الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٨ مساءً

اشاعات بنكهة افتراضية

فؤاد الحميدي
الأحد ، ١٦ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
اقترح ان يغير المثل العربي (اسرع من انتشار النار في الهشيم ) الى ( اسرع من انتشار اشاعة في الفيس بوك ) فلقد اثبت العالم الافتراضي تفوقه على الوسائل التقليدية في نشر الشائعات بل والنفخ فيها وتضخيمها لتغدو (حبة) الاشاعة (كقبة) حدث عظيم (بنكهة افتراضية) يتدافع الكثيرون لتشريحه نقدا وتحليلا واتفاقا حوله او اعتراضا عليه دون حمل هم التأكد من صحته من عدمه بوعي او بدون وعي..اشاعة تغيير اسم مدرسة جمال عبدالناصر في صنعاء (انموذجا) و الذي اكد وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالرزاق الأشول- المحسوب على الاصلاح في حكومة الوفاق- عدم صحة هذا الخبر المتداول بان الوزارة قررت تسمية المدرسة (المتميزون) بل ان الوزراة ستخصص المدرسة للمتفوقيين فهي ليست الا اظافة لفظية تفيد التخصيص لتصبح (مدرسة جمال عبدالناصر للمتفوقين).

تسابق الكثير من المفسبكين الى تزيين حيطان صفحاتهم بالخبر المجتزأ بتغيير اسم المدرسة كالذي تحجج بعدم الصلاة باجتزاءه للآية الكريمة ( ولا تقربوا الصلاة ) بل وثالثة الاثافي ان من يتولون كبر نشر مثل هذه الاشاعات المغرضة نتيجة لشوزفينيا حاده في شخصياتهم ووسواسهم القهري يميلون لتصديق انفسهم ويستميتون في التأكيد على صدق اشاعاتهم وكأنما اتوا بآية مبينة حتى وان ظهر كذب ما لفقوه واستبان زيف ما كانوا يدعون مثلهم كمثل ذلك الطفيلي الذي اشاع بين الناس وجود وليمة كبيرة في مكان ما وعندما هرع الناس زرافات الى ذلك المكان للحصول على مالذ وطاب من تلك الوليمة (الوهمية) تفتق غباء الطفيلي عن امكانية صدق اشاعته فحث الخطى مسرعا للحاق بالوليمة.

في رأيي ان مثل هذه الاشاعات و الاكاذيب تأتي بعكس ما يريد لها مطلقوها.ففي ظل الحملة الاعلامية المحمومة ضد التجمع اليمني للإصلاح خصوصا بعد تزعم الحوثيون -مؤخرا- لها طاويين تجت جناحهم فلول النظام السابق والمؤتمريين وبعض القوميين واليساريين فأن هذا يدل على فوبيا يعاني منها هؤلاء من الاصلاح كتنظيم يمتلك من القوة مايؤهله للعب ادوار مؤثرة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العسكرية , ويمتلك ايضا من المرونة ما تجعله يتكيف بسهولة مع تضاريس متنوعة مختلفة عاملا على تجنيد الظروف المرحلية لحسابه وفي هذا فهو يظهر تفوقا تنظيما الى حد ما مقارنة ببعض الحركات الاسلامية في المنطقة في حين يظهر بوضوح تقهقر وانحسار القومية واليسارية في المنطقة العربية بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص وان شهدت هذه الحركات او التنظيمات انتعاشا الى حد ما بعد ثورات الربيع العربي فهو يمثل ردات فعل فوباوية نتيجة لصعود نجم الحركات الاسلامية.

اعود فأقول ان التزاوج الحاصل بين الحركة الحوثية(المذهبية) والقوميين واليساريين (كتنظيمات سياسية) رغم التناقض الايدلوجي بينهما بالاظافة الى التحالف مع النظام السابق جمعتهم واحدية العداء للإصلاح ويظهر هذا جليا من خلال الانقسام الى معسكرين يمثل الاصلاح احدهما ويمثل الحوثيون مع حلفائهم المعسكر الاخر هذا الانقسام ظاهره السياسة وباطنه المذهبية نظرا لاستحواذ الحوثيين( الشيعة) على حلفاءهم السياسين بتقديم انفسهم كند سياسي قوي ومعادل مذهبي موضوعي لتنظيم الاصلاح (السني), مايزيد حدة الانقسام بين الطرفين و يعمق الهوة بينهما تلك التراشقات الاعلامية التى تزداد كل يوم حدة وتطورا في محاولات كل طرف كسب جولة ضد الطرف الاخر.وما اشاعة تغيير اسم مدرسة جمال عبدالناصر الا احدى هذه التراشقات (الفيسبوكية) الاعلامية والتي استطيع القول انها لم تكن موفقة فالإصلاح (اختلفنا او اتفقنا معه) مع ما يمتلكه من رصيد ضخم من الخبرات التنظيمية والسياسية ليس بتلك السخافة و السطحية والضحالة حتى (يفطر ببصلة) او (يغرق في كوب ماء) وان كان اختيار اصحاب الاشاعة لتغيير اسم مدرسة ليعطي ايحاءا بمحاولة سيطرة الاصلاح على التعليم والمرافق التعليمية والتربوية في البلاد واختيار اسم (جمال عبدالناصر ) بالذات ليكون وقع الاشاعة اكبر لدى الناس لمعرفة الإشاعيين (اي اصحاب الاشاعة) مدى حساسية اليمنيين تجاه من يتطاول ضد زعيم يكنون له الحب والتقدير والإعجاب فان هذا لا يقدم الا دليلا آخر على المراهقة السياسية لهؤلاء حين كان يفترض بهم المناورة بشكل اذكى وأكثر نضجا.

يمكن ان نخلص في القول بأنه في ظل وضع نشهد له تطورا سلبيا مطردا في اليمن فإن هذه الاشاعة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة والتى نأمل ان لا تنتقل الخلافات والاختلافات من العالم الافتراضي الى عالم الواقع ومن عالم التلفيق الى واقع التطبيق وان لا تكون اشارات وشرارات توقد نار فتنة تأكل اخضرنا ويابسنا.