الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٣ صباحاً

أصحاب المصالح لماذا يستميتون على صالح؟

د . عبد الملك الضرعي
الجمعة ، ٠٧ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
من الأسئلة التي تدور في إذهان الكثير منا ، لماذا يستميت بعض الناس دفاعاً عن الرئيس علي عبد الله صالح وسلطته ، فقد تجد فقيهاً ماهراً في الخطابة ، وآخريدعي الثقافة والفكر ، وثالث يدعي المنطق وو...الخ، وعندما تناقش أحد هؤلاء حول الفساد والظلم والقهرالذي عم ، والذي يشكو منه كل أفراد المجتمع منذ سنوات ، سيوافقك في كل ما تقول ، وبعد ذلك تقول له إذن فرحيل صالح وحزبه الحاكم ضرورة حتى تزول كل تل المفاسد ، سنلاحظ أن الحوار سيتحول من حوار هادئ إلى صيحات ونواح و...الخ ، وسيتحول الخطيب الطيب إلى مكفرٍ ولعَّان والمثقف إلى جاهل وسيخرج الحوار من أدب الحوار ربما الى تحد وخصام واشتباك بالأيادي وربما طعن بالجنابي.

إذا ما تتبعت قصة مثل هؤلاء ولماذا يستميتون على سلطة صالح هل حباً في علي عبدالله صالح وأسرته أم حباً في حزب المؤتمر الشعبي العام ، أم حباً في الأمن والإستقرار ، وقد تقول ربما حباً في الوطن أو حباً في الدين لأن علي عبدالله صالح ولي أمر أم لأسباب أخرى ، ستجد في الغالب أن تلك القيم والمثل لامكان لها في قاموس هؤلاء ، بل المصالح التي منحها لهم حكم صالح هي محركهم الأول.

إن غالبية هؤلاء يرون في زوال حكم صالح زوال لمصالحهم مهما صغرت ، ويرون أن دولة حديثة عادلة ستقضي على تلك المصالح ، وتلك المصالح أغلبها مرتبطة بشبكة الفساد التي نسجتها سلطة صالح خلال ثلاثة عقود ، ومن أبسط تلك النماذخ مئات الألاف من حالات الضمان الاجتماعي الغير قانونية ، فهذه الأعداد الغفيرة من السكان تعلم أنها تتسلم رواتب بغير وجه حق ومع بساطة هذه المبالغ ، إلاَّ أنها تمثل لهؤلاء مغنم لايجب التفريط فيه ، وهؤلاء يشكلون زخماً مهماً في حشود الرئيس صالح ومؤيديه ،لأنهم يتعرضون من عقال الحارات والمشائخ ومسئولي الرعاية الاجتماعية للترهيب بأن مستحقاتهم سوف تسقط اذا ظهرت دولة جديدة وفي نفس الوقت الترغيب بالوعود بأن المخصصات ستزيد إذا استمر الرئيس صالح وحزبه في الحكم ، ويضاف إلى هؤلاء عشرات الألاف من حالات الإزدواج الوظيفي أو تعدد رواتب التقاعد والوفاة وهؤلاء يرون في ذهاب حكم صالح ضياع لفرصتهم في نهب المال العام لأنه لاتوجد دولة في العالم يعمل فيها الموظف في عدة جهات بدون دوام أو يتسلم عدة رواتب تقاعد أو وفاة!!!ومن الأصناف الأخرى عشرات الألاف من العسكرين الوهميين(عسكري منازل) فهؤلاء مسجلين في وحدات عسكرية وأمنية والحقيقة أنهم لايعرفون منها سوى أمناء الصناديق أو شباك البريد بل أن بعضهم أطفال يتولى أولياء امورهم مهمة استلام رواتبهم ومتابعة ترقياتهم ، وذلك معيب لأنه لايعقل بأي دولة تحترم نفسها أن يكون لها جيش في الكشوفات وليس في المعسكرات ، وصنف آخر يحتلون مناصباً مرموقة لايستحقونها وتدرعليهم ملايين الريالات وربما الدولارات وإن تغيرت السلطة قد يتحولون إلى فقراء في يوم وليلة ، وآخرون قد تكون مصالحهم محصورة بطائفة أو مذهب ويرتبط نفوذه ببقاء حكم صالح ، وهناك تاجر أو مقاول أو مستثمر تحول من محتاج وفقير إلى ملياردير عبر شراكة أو توصية أوحتى زواج من مسئول نافذ ، وهناك نماذج لاحصر لها يرتبط وجودها ومصالحها ببقاء السلطة الحالية في الحكم ، وبالتالي فهؤلاء لو يعلموا أن مصالحهم لن تتضرر لرأيتهم في مقدم المسيرات ينادون الشعب يريد إسقاط النظام ، ولكنهم يعلمون أن شباب الثورة يسعون إلى يمن جديد يسوده النظام والقانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية ، فتلك الطموحات الشبابية إن نفذت في اليمن الجديد فإن هؤلاء حتماً سوف تتضرر مصالحهم وطموحاتهم المستقبلية ، لذلك كله فهم يستميتون دفاعاً عن بقاء صالح ، ولكنهم لو علموا أن أوراق صالح ومناوراته إنتهت ، و تأكدوا أن ثورة الشباب ماضية فإن لسان حالهم سيقول كما قال أحدهم وهوعباس المساوى مع بداية الثورة الشبابية(ليذهب صالح وأولاده إلى الجحيم) ، وسوف يهرولون إلى ساحات التغيير والحرية حتى لا يقال لهم من أين لك هذا ، لذلك فغالبية من يستميت على بقاء صالح ليس حباً فيه ، والرئيس صالح وأفراد أسرته يعلمون ذلك بشكل يقيني.

أخيراً نقول لهؤلاء وهم كالذباب على موائد اللئام ، إعلموا أن إرادة الشعوب لاتقهر ، وأنكم مهما تمترستم بترسانة صالح العسكرية ، فإن شباباً لم تعرفوا مثلهم سلميون وأصحاب إرادة فولاذية ، بصدورهم العارية سيصهرون قذائفكم ، وبدمائهم النازفة سيكتبون تأريخ اليمن الجديد ، إنه جيل عجيب ليس من أصحاب المصالح الصالحية ، فهوا يقدم حياته ليحيا إخوته وإبناء قومه حياة كريمة عادلة ، منهم شباب الجامعة وأبطال الرياضة وقادة الفكر ورواد الحرية ، هؤلاء تصغر أمامهم مصالح الدنيا لأن كرامتهم ووطنهم أغلى ، هؤلاء شباب وإن رأيت فيهم كبار السن أو الأطفال ، فهم جميعاً في حقيقتهم شباب وشابات بما يحملونه من روح ثورية وثَّابة وأمل في مستقبل الوطن المنشود الذي يحكمه الشرع لا الهوى والعصبية والنفوذ ، وطن تسمو فيه قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية ، لأجل ذلك تساقط الشباب شهداء ، ولإجل ذلك سيستمر نضال الشعب اليمني حتى نجاح ثورته كاملة غير منقوصة ، ندعوه تعالى أن يعيد البغاة وأصحاب المصالح إلى رشدهم إنه على ما يشاء قدير.