الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٥ مساءً

الفطرة المفقودة

نبيل مبارك عجرة
الاربعاء ، ١١ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
إن فطرة الإنسان تميز بين الخير والشر، والصالح والطالح، والظلم والعدل، وهذه الفطرة هي التي تميز الإنسان عما سواه، ولكن هاهو ذا الإنسان الذي كرمه ربه يهدر هذه الفطرة أكثر ممن لا يتمتعون بها، وإنه يظلم أبنا جنسه يقتلهم، ويشردهم، ويوجه إليهم كل شر مستطير.

وقد يوصل العبث بالفطرة بأن يصير الإنسان مخلوق لا ينتمي لأي فصيلة في هذا الكون! وقد ذكر الخالق سبحانه وتعالى هذا النوع من المخلوقات فقال: { ألئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} أضل حيث أنهم لم يهتدوا إلى طريق للإنتماء لأي فصيلة من فصائل المخلوقات، فالحيوانات لها نظامها وفطرتها التي لا يخترقه فرد من أفرادها، ومن يخالف ذلك يحكم عليه بالإنقراض، إن الحيوانات لا تظلم فصائلها فالأسد ليس أسد وسط الأسود، والنمر ليس في العرين نمراً لكن الإنسان أصبح يفترس إخوانه، حتى الأقربين منهم، مما لا يوجد له مثيل في قانون الغاب.

فهل نستطيع أن نقيم مجتمعاً سليماً من كل هذه المخاوف التي لا تفارقنا، تلك العوائق التي تواجهنا، ألا نستطيع إقامة مساواة بين أبنا الجماعة الواحدة جماعة تنس أسماء الرذائل.
إن العودة إلى الفطرة غاية التقدم إذ أن كل الأديان والقوانين جاءت لتثبيت الأخلاق التي تعارف عليها الأقدمون، وأخذها كل جيل عمن قبله، وتنظيم العلاقة فيما بينهم بحيث لا يختل نظام الجماعة الواحدة. فلا يستطيع فرد أن يكتفي بكفأته بل كل منا يكمل الآخر، فالعقل يحتاج إلى القوة، والشجاعة تحتاج إلى الكثرة فالإنسان بطبعه محتاج إلى من يكمله، فسمي الإنسان لكثرة النسيان، فلذا يحتاج إلى من يذكره { فذكر إن نفعت الذكرى }، ويقول ابن مسعود ش " كان ق يتخولنا بالموعضة "، لأن القلوب تنسى فتقسى.

إن السائر في طريق النجاح لا يصل الى مناه إلا إذا وجد من يقف بجانبه ويسانده بل وربما من يغلظ عليه ليقومه من الإعوجاج، فإن اليد قد تقسو