الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٥ مساءً

الفكـر وممارسة العمل السياسي ..!!

محمد البعوم
الأحد ، ٢٥ أغسطس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
إن الفكر ضرورة من ضرورات الحياة ، وأحد المرتكزات المهمة لصناعة وعي إنساني خلاّق ، والفكر يُشعرنا جميعاً بتولي المسؤولية المُراد حملها على عاتقنا جميعاً ، إنهُ يمهّد لنا الطريق لمعرفة ما يجري في هذا العالم ويفعّل لدينا الآليات العقلية والتي غالباً ما تكون تفسيراً للواقع الذي نعيشه عبر التحليل ، الإستقراء ، الإستلهام ، الإستنباط والإستنتاج .
الفكر ليس بيع كلام ، بل هو المحدد الرئيسي لصياغة الأهداف والمبادئ العامة لرؤى الدول التي بناءاً عليها يتم تحديد مفهوم وشكل الدولة القادمة .

السياسة بدون رتوش وكما نلاحظها في مجتمعاتنا الشرقية أنها عملية مكونة من الثلاثية القاتلة لتزييف وعي الشعوب " الخداع ، الحيلة ، المراوغة "..وإن السياسة حينما تذيّل بالفكر فإنها ستكون أكثر نجاحاً وإنتاجاً وإذا حاولنا أن نكسر هذه الإيقونة ونعمل على تسيس الفكر ، فإن هذا بإعتقادي سيؤدي إلى ضحالةً في الفهم ، وتضييق للقدرات العقلية في أن تمارس حقها في التعبير الفكري .

كلنا نعرف أن السياسة هي محاولة الكسب ، وفي السياسة لا صداقة ولا عداوة للأبد ، وأصدقاء الأمس قد يكونوا أعداء اليوم والعكس ..وفي السياسة يذوب الفكر وينكمش ، لأن السياسة تراعي الربح والخسارة في حين أن الفكر بعيداً عن هذا كله .
صحيح أن اليوم تواجه المجتمع اليمني تحديات وملفات صعبة جداً كاالتحديات الأمنية والإقتصادية والعائلات الأرستقراطية التي تسيطر على المال والثروة وكذلك الكتل البشرية الضخمة من القبائل التي غالباً ما تكون رؤوساً فارغة وغير واعية إلا أنني أعتقد أن سبب هذا كله هو بسبب غياب الوعي التام لدى مجتمعنا اليمني بعدم إمتلاك فكر ينحاز للإنسان ، ويقيّم تصوّراته ، فكر يُنشئ مجتمعاً متسلحاً بالعلم والمعرفة .

حينما واجهت ماليزيا الأزمة المالية العالمية قال مهاتير محمد لقد تضررت بلادنا مثل بقية العالم ولكن كنا على إستعداد لمواجهة هذا الحدث الطارئ بقوله "لقد عملت على غرس الوعي في نفوس الشعب ، وتعميق الولاء الوطني ، وتنمية العنصر البشري " وكانت النتيجة أن توافدت الأمهات الماليزيات من كل عرق بطرح حليهن من المجوهرات الذهب والفضة والسبب أنهن عرفن معنى وطن وليس معنى جماعة أو فرقة التي غالباً ما تقدّم نفسها على الوطن .

وأخيراً ، ما أظنه وأعتقده إن الفصل بين الفكر والسياسة أمرٌ في غاية الصعوبة إذ أن الثاني يعتمد على الأول ويخدم توجهاته ويقدّمه بصورة قريبةً من الجماهير خصوصاً للمجتمعات الغير القارئة كمجتمعنا اليمني مثلاً .