الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٥ صباحاً

مفطرات الصوم بين المحرم والمكروه

إبراهيم القيسي
الاربعاء ، ٢٤ يوليو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
الصوم هو الإمساك عن المفطرات من طعام وشراب وجماع وكل ما دل على معنى من هذه الثلاث ألحق به وللصوم آداب يجب أن يلتزم بها الصائم أثناء إمساكه والتفريط في هذه الآداب ينقص من أجر الصوم وقد يمحى أجره إذا تكرر منه التفريط عن عمد وسابق إصرار فإذا خوطب الصائم بترك قول الزور والعمل به ثم سعى لا يبالي بما يرتكب من افتراء على الله وتعد لحدوده وركب ظهر المعصية بإيذاء عباد الله بما يصدر منه من عمل مناف لطبيعة الصوم فيكون حينئذ قد جانف الحق وتسبب في ارتكاس صومه بما يمارسه من كذب وزور وغيبة ونميمة وسب واعتداء على عباد الله فصومه في هذه الحالة مجروح الثواب قد ثلمه بعوادي المعصية فربما أفسدت الصوم وفرغته من معناه وجعلت الصائم يتعب بتحمل الجوع والظمأ باطلا والنتيجة المحتومة هي الصفر في الأجر والثواب .

فهناك مفطرات حسية ومعنوية فالحسية هي التي يبنى عليها الحكم الظاهري للصوم ومن مارسها متعمدا يكون قد فرط في صومه وخرج من إطار الإمساك إلى الإفطار أما المفطرات المعنوية فهي لاتخرج الصائم عن حكم الإمساك لكن تعتبر فيروسا قاتلا للأجر والثواب وللعلماء قواعد مختلفة يقيسون عليها مسألة المفطرات فهناك اختلاف في المنافذ التي تصل إلى الجوف واختلاف بين مايصل إلى الجوف من أشياء مغذية وغير مغذية وهناك أيضا مايخرج من الجسد والجوف هل يعد مفطرا أم غير مفطر مثل القيء والمني والمذي واختلاف في المباشرة دون الجماع للصائم وهذه القضايا في الحقيقة حساسة وتعرض الصائم للشبهة وفقد الثقة بصومه إذا باشرها وأكثر من تناولها .

فهناك من العلماء من يعد المنفذ الوحيد إلى الجوف هما السبيلان وهناك من يرى غير ذلك مثل الإمام مالك فكل ماوصل عنده إلى الحلق يعد مفطرا سواء كان مغذيا أو غير مغذ وسواء دخل عن طريق الفم أو الأنف أو العين أو الإذن وهي مسألة اجتهادية لأن الإمام مالك يأخذ بقاعدة سد الذرائع وهناك من العلماء من يرى غير هذا ولايعد عنده غير المغذي مفطرا مثل الحقن وما شابهها أما مسائل مايخرج من الجسم مثل المني والمذي فقد اتفقوا على الإفطار من خروج المني ومنعوا الإفطاربخروج المذي ومثله صب الدم وخروج القيء وفرقوا بين من ذرعه القيء وبين من تعمده ففي الأولى قالوا بعدم الإفطار وفي الأخرى قالوا به وفي الدم فرقوا بين قليله وكثيره وكذا القبلة المتعلقة بالمباشرة دون الجماع مع ثبوتها من فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ففيها الخلاف والصحيح أنها لاتعد من المفطرات غير أن العلماء كرهوها للشاب والابتعاد عنها أثناء الصوم أولى وهناك مسالة الأكل والشرب ناسيا وهي مسالة متفق عليها وهي من الأعذار المبيحة لرفع التكليف مثلها الخطأ والاستكراه " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وهذه المسألة لاتعد من المفطرات بل تعد من الكرامات " من أكل أو شرب ناسيا فإنما أطعمه الله وسقاه " .

فالصوم جنة ووقاية من النار يجب أن يحتاط له الصائم من كل ما يؤدي إلى إفساده من الأمور المفطرة سواء كانت معنوية أو حسية وسواء كانت في نطاق المحرم أو المكروه ليأخذ بقاعدة سد الذرائع التي قال بها الإمام مالك ليبتعد عن كل مايجرح الصوم من تلك المفطرات فالالتزام بآداب الصوم وسيلة تعمل على وقاية الصوم من كل العوامل التي تفسده وتخل به وتحصن الصائم عن السقوط إلى تلك الهنات التي تتجمع عليه من ثنائية المفطرات فيفاجئ في اليوم الآخر ببوار العمل ولا يحصل على الجائزة العظمى وهي الثواب من الله بغير حساب والدخول من باب الريان الذي أعده الله بخصوصية مطلقة للصائمين فمسألة التحري للحفاظ على الصوم من المسائل العقائدية المرتبطة على اعتقاد المسلم بمراقبة الله له على شعوره وتصرفاته ففي حال السلوك المستقيم يكتب له الأجر والثواب كاملا وفي حال الخروج عن الاستقامة ينقص الأجر بمقدار ما اقترف من المعاصي من المفطرات المعنوية والحسية فالمسألة تحتاج إلى تربية للنفس لتقوى عندها عقيدة التقوى وتربط بين ظاهر النفس وباطنها حيث تصير المسألة ثنائية الرقابة وهذه هي فائدة الصوم تربية إيمانية وطاعة لله وانضباط في السلوك وتحر للحق وابتعاد عن كل مايخل بطبيعة الصوم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم ..." .