيين وبعض اجنحة فصائل الحراك الجنوبي المسلح والفوضوي وانعاش وتفريخ حراكات صغيرة في الغرب والوسط وبعض الاطراف.

الاعمال العدائية اندلعت بالتزامن مع مشروع اخراج الرئيس السابق من السلطة بواسطة المبادرة الخليجية وتوفير خروج امن دون ضوابط لما بعد الخروج وهي اخطر ما جاءت به المبادرة ، فالحكومة التي جاءت نتيجة التوافق المنصوص عليه بالمبادرة تقف عاجزة عن اتخاذ أي اجراءات لضبط الاعمال الخارجة على القانون بسبب الحفاظ على التوافق والمفروض ان التوافق يسعى لتعزيز الامن والاستقرار والحد من الانفلات وتطبيق القانون على كل من يتجاوز الوفاق واعطاء المؤسسات العامة لممارسة مهامها وفق القانون من باب الحفاظ على التوافق وتعزيزه.

لكم ان يكون التوافق غطاء لأعمال المخربين والقتلة وزعماء الفوضى والانفلات وحماية لهم من المسائلة وتطبيق القانون فهذا وفاق واتفاق على إهلاك وتدمير اليمن.

عزيزي جمال بن عمر .. تعرف انت ومن وراءك رعاة المبادرة وتعرف انت والرئيس هادي وقادة القوى السياسية يعرفون ان علي عبد الله صالح هو على صلة مباشرة وكبيرة لهذه الفوضى والتخريب وهذا الكلام موجود لديك ومضمن في تقارير وملفات وقمت بتقديمها لمجلس الامن الذي يتعامل معها كأوراق ضغط ويقوم بتحويلها وتحويرها وتفسيرها لاستخدامها كسلاح ناعم في الوقت المناسب.

من العدل والانصاف ان لا يظل الجلاد والظالم يمارس مهامه على الدوام ، ويكفي ممارسته للظلم والبطش ضد اليمنيين لاكثر من ثلاثة عقود والمتمثل في ممارسة الفساد ونهب المال العام واحتكار الوظيفة العامة ومصادرة الحقوق والحريات وبحماية السلطة المغتصبة وتحت راية الديمقراطية.

ولا يجوز استمرار ممارسة الظلم والبطش بصورة اخرى تتمثل في الاعتداءات على الخدمات وقطعها وممارسة القتل والتخريب ودعم الانفلات وتحت راية الوفاق وحماية المبادرة
الارادة الخارجية تغلبت على ارادة اليمنيين في احتواء ثورة التغيير وقبل اليمنيين على مضض وامتصوا التغلب الجائر على اساس انه قد يمثل الحد الادنى للوصول الى حلول آمنه قد ينتج عنها الامن والاستقرار.

لكم ان يتحول هذا التغلب الى اداة قمع جديدة وبعصى دولية واقليمية وان يصادر القرار والإرادة السياسية عن مؤسسات الحكم لتخضع وتعمل كسكرتارية مؤقتة مهمتها تدوين الاملاءات وإرسال البلاغات و وفقا لما آلت اليه الأمور اخيرا ان القيادة السياسية عبارة عن " محلل" لتلك الاملاءات واخراجها على شكل قرارات سياسية ومنحها المشروعية ، واصبح الوضع كقصة لعلاقة غرامية تنتهي بالزواج الحرام عن طريق التحليل اطرافها الرئيس والحكومة وقادة الاحزاب ورعاة المبادرة والمبعوث الاممي ، فالرئيس دوره يشبه دور المحلل والمبعوث الاممي كاتب عقد التحليل (المأذون ) والحكومة وقادة الاحزاب عبارة عن شهود زور وان طرفي العلاقة الغرامية هما الرئيس ورعاة المبادرة وان اليمن هي المستهدفة من عملية التحليل
الحقيقة ان المهمة الممثلة بالمبادرة بدأت تنحرف عن مسارها لمساعدة اليمن على الانتقال السياسي وبدأ اطراف رعاة المبادرة يسعون لتحقيق مكاسب انفرادية ويعتبرون اليمن ساحة مفتوحة واصبح كل طرف يمد يده لاطراف محلية سياسية او مذهبية او دينية وبعبارة ادق ان اليمن قادمة نحو مشروع صراع اقليمي ودولي على ارضها أشبه بالوضع اللبناني وانها مهيئة لتواجد القوى الدولية المتصارعة وهذا واضح من خلال المؤشرات الأولية لدعم فصائل سياسية في الجنوب والشمال والوسط والغرب وحتى القاعدة وأول منافذ الدعم هو الطرف الذي يمثله الرئيس السابق وبعض قوى الثورة بهدف تشابك كل الاطراف فيما بينها.

وان الوضع الحالي – اذا استمر - اقرب للانهيار والفشل وقد تتحقق النبوءة الملعونة للرئيس السابق التي اعلنها بداية اندلاع الثورة على حكمه ونظامه الفاسد حين ربط بين سقوط النظام المحصور بشخصه وعائلته وبين الوضع الذي سيأتي كنتائج لسقوط النظام وهو سيطرة القاعدة على ست محافظات يمنية وانتشار الفوضى والانفلات والحروب الاهلية وان الدم سيكون للركب.

فالوضع الحالي يسير بنا لتحقيق هذه النبوءة الملعونة والمخطط لها سلفا وهذا الوضع ظهر بعد تداخل المصالح الخاصة بكل طرف من الأطراف الإقليمية والدولية
وما نتذكره ويذكره السيد جمال بن عمر ان الفترة الاخيرة من حكم الرئيس الاسبق شهدت ظهور مفاجئ وقوي لما يسمى بالقاعدة وسيطرت على محافظة ابين كاملة وبعض مديريات حضرموت وشبوة والبيضاء ومأرب وهذا بداية لتنفيذ تلك النبوءة الملعونة ، وبعد استلام الرئيس هادي للسلطة خلفا لصالح كانت القاعدة في قوة انتشارها وتوسعها وكانت قد اعلنت بعض الامارات الاسلامية في ابين والبيضاء ، حينها كان الرئيس هادي مدعوم ومعزز بإرادة وطنية دون ضغوط عليه فتحقق الانتصار على القاعدة وتم تطهير واستعادة تلك المديريات واختفت القاعدة نهائيا.

اليوم القاعدة تعود ووفقا لنبوءة صالح المشئومة وهناك مساعي للاستيلاء على محافظة حضرموت وابين والبيضاء ومأرب والجوف ويترافق هذا مع نشاطات مشبوهة للحراك الجنوبي المسلح والقوى المدعومة من ايران وقد تتلاقى مصالح هذه القوى مع ضرورة انهيار الدولة وهذا وارد لان الحكومة عاجزة عن العلاج بسبب سياسة التوافق ومتطلبات الوفاق
والمطلوب هو اعادة النظر بالآليات التي تسير عليها المبادرة واعادة ترتيب النوايا ورفع اليد الإقليمية والدولية التي تعاقب هادي والحكومة وتتحكم بمسارات المرحلة اذا لم يعاد النظر بالسياسات والاليات فإن اليمن قادمة على الفشل ولو تحقق هذا – لا سمح الله – فإن نار الفشل ستلذع الكل لان البديل فعلا هو القاعدة وايران ولحصار هذه القوى يجب اعادة النظر في وضع الرئيس السابق ونائبه البيض لأنهما طرفان رئيسان في اربك اليمن.


ملاحظة : اذا لم يعجبكم العنوان فهناك بدائل
مرحبا بن عمر... النبوءة الشيطانية تتحقق تحت راية الوفاق !!!
مرحبا بن عمر... النبوءة المشئومة تتحقق تحت راية الوفاق !!!