الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٦ مساءً

أيها الحوثيون..هل العنف هو الطريق الآمن

صالح احمد كعوات
الاربعاء ، ٢٤ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
حين نعيد النظر في مسيرة الثورة الإيرانية وأجنحتها في الدول العربية نلحظ تشابها في الخطوات وطريقة التعامل مع الآخر في سياسة التمدد، مستخدمين العنف والقوة منهجاً وسلوكا، ومن الشواهد على ذلك أن النظام الإيراني استخدم ولا يزال وسائل التنكيل والإبادة والتضييق على المخالفين له داخل إيران، وخاصة الأهوازيين، فهم مواطنون إيرانيون لكنهم لا يتمتعون بأبسط الحقوق، وفي العراق ما تقوم به عصابات المالكي وجيش المهدي من تفجيروتصفية وإقصاء للمعارضين وتلفيق التهم كما جرى لنائب رئيس الوزراء محمد الهاشمي غيره، وهو نفس الأسلوب الذي تعامل به حسن نصر الله مع اللبنانيين حين رفض إلا التعطيل وإدخال لبنان في فراغ كاد يعصف بالبلد لولا تنازل الفصائل الأخرى، في سوريا الكل يدرك مدى شناعة ما يقوم به الأسد ضد شعبه حتى أنه رضي لنفسه أن تتدخل إيران وحزب الله بشكل واضح وعلني لقتل الشعب السوري والانتقام منه بسبب مطالبته برحيله، وفي اليمن يسير الحوثيون بنفس الطريقة والتي تعكس وحدة المدرسة التي تخرجوا منها، وما يعانيه أهل صعده وحجه والجوف من قتل وتفجيرات وتنكيل ومضايقة وصلت حد منع المصلين واضح لكل عاقل، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ويحتاج إلى إجابة شافية، ماذا يريد الحوثي من ممارسة العنف رغم أنها أتيحت له فرصة المشاركة في العملية السياسية دون النظر والتوقف في ما فعل ويفعل من ممارساتٍ بشعة؟ إنّ المراقب للمسيرة الحوثية يلحظ انه كلما أتيحت له فرصة المشاركة وتحقيق المكاسب السياسية زاد من ممارسة العنف، فحين كان يواجه الدولة قبل الثورة كان مقتصر على محافظة صعده وبعض المديريات القريبة منها، وبعد دخوله في الثورة وقبوله كأحد المشاركين فيها تطوّر الأمر إلى حربٍ مع أبناء الجوف وحجة، وحين سُمح له بالدخول في العملية السياسية وصل إلى صنعاء وحتى المحافظات الجنوبية، ناهيك عن كميّات الأسلحة التي يتم تهريبها من تركيا وإيران وغيرها بشكل مطّرد، فهل هذا يعني أن هناك قوى من داخل النظام ذات نفوذ تدعم هذا الخط الذي يسير عليه الحوثيون ؟ وهل من دول خارجيّة غير إيران-طبعا- تسانده وتشجعه وخاصة من الدول التي ترعى المبادرة الخليجية ؟ إن الناظر المتفحّص في المشهد لا يرى اختلافاً بين ما تقوم به عناصر القاعدة وما تقوم به مليشيات الحوثي إلاّ أن الأخيرة تزيد على الأولى باستهداف اليمنيين والتعدّي على دول الجوار ؟ فماذا يعني شيطنة ذاك ومطاردته وغض الطرف عن هذا؟! نسمع اليوم عن احتمال مشاركة الحوثي في حكومة الوفاق وفي نفس الوقت نسمع أيضاً أن الحوثي عاود محاصرة أبناء دماج، ومنَع المصلّين في صعده وصنعاء فيا للعجب والغرابة، إنني مع تعارض الأحداث وعدم تناسق الفعل وردة الفعل لا أجد غير عدة احتمالات :

الأول : أن الحوثي يعلم حال حكومتنا الرشيدة وما تمرُّ به من ضعف أوصلها إلى حد الانفلات وهو بذلك يستغل هذا الضعف ويعمل على التوسع ولكن بوسائله التي يجيدها والتي تبدو له أنها ناجحة وتختصر له الزمن فمن لا يؤمن به طواعية إستخدم حد السيف ، كما انه قد يرى أن تضييع هذه الفرصة انتحار وخسارة كبيرة،ولكن هل هذه الوسيلة نافعة له على المدى البعيد ؟

والاحتمال الثاني : أنّه لا يرى من مصلحته خروج اليمن إلى مرحلة الاستقرار والانتخابات والتي ستعقب نجاح مؤتمر الحوار الوطني، ويدرك أنه قد يكون أحد ضحايا الديمقراطية فهو يعمل على إعاقة الحوار والسعي لإفشاله، ولكن هل سيتحمل اليمن مزيد من التعطيل وبعثرة الأوراق ومحاولة الذهاب بمؤتمر الحوار إلى تفاصيل صغيرة على حساب القضايا الوطنية ؟

الاحتمال الثالث : أنه يتوقع حدوث استفتاء على شكل الدولة وخاصة فكرة الأقاليم وهو بالتأكيد يسعي لأن تكون صعده إقليما مستقلا يضاف إليها حجة وبعض الجوف، وهو بممارساته التي يقوم بها يهدف إلى تهجير المعارضين ونزوح المواطنين الرافضين له حتى تأتي نتيجة الاستفتاء كما يريد، ولكن هل يتوقع أن النازحين سيكونون بعيدا عن الاستفتاء حتى وان كانوا خارج صعده ؟

ما أخشاه في المرحلة الراهنة والقادمة القريبة أن يتم استخدام الحوثي لتقويض الثورة والالتفاف عليها من قبل النظام السابق، خاصة وان هناك مؤشرات على تحالف كبير بينهما، بالإضافة إلى بعض الدول الإقليمية والراعية للمبادرة الخليجية، وهذا لا سمح الله سيكون هو بداية دخول اليمن في حرب أهلية ليست في صالحه ولا صالح المجتمع الإقليمي والدولي، فهل ستقوم بعض الأطراف بهذه المغامرة المدمرة للجميع تحت ذريعة التصدي للمشروع الإسلامي كما جرا في دول أخرى .