الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٤ مساءً

حياتنا .... ومتعة الشعر الحديث

هيثم الحميدي
الاثنين ، ٢٤ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
وأنا جالسا مع مجموعة من أصدقائي نستمع الى بعض القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء الكبار، فكرت أن أكتب عن الشعر وشعرائه المبدعين ، وأن أعيش جواً مليئا بالشعر، فالعيش بين أحشاء القصيدة تحليلا ، ونقدا، وإمعانا في دلالة النص هو متعة في حياتنا قد تفوق المتع الأخرى التي يلهث ورائها كثيرا من الناس، فمتعة التاجر في عد النقود لا تساوي شيء أمام متعة القارئ في قراءة الشعر، ومتعة المصور في التقاط الصور لا تساوي شئ أمام متعة الشاعر وهو يحبك قصيدتة بجمالها الفني ، ومتعة الفنان على خشبة المسرح وهو يلقى أغانية لا تساوي شئ أمام متعة الشاعر وهو يقراء قصائدة أمام الحاضرين .

لا شك أن الشعر الحديث أتى ليعبر عن موقف كلي من الوجود ، مما جعلها تستمد الى ثقافة عميقة ، وجهد كتابي دؤوب فرض على الشاعر أن ينفتح على الماضي ، ولهذا تبدو القصيدة الحديثة حافلة بالإثارات ، والتعبيرات ، والرموز، والصور البلاغية ، وروعة الصور الخيالية المؤثرة في النفس ، وما يميزها عن غيرها من القصائد في العصر القديم أنها منبعثة عن النفس يتخللها رقة الاحساس بالحياة ، وقوة الشعور بالجمال ، وإبتعاده عن مذهب الأوائل الذين نهضوا بالهجاء ،والمدح ، والخمر، لذلك كان على الشاعر الحديث أن يبحث عن اسلوبة الخاص الذي يستجيب لمطالبة بطريقة أكثر فاعلية وجمالا، بعيدا عن الهجاء ، والمدح ، والخمر، وأن يكشف عن شخصيتة التى تدلنا على ذاتة من جهة وما يكابدة من أوضاع معيشية تكبدها الشاعر العربي الحديث في حياتة ، سوى كانت اجتماعية ، أو سياسية ، أو يعبر في شعرة الى ما يتطلع الية من آمال وطموحات ، وهذا ما اتسم به شعراء العصر الحديث في الإبداع الشعري ، أو في كتابة القصيدة التي تمكنة من الانفتاح على وضعة الوجودي ، أو في عالم الحياة اليومية ،أو في عالم الحياة الشعرية التي يدخل اليها الناس كل يوم رغبته في كتابة الشعر .

لكن في بداية ثورات الربيع العربي، شهد الوطن العربي زلزالا مدويا ، وحدثا تاريخيا ، أذن بزوال حقبة الديكتاتورية ، ومجيء عهد جديد أذن ببدء حراك أدبيا ، وثقافيا، وسياسيا، دفع الإنسان العربي عموما ، والمثقف بشكل خاص، الى كتابة الشعر وعمل على سد الفجوات التى كان يعيشها هذا الإنسان من أمية ، وتخلف ، وتدهور، وخنوع، وخضوع، واستسلام، وذلك بعد مرور الشعر بمخاض عسير أسهمت فية ظروف اجتماعية ، وسياسية، وثقافية عديدة كادت توقع الشعر، ولكن عبقرية الشاعر العربي وموهبته المصقولة، هي من أسهمت في حركة التطوير الأدبي، والدفع به الى الأمام، واكتشاف المواهب التي ظلت لسنين طويلة لا وجود لها في عصر سادت علية الحياة السياسية وأخذت مجالا شاسعا فيها، دون العناية بالأدب، أو الاهتمام بالأدباء .

لكن كم روعتني ألفاظ شاب طائش محسوب خطأ على مجتمعنا، وهو يسخر من الشعر وشعراء التجديد في العصر الحديث، وكم هي مسيئة تلك الألفاظ المستهترة والقذرة من ذلك الشاب الطائش التى كادت تخرجني عن حدود الأدب والاحترام وتوقعني الى استعمال الكف، والإسراع في اتخاذ قرار سيئ بدلا من الألفاظ السيئة لإقناع مثل هذا الشاب الطائش المستهتر، رغم أنة لا يفهم شيء من الشعر.

إن حياتنا مع الشعر عظيمة ، ولكن الأعظم من ذلك هو أن نقوم بإحياء الشعر ، وذلك بكتابته، ونشرة وتشجيع الشعراء، وترسيخ روح الحماس فيهم ، وإتاحة الفرص لكل من أراد أن يكتب أو يقول الشعر، وأن نكون سويا شعرا ، وأدبا أو سياسيين سببا في نهضة الشعر، وتغير الواقع المتخلف الهزيل ، فقد أصبح الشعر جزء من حياتنا اليومية ،وهو رصيدنا الذي نعتز به ، وتاريخنا الذي نفخر به ، وأن ندعوا الناس الية دون خجل او وجل فالرسول صلى الله علية وسلم شجع الشعر، وأمر حسان بن ثابت أن يقول الشعر، ولكن لا نجعل الشعر ساحة صراع للمتحاربين، بل هي ساحة لحل القضايا الوطنية وحل الخصومات ، والمشاحنات، والنزاعات ومجال للإبداع ، والثقافة ،والترفية