الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠١ مساءً

ايها الناس لاتتركوا الرئيس بمفرده

عبدالوهاب الشرفي
الاثنين ، ١٧ يونيو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
تسأل الدكتور ياسين سعيد نعمان في تعليقه على قرارات التعيينات التي تتم مستغربا , لماذا لا يخرج الناس للشوارع ؟! هذا التساؤل السهل يحوي في طياته واحده من اهم سلبياتنا كمجتمع و التي تسمح للقوى العصابية ان تشكل الواقع كما تريده هي بعيدا عما يجب .

كثير مما يحصل هو غير سليم , ويؤثر سلبا على استقرار المجتمع وتعايشه , وعلى استعداد القوى في البلد للاقتصار على " الحوار الوطني " كآلية وحيدة لها للتأثير في المشهد الوطني .

الدولة يتم تشكيلها بشكل نفوذي وحزبي , فعشرات الالاف يتم توظيفهم ممن يحملون ولاء نفوذيا او حزبيا معين , والتعيينات في الوظائف القيادية في الدولة وفي الحكومة أيضا تأتي تبعا للولاء النفوذي والحزبي ذاته الا فيما ندر .

هذا التوظيف وهذه التعيينات تكرّس القوة الرسمية في يد نافذين وفي يد فصيل او فصيلين سياسيين دون غيرها , وهذا التكريس يؤثر على مفهوم الدولة نتيجة لتعاظم قوة هؤلاء النافذين والمتفردين على حسابها , ونتيجة للإخلال بتوزيع المكوّن الانساني في الدولة الذي يفترض تمثيل كل مكونات المجتمع فيه .

وهما ايضا يؤديا الى اعادة انتاج لحال عانينا منه طويلا من تحوّل الدولة الى ذراع للنافذين والمتفردين يوجهونها كيفما ارادوا , ويفرضون بها مصالحهم ورغباتهم , ويصبح النافذين والمتفردين فوق الدولة والقانون , وغيرهم تحت " دولتهم " و" قانونهم " لا تحت دولة وقانون .

منطق غريب لما يحصل ! , تتشكّل الدولة بشكل نفوذي وتفردي ويطالب " الجميع " بالتسليم لشرعيتها والخضوع لها ؟! , نبني الدولة بشكل عصابي ويتّهم من تضرر من ذلك واتخذ موقف تجاهه بالانفصال او بالتمرد .

شكلنا الجيش واستوعبنا رغبات نافذين ولم نستوعب كل مكونات البلد ! . اين الاشتراكيين والبعثيين والناصريين والحراكيين والحوثيين من التعيينات في مواقع قيادية في الدولة وفي الحكومة ؟! . كيف لهذا التشكيل وهذا البناء للدولة ان يخلق حالة الثقة التي نحتاجها بين كل مكونات البلد كحتمية لإنجاح الحوار الوطني الذي يعوّل عليه في حل مشكلات البلد . اي استقرار وتعايش سيفرضه مؤتمر الحوار وقد تم " كلفتة " الدولة ( قوة الجميع الرسمية ) في " زغّن " نافذين ومتفردين .

. لدينا رئيس جديد , وهذا الرئيس يتعرض لضغوطات هائلة من قوى التسلط سعيا منها لحمايه مصالحها , واستمرار نفوذها ,وتكريس تفردها . وقرارات فخامة الرئيس عندما نتركه لوحده بين يدي هؤلاء " العتاولة " لابد ان يكون لضغوطاتهم اثره فيها , ليس شرطا لرغبته او لقناعته بها او لخضوعه لها , وانما لأنه سيضع ضمن اعتباراته في اتخاذ القرار قدرة قوى التسلط هذه على اثاره مشكلات "ستزيد طين الوطن بلّه " مالم يستجب لقدر من رغباتها , وهذا هو الحال الذي يتخذ فيه فخامة الرئيس قراراته.

هذا الحال لن يكون نفسه عندما يكون الناس رقما فيما يدور , اعلان الناس لرغباتهم ورفضهم للقوى التي تتصرف بعقلية نفوذية وتفرديه سيعين فخامة الرئيس على اتخاذ القرارات المطلوبة لهذا الضرف الجديد الذي يكون الناس فيه رقما يحسب حسابه . فقوى التسلّط نفسها تعلم ان استمرار ضغوطها وممارساته العصابية سيقلب عليها الشارع , وهو امر تخشاه وتعدل ممارساتها اتقاء له , وحينها سيكون فخامته مطمئنا بان قدرة القوى المتسلطة على اثارة المشاكل سيكون في ادنى مستوى له وسيتخذ القرار بناء على هذا الحال الجديد .

ادعوا الجميع من القيادات الى تفهم اثر الممارسات العصابية التي تفرض حاليا بليّ الذراع وذلك على استقرار البلد و على تعايش المجتمع , وان يحذوا حذو الدكتور ياسين سعيد نعمان ويدفعوا بالناس الى الشارع بسلمية وبنظام لإعلان رغبتهم في بناء دولة يتشارك فيها الجميع , واعلان رفضهم لممارسات الفساد التي لاتزال كما كانت في مؤسسات الدولة , ورفضهم للتوظيف والتعيين النفوّذي والتفرّدي . مالم فليس لاحد ان يلوم فخامة الرئيس وقد ترك بين يديّ هولاء " العتاولة " بمفرده .