الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٤ مساءً

في رحاب أهل الله.. احمد موسى بن عجيل

عارف الدوش
السبت ، ٢٠ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
هو الفقيه الإمام العلامة أبي العباس أحمد بن موسى بن علي بن عجيل ونسبه إلى قبيلة الزرانيق التي يعود نسبها إلى قبيلة الازد الكهلانية التي استوطنت تهامة بعد تهدم سد مأرب، ولد سنة 625 هجرية.

عالماً محققاً اختط بيت الفقيه

عاش الفقيه أحمد موسى بن عجيل وتربى في أحضان العلم والعلماء ونمى وترعرع في مناهل العبادة والزهد والصلاح والفقة حيث توفرت له بيئة علمية خصبة كان لها دور كبير في نشأته وإعداده وتأهيله وتلقى تعليمه على يد عمه إبراهيم بن علي بن عجيل إذ لازمه اثنتي عشرة سنة قضاها في طلب العلم والتحصيل، كما أخذ العلم والفقه على يد شيوخ آخرين في تهامة وفي مكة المكرمة.

وهو من اختط "مدينة بيت الفقيه" ونسبت إليه وأخذت شهرتها من اقتران اسمها بمؤسسها الفقيه أحمد بن موسى العجيل منذ عام 650 هجرية ففي بداية الأمر أطلق عليها "بيت الفقيه بن عجيل" ومع مرور الأيام اتسع البيت وكبر واشتهر وذاع صيته فاصبح "بيت الفقيه".

وذكر المؤرخ أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الشرجي في كتابه "طبقات الخواص" ان الشيخ أحمد بن موسى بن عجيل له كتاب جمع فيه أسانيده ومشايخه في العلم وهذا يعني انه تلقى العلم عن جمهرة من العلماء وكان الفقيه العلامة احمد موسى بن عجيل ذا ثقافة دينية واطلاع واسع في علوم الفقه والحديث فصار عالماً محققاً في النحو، والحديث، والأصول ، والعروض ومدرساً بارعاً وصفه المؤرخ الشرجي فقال: “كان إمامًا من أئمة المسلمين المنتفع بهم قولاً وعملاً.

عاش الفقيه بن عجيل في ظل الملك يوسف بن عمر الرسولي مؤسس الدولة الرسولية ، وتفقه على يد عمه إبراهيم بن علي بن عجيل ، وتصدر للتدريس في بلده، واشتهر ذكره وعلمه؛ فدرس عليه عدد كبير من طلبة العلم منهم: العلامة عمر بن محمد بن سليمان الصهباني، والعلامة القاسم بن علي بن موسى الرواني، والعلامة علي بن عبدالله الزيلعي.

ذكر عنه بعض المؤرخين أنه كان من أصحاب الكرامات، وكان كثير الكتمان لها ، وكان كثير الحج إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة وزيارة قبر النبي "صلى الله عليه وسلم" في المدينة المنورة، إذ حج قريبًا من عشرين حجة وعندما كان يخرج للحج يخرج معه خلق كثير من أهل اليمن.. وقد عاصر الفقيه العلامة أحمد موسى بن عجيل الصوفي الكبير الشاعر عمر بن الفارض واجتمعا معا في مكة أثناء وجوده هناك وقد ذكر هذا اللقاء في كتاب بن الفارض الذي جمع فيه شعره وتاريخ حياته.
وقال الفقيه العلامة احمد موسى بن عجيل عن كتاب البيان في مذهب الإمام الشَّافعيّ تأليف العلامة الشَّيخ الفقيه أبي الحسين يحيى بن أبي الخير سالم العمراني الشَّافعي اليمني 489 ـ558هـ “لولا البَيَان ما وسِعني اليَمن”.


