الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٩ مساءً

المستذئبون !

د . أشرف الكبسي
الثلاثاء ، ١١ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
يُظهر الأحد الدامي ، أننا في جمعة الكرامة لم نفقد فقط أرواحاً طاهرة ، ولم نودع أجسادا ممزقة راحلة فحسب ، وإنما فقدنا جزء كبيراً من اكتراثنا الآدمي ، وودعنا شطراً أكبر من ضميرنا الإنساني ، فباتت الدماء اليمنية في أعيننا أرخص من ذي قبل ، بعد أن اعتدنا تكرار العيش في مشاهد الجريمة الرسمية ، والسير على أرصفة الرذيلة الثورية ، والسقوط في مستنقعات العصبية الطائفية والمذهبية ، فهاهي لامبالاة مواقفنا وصقيع ردود أفعالنا ، ترسم خلفية سالبة قاتمة لمشهد يقوم فيه المستذئبون ، مجدداً ، باعتلاء أسطح المباني ، إشباعاً لغريزة القتل ، والتلذذ بامتصاص الدماء ، يفعلون ذلك وهم ملثمون كالنساء ، لا لأنهم من قبائل الطوارق ، وإنما لأنهم جبناء بما يكفي لإخفاء وجوههم اللاإنسانية القبيحة ، وأنيابهم اللابشرية الناتئة ، ولأنه طقساً لازماً لاستدامة ممارسة (دراكوليتهم) ، على غرار ما يفعله آمريهم من كبار المستذئبين ، من رجالات الدولة والنفوذ ، ممن يخفون وجوههم الأكثر قبحاً وراء لثام الشرعية الدستورية تارة ، وخلف نقاب الأمن القومي تارة أخرى !

يوماً بعد يوم ، تتزايد في الأوساط أعداد المستذئبين ، ومصاصي الدماء ، والمتحولين من تجار السياسة وباعة الدين ولصوص الإعلام والكتابة ، ممن يسقطون أخلاقياً وقيمياً ، مع سقوط كل قطرة دم يطرحونها في مزاد الانتفاع السياسي الرخيص ، أو يلعقونها بألسنة الشحن الطائفي والحقد المذهبي ، وإذا ما استمر الحال على ماهو عليه من ثقافة السقوط وسقوط الثقافة ، وتدني الشعور بقداسة الحفاظ على الدم اليمني ، كقيمة عليا ، لا تخضع بحال لمنسوب الاتفاق أو الاختلاف ، ولمتغيرات المحبة أو الكراهية ، وإنما لمفردات العدل والحق والخير ، فقد نصحو يوماً لنتلفت حولنا ، وننظر في المرآة ، فلا نجد إلا ذئاب!

أيها السادة ... نحن جميعاً معنيون بالحفاظ على قيمنا الدينية والوطنية والمجتمعية ، والتي قد نختلف أو نتفق في قراءتها أو تفسيرها ، لكننا معنيون أولاً بالحفاظ على آدميتنا وقيمنا الإنسانية ، وفي مقدمتها احترام حقنا جميعاً في الحياة ، وعدم السقوط في هاوية التبرير السخيف للقتل، عدى عن ممارسته ، فإزهاق روح مواطن واحد ظلماً ، يعني اغتيال وطن بأكمله ، فلا اقتصاد ولا سياسة ، ولا كرامة ولا حقوق ، في بلد أرخص ما فيه ، دماء أهله وبنيه !