الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٨ مساءً

اللصوص مقامات !

د . أشرف الكبسي
الاربعاء ، ٠٥ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
من المؤسف أن تنتهي من صلاتك في المسجد لتجد أن حذائك قد سُرق ، لكن الكارثة أن تنتهي من نضالك في الوطن لتجد أن ثورتك قد سُرقت ، ولسان حالنا يقول: ما أكثر اللصوص حين تعدهم ، لكنهم في السجون قليل! فواقع عيشنا الأسطوري تجاوز بمراحل خيالات ألف ليلة وليلة ، فكما أن لدينا علي بابا ، وبابا علي ، لدينا أربعمائة ألف حرامي ، والعدد مرشح للتزايد في ظل تحول اللصوصية إلى ثقافة وأسلوب عيش ، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه ، فقد يأتي اليوم الذي يصبح فيه ثالث من تقابل (لص) مع الفارق في التخصص ، والمكانة الاجتماعية..!

وكما أن (اللصوص مقامات) تبدأ بالصعلوك ، مروراً بالمرموق ، وانتهاءً باللص مع مرتبة الشرف! هناك أيضاً تباين في الصفات ، بين اللص الظريف واللص المبهرر... ولم يعد التسلل من النافذة أسلوباً شائعاً ، فهناك وسائط لا حصر لها ، كاقتحام منابر السياسة والدين ، والتخفي في حواشي القروض والقرارات الدولية ، أو تسلق مواسير الحصانة البرلمانية ، واستغلال الوظيفة العامة ، عدى عن النفاذ من الفجوات في جسد الثورة والوحدة الوطنية والقيم المجتمعية.
لم يعد ذاك البائس ، رث الهيئة ، عديم التهذيب ، مَن أكل الدهر عليه وشرب ، تاركاً على وجهه ندوب الحرمان ، وخدوش الزمان ، لصاً ذا شأن ، بالنظر إلى نخبة اللصوص المرموقة ، كالوزير اللص ، والشيخ اللص ، والدكتور اللص... وصولاً إلى القاضي اللص ، فليس من يسرق حذاء ، كمن يسرق وطن ، واللصوص مقامات !

تتمتع اللصوصية المعاصرة بصور شتى ، تبدأ بالعولمة على المستوى الدولي ، بقيادة اللص الأمريكي ، ولا تنحصر ، محلياً ، في نهب الأراضي ، بزعامة اللص الأكبر ، وسرقة المال العام والخاص ، فهناك من يسرق أرواح الناس ، صوناً لمشاعر همجية موكب زفافه ، ثم أليس لصاً من يسرق الضياء من كل بيت ، سواءً أكان من (كلافيت) مأرب أو نهم أو أعيانهما ؟

قيل في السابق ، وراء كل رجل عظيم امرأة ، ويقال اليوم ، وراء كل لص عظيم حصانة ، وعلى ضفافها تحديداً يجب اقتفاء أثار كبار اللصوص ، وبدلاً عن مطالبتهم بتقديم إقرارات الذمة المالية ، علينا مسائلتهم عن القيمة الصفرية في واقع حساباتنا الحياتية!