منهجه التعبدي والتربوي:
اهتم الفقيه العلامة أحمد موسى بن عجيل بالعلم والتعليم وأصبح له منهج تعبدي وتربوي معروف يتخلص في العبادة الخالصة والزهد في الحياة والتربية الروحية والاعتماد على الذات وتحري الكسب الحلال والاستقامة وكان يشتغل في العلم باعتباره نعمه وإن نشره على سبيل الحسبة تقرباً إلى الله وشكرا لنعمته وقد كان معروفاً برعاية طلاب العلم ومراعاة قدراتهم العقلية واستعدادهم على طلب العلم وكان يغرس في تلاميذه مفهوم إن العالم والفقيه لابد أن يكون قدوة وإمام للناس ومصلح اجتماعي في الوقت نفسه ،كما حث تلاميذه بان من واجب الفقيه والعالم أن يعيش هموم الناس ويعمل جاهداً من أجل مد يد العون لهم ورفع الظلم عنهم.

وكان الفقيه العلامة بن عجيل يوصف بالزاهد الخاشع المتواضع فقد عرف بالتواضع والزهد والعزوف عن الدنيا ومباهجها ولم يكن لديه الانقطاع للعلم والعبادة انقطاع المغالين الداعين إلى الكسل والخمول والاعتكاف بالزوايا والأربطة الصوفية بل كان يقوم بزراعة الأرض ليأكل من عمل يده ويحث تلاميذه على ضرورة العمل والكسب الحلال والأكل من عرق الجبين ،لم يعرف عنه انه ذهب إلى الحكام أو تقرب إليهم.

وذكر الشرجي في كتاب "طبقات الخواص" أن الملك المظفر الرسولي أرسل إلى الفقيه إسماعيل الحضرمي والى الفقيه محمد الهرمل والفقيه أحمد موسى بن عجيل يطلب من احدهم أن يتولى القضاء فمرا عليه الفقيه إسماعيل والفقيه الهرمل فقال لهما: قد عزمتما إليه فقالا نعم: فقال كان رأي أن لا تفعلا وإذا فعلتما فلا تذكراني عنده وإذا ذكرني فقولا له: هو في عش في البادية إن تركته وإلا ذهب إلى الحبشة.. واكتسب الفقيه بن عجيل مكانة اجتماعية وروحية في تهامة كلها وفي غيرها من البلاد وقد أورد المؤرخون الشرجي والخزرجي والجندي وغيرهم الكثير عن مكانة الفقيه العلامة بن عجيل.


من مؤلفاته:
1ـ كتاب جمع فيه أسماء مشايخه وأسانيدهم في كل علم.
2ـ حاشية على كتاب: (التنبيه) في مذهب الإمام (الشافعي) لـ(الشيرازي).
3ـ حاشية على كتاب: (المهذب) لـ(الشيرازي). 4ـالغارة: قصيدة يناجي فيها ربه، ويطلب غارة الله. وجدت في مكتبة برلين حققها ونشرها الدكتور عبدالله بن محمد أبوداهش.
5ـ مخطوطة بعنوان "الصلوات الخمس" وجدت بالجامع الكبير بصنعاء.


يقع ضريح الفقيه العلامة أحمد موسى بن عجيل في قرية التربة، إحدى القرى التابعة لمدينة بيت الفقيه، وهو عبارة عن قبة مبنية من الياجور والقضاض والجص. وداخل القبة تابوت خشبي مزخرف بالنقوش والكتابات، وثلاثة قبور أوسطهم قبره ، والثاني للفقيه أحمد بن موسى المشرع، والثالث للأمير أحمد بن عامر بن عمر السلطان الملك عبد الوهاب بن داوود بن طاهر، المتوفي في884 هجرية إثر سقوطه من على جواده في منطقة عبس، ودفن بجوار الفقيه العلامة الصالح بن عجيل مؤسس مدينة بيت الفقيه، وكان على قبر بن عجيل تابوت وقبة، هدمهما الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين عام 1348هـ/1929م، حين كان وليًّا للعهد بعد تغلبه على قبيلة الزرانيق، غير أنه أعيد بناؤها، وهي حاليًا مزارٌ معروف، غربي مدينة بيت الفقيه.
وكانت وفاته سنة 690هـ - 1291م.