الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٥ صباحاً

جرائم تدمير الطاقة والنفط الوجه الآخر للقاعدة

نُهى البدوي
الخميس ، ٠٦ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٥ مساءً
أصاب الشيخ القبلي الذي تناقل تصريحه قبل أيام عدد من الوسائل الإعلامية في رأيه ومطالبته الحكومة اليمنية باستخدام طائرات بدون طيار لضرب مخربي أبراج الكهرباء ، بل دلالات كثيرة حملها ويلفت الانتباه لوجود ترابط وثيق أصبح يجمع بين أهداف تنظيم القاعدة بأهداف فاقدي المصالح ومعرقلي المبادرة الخليجية الذي أشار إليهم الرئيس هادي أثناء ترؤسه اجتماعاً للحكومة والقيادات الأمنية والعسكرية يوم(28مايو)، لم يكن الشيخ المأربي مخطئاً بتوصيفه “أن مخربي الكهرباء أصبح ضررهم أشد فتكاً من عناصر تنظيم القاعدة “، ومطالبته الرئيس هادي التوجيه إلى الجهات المختصة في التعامل مع مخربي الكهرباء خاصة تلك العناصر التي ثبت أن مطالبها هي مطالب تعسفية , ولا أساس لها من الصحة ان يتم التعامل معهم كعناصر تنظيم القاعدة , واستهدافهم عن طريق الطائرات بدون طيار معللاً أن ذلك الأسلوب هو الأمثل للتعامل مع تلك العصابات , خاصة وأن هناك جهات تسعى لتفجير الوضع في مأرب وإشعال الفتيل ما بين الدولة والقبيلة.

هذا الموقف يستحق التوقف عنده ، ومراجعة الأحداث منذُ بداية الثورة الشبابية وأسباب تزايد جرائم تنظيم (القاعدة) المختلفة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر عناصره ، أو تلك التي ترتكب وكأنها بالوكالة عن تنظيم القاعدة باعتبار إن نتائجها تصب في خدمة الأهداف الخفية للقاعدة أو بالأصح أصبحت تتقاطع أهداف تنظيم (القاعدة)مع الأهداف الخفية لمعرقلي المبادرة الخليجية خصوصاً بعض الأطراف السياسية ممن فقدت مصالحها منذُ تنفيذ التسوية السياسية في اليمن لتشكل اصطفافاً غيرمعلن لتدمير الوطن والشعب ومقدراته ، وهذا لاشك انه يضعنا أمام كارثة تحدق بحياة اليمنيين وتدمر بلدهم ومقوماتها الاقتصادية والبشرية ، بدءاً بأبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز، لتضيف خسائر هذه القطاعات وآثارها الاقتصادية إلى جرائم القاعدة التي باتت معروفة للمواطن البسيط ،(اغتيال الضباط واختطاف السياح الأجانب وتشويه سمعة اليمن في الخارج)الخ .. أعباء جديدة تؤثر على استقرار اليمن وهذا الوضع يتطلب منا جميعاً شيوخاً وشباباً ونساءً كُتاباً ومسئولين ومواطنين وأكاديميين إبداء نفس ذلك الموقف الشجاع الذي أبداه الشيخ القبلي ، وفضح هذه الجرائم التي لا يمكن فصلها عن جرائم القاعدة ،
والتصدي لها بحزم ، بعد بروز منها مؤشرات خطيرة قد تدخل البلد في دوامة عنف وصوملة لا أول ولا آخر لها – وأبرزها : إن تنظيم (القاعدة) يواصل محاولته لإدارة مخطط لافتعال الأزمات بشكل مباشر وغير مباشر،وتنفيذ أهدافه بالوكالة عن طريق أطراف داخلية وقوى تحاول إن تعيد إنتاج الماضي وإعاقة مسيرة التغيير ، ثانياً الاستنتاج ان ما يدور هو نتاج منطقي لترابط المصالح ووصول علاقة بعض القوى أو الأطراف السياسية مع الجماعات المسلحة إلى مرحلة تبيح فيها الضرورات بتلقائية إماطة اللثام والقناع عن علاقتهما لتتكشف جرائمها وحقيقة ارتباطاتها خصوصاً علاقة تنظيم القاعدة بأطراف محسوبة على السلطة واستخدامه في أوقات سابقة كورقة لابتزاز الخارج وإرباك الملعب السياسي وضرب الخصوم السياسيين بافتعال الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية من خلال تنشيط خلاياه والدفع لخلط الأوراق.

وبالنظر إلى حجم الكارثة وتداعيات هذه الجرائم مجتمعة ، تدمير خطوط الكهرباء وأنابيب النفط وجرائم القاعدة ، الاغتيالات ، وشل أنشطة الدولة ، يتبين من استمرارها وحجم الخسائر الناجمة عنها ، إن الشعب اليمني بسكوته عنها يحفر قبر مستقبل أجياله بنفسه حيث تكبدت اليمن خسائر اقتصادية كبيرة خلال الأعوام الأخيرة نتيجة أعمال التخريب المنظمة من قبل العصابات المسلحة وتنظيم القاعدة التي طالت أهم المشاريع الاقتصادية والحيوية والخدمية بشكل لافت وممنهج في حرب مفتوحة ضد مصالح اليمنيين. بعضها تدميرية وأخرى تحاول انقاذ اقتصاد البلد الفقير من الحضيض ، وتعرضت أنابيب نقل النفط والغاز وخطوط نقل الطاقة الكهربائية ومحطات التوليد للتخريب ، كما تعرضت شبكات الألياف الضوئية للاتصالات وتقنية المعلومات أيضاً لاعتداءات متكررة ما جعل معاناة اليمن تزداد لتكبدها مبالغ مالية كبيرة تفوق طاقة تحملها مما أصبحت هذه الاعتداءات والخسائر الناجمة عنها تشكل مصدر قلق على الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني ، وبحسب التصريحات الأخيرة لوزير المالية صخر الوجيه ، فإن “خسائر اليمن بسبب الاعتداءات المسلحة على أنابيب النفط وخطوط الكهرباء في الآونة الأخيرة بلغت 480 مليون دولار(نحو مائة مليار ريال يمني)”.

وقد ضاعف هذا الوضع المأساوي إلى جانب عامل الفساد حاجة اليمن للطاقة الكهربائية المشتراة ، حيث ارتفع حجم شرائها من 175 ميجاوات إلى 460 ميجاوات ليبلغ إجمالي تكلفة عقود شراء الطاقة السنوية لعام 2013م 175341151445 ريالاً، بالإضافة إلى تزايد استيراد المولدات أو ما يسمى المواطير عام تلو الآخر، الأمر الذي يعكس واقعاً مخجلاً من انقطاعات الكهرباء إثر التخريب اليومي لها وتقول البيانات الرسمية: إن اليمن استورد في 2011م ما قيمته 64.6 مليار ريال من آلات وأجهزة ومعدات كهربائية وقِطع غيار وغيرها منها المولدات لإنتاج الكهرباء.

ويتضح من تلك الأرقام الهائلة والمؤشرات الخطيرة للوضع المأساوي القادم الذي سيقودنا إليه هذا التدمير، مدى الترابط الشكلي والجوهري بين الجماعات المسلحة وعناصر تنظيم (القاعدة) حين ندقق في الجرائم الأخرى المباشرة التي يرتكبها التنظيم باليمن وبحسب ما تشير إليه التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية فإن (القاعدة)اغتالت نحو 70 ضابطاً عسكرياً وأمنياً منذ مطلع العام 2012م مستخدمة في تنفيذها الدراجات النارية ، فيما استخدمت نحو17سيارة مفخخة منذ مطلع العام 2012م في تنفيذ عمليات إجرامية أودت بحياة نحو 112شخصاً مدنياً ونحو 91ضابطاً وجندياً من الجيش والأمن والعشرات من عناصر اللجان الشعبية ، وتنفيذ تسع عمليات انتحارية لعناصر من تنظيم القاعدة أسفرت عن مقتل 165شخصاً وجرح المئات.

النتائج السلبية لأعمال التخريب للقطاعات الاقتصادية الحيوية وما ينتج عنها من خسائر يتكبدها البلد والتي تؤثر تداعياتها سلباً على استقرار الأجيال القادمة التي تصب في خدمة الجماعات الإرهابية وأهدافها للنيل من الوطن والشعب اليمني مهما كانت المبررات ومطالب مرتكبيها وإزاء ما يحدث لا يمكن الفصل بين ترابط نتائجها الكارثية على الاقتصاد الوطني عن نتائج جرائم تنظيم القاعدة والتي تبرهن الوقائع والمؤشرات إن جميع الأعمال الإجرامية من هذا النوع مكملة لبعضها البعض وكأننا نعيش وضعاً تتبادل فيه الجماعات المسلحة بمختلف مسمياتها الأدوار لارتكاب الجرم يجمعها هدف هو(تدمير الاقتصاد الوطني) ، الأمر الذي يحتم علينا أولاً تصحيح المفاهيم والمسميات التي نطلقها على تلك الأعمال وتجريمها كي لا يستمر ارتكابها تحت مفهوم الحرية أو الديمقراطية وتنفيذ العقاب الجماعي للشعب اليمني ، ويجب أن يعي شبابنا خطورة هذه الأعمال التي تعصف بالوطن باعتبارهم الشريحة الأكثر حماساً وقدرةً لحمل همّ الوطن والمواطن والتصدي لإجهاضها ،وعلينا أيضاً أن ننمّي ونغرس الانتماء الحقيقيّ لحب الوطن في نفوسهم وألا يصغوا لمن أراد أن يجرنا لأعمال العُنف والتّخريب لمقدرات الوطن والعبث بأمنه واستقراره، فللوطن حقوق على كل فرد ينتمي إليه.

قال الشاعر حافظ إبراهيم :
رجال الغد المأمول إن بلادكم تناشدكم بالله أن تتذكّروا
عليكم حقوق للبلاد أجلّها تعهّد روض العلم، فالروض مقفر
قصارى مُنى أوطانكم أن ترى لكم يداً تبتني مجداً ورأساً يُفكّر
فكونوا رجالاً عاملين أعزّة وصونوا حمى أوطانكم وتحرّروا