الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٠ مساءً

يجب ان ينتهي " انفصال " الحراك الجنوبي و "تمرد" انصار الله

عبدالوهاب الشرفي
الأحد ، ٠٩ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
الوحدة اليمنية تمت بموجب اتفاقية رضي بها اليمنيون جميعا , والدولة اليمنية لها دستور معني به اليمنيون جميعا .. الحراك الجنوبي يجب عليه ان يخضع لما اتفق عليه اليمنيون جميعا ويتخلى عن سعيه للانفصال او فك الارتباط , وانصار الله عليهم ان يسمحوا بالسيطرة الكاملة للدولة في محافظهم ويتخلوا عن ما يتعارض مع وجود دولة .

عندما يكون هناك وحده يمنية ويكون هناك من يسعى لخلافها فهو لاشك وضع غير طبيعي , وعندما يكون هناك دولة يمنية ويكون هناك من يقوم بمظاهر تتنافى من نفوذ الدولة فهو لا شك وضع غير طبيعي ايضا . والمطلوب الان هو ان يعي " الحراكيون " و "الحوثيون " ان وضعهما هو وضع غير طبيعي , وعليهما ان يتخليا عنه ويعودا الى الوضع الطبيعي , فيمتنع "الحراكيون " عن اي ممارسات او مظاهر تتعارض مع وحدة اليمن , ويمتنع الحوثيون عن اي ممارسات او مظاهر تتعارض مع دولة الوطن .
الكلام السابق مركب من " افتراض " و " نتيجة " . هناك " افتراض " هو وحدة يمنية ودولة وطنية , وهناك " نتيجة " هي عدم القبول باي ممارسات او مظاهر تتعارض مع ذلك الافتراض . وبالطبع ما من احد الا و سيبصم على هذا الكلام وبالعشر الاصابع , و "الحراكيون " و " الحوثيون " هم اول الناس الذين سيبصمون عليه . ولكن البصم على هذا الكلام لن يكون الا عليه كوحدة واحدة , فعندما يتجسد " الافتراض " تتجسد " النتيجة " وعندما يغيب " الافتراض " تغيب " النتيجة " . ويكون الوضع طبيعيا سواء في حالة التجسد او في حالة الغياب .

الوضع الحالي في البلد هو وضع طبيعي ولكن في حالة الغياب , " الافتراض " غائب فلا تجسد لوحدة بناء على اتفاقيتها ولا تجسد لدولة وفقا لمفهومها ووظيفتها , و " النتيجة " ايضا غائبة فهناك ممارسات ومظاهر تتعارض مع الوحدة ومع الدولة . وهذا الاختلال في " النتيجة " ليس فقط مع الحراك ومع انصار الله وانما مع العديد من الكيانات والقوى داخل البلد , وما يميز الحراك وانصار الله عن تلك القوى انهما مكونان موجودان في " النتيجة " فقط , بينما تلك القوى موجودة في " الافتراض " وفي " النتيجة " معا . والحراك وانصار الله هما كيانان متأثران بينما تلك القوى مؤثرة ومتأثرة في ذات الوقت .

الحراك وانصار الله كلاهما ليسا في الموقع الرسمي لتجسيد الوحدة وتجسيد الدولة وبالتالي لا يترتب على مواقفهما وممارساتهما اي تأثير في مواقف و ممارسات القوى الاخرى , ولا يمكن توجيه اللوم اليهما على الوضع الحالي في البلد باي حال من الاحوال . ومن يجب ان يتوجه اليه اللوم هي القوى التي تحتل الموقع الرسمي المفترض به تجسيد الوحدة وتجسيد الدولة , فهي القوى هي التي ينبني على ممارساتها ومواقفها تأثير في مواقف وممارسات غيرها من القوى بما فيها الحراك وانصار الله .

الوضع الحالي في البلد هو وضع طبيعي ولكنه ليس الوضع المفترض , فمن الطبيعي عندما تتصرف القوة او القوى التي تمثل رسميا الدولة لليمن الواحد تصرفات على غير المفترض بها كدولة , فأنها بذلك تلحق الضرر بالقوى الاخرى في البلد , والتي بدورها تبدي رد فعل و تتعامل مع الاولى " كعصابه " و تسعى للتخلص من هيمنتها , ويتحول البلد الى ساحة للتجاذبات والصراعات التي لا يمكنه ان يستقر مع وجودها .

والوضع المفترض في البلد هو ذلك الوضع الذي يتصرف فيه الممثّلون الرسميون لدولة اليمن الواحد التصرفات المفترضة بالدولة ,التي لا تتسبب في إضرار بمواطنيها سواء كانوا افرادا او جماعات او كيانات . حينها يتجسد "الافتراض " ويمكن اعتبار وجود وحدة يمنية ودولة وطنية . ومع هذا الحال يكون للدولة السيادة التي تراضى عليها – ضمنا – الجميع و تأتي تصرفاتها بالتأهيل المطلوب منها , وبذلك تقوم لها شرعيه إنضواء الجميع تحتها , ولا يظهر من أيا كان من مواطنيها اي ممارسات او مظاهر تتصادم مع سيادتها الكاملة ( الوحدة ) ولا تخرج على نفوذها الكامل ( الدولة ) وتتجسد بذلك " النتيجة " .

معالجات القضية الجنوبية وقضية صعدة يجب ان تنطلق من مفهوم الوضع المفترض هذا, فمطالبة " الحراكيين " و " انصار الله " او غيرهم بالامتناع عن اي ممارسات او مظاهر تتعارض مع الوحدة ومع الدولة يجب ان يبدا من الدولة نفسها . يجب ان يعاد صياغة الدولة بالشكل الذي يمكّنها من القيام بالتصرفات الواحدة والمسئولة تجاه الجميع , ويمكّنها من ادارة الشأن العام بما يحقق المصلحة العامة للجميع , وبالشكل الذي يمنع استخدامها من قبل اي قوة او قوى بصورة اقصائية او استئثاريه او تسلّطية . وتصبح دولة يحتكرّ فيها القرار في مختلف الشئون وعلى مختلف المستويات عي المؤسسات المعنية باتخاذه , بعيدا عن مصالح او رغبات او حسابات او تصوّرات شخص او اشخاص او جماعات أيا كانوا وأيا كانت امتيازاتهم .

القضية الجنوبية وقضية صعدة قضيتان لا يجب ان يستمر النظر اليهما من منظور التمرّد والخروج , ولا مواجهتهما باستمرار التضييق والتهمّ . فالقضيتان اصبح ينجذب لهما اعداد اكبر مما ينجذب لأي قضية اخرى . وليس من العقل ولا من المنطق ولا حتى من الممكن ان يستمر النظر الى كل تلك الاعداد من المواطنين في ساحة العروض بعدن وفي محافظة صعدة بنضرة التمرد والخروج على الوحدة والقانون , وليس من العقل ولا المنطق و لا من الممكن ان يواجهوا بمزيد من التضييق ومزيد من التهمّ .

القضيتان لهما مسببات وترتب عليهما اثار . ولازال في صيغة الدولة حاليا الكثير مما يمكن اعتباره من المسببات للقضيتين , ولازالت اثار القضيتين باقية دون معالجات حتى الان , ويجب التوجه لمعالجتهما بالجدية المطلوبة لأغلاق ملف بحجم هاتين القضيتين . وتقديري الشخصي ان معالجاتهما لازالت بالإمكان , ولكن الاستمرار في عدم الجدية وفي " التكتيك " في التعامل معهما لن يجدي , وكل ما سيؤدي اليه استمرار هذا الاسلوب هو فقد " الامكانية " لمعالجة هاتين القضيتين . وهو ما يعني فقد امكانية قيام دولة ليمن واحد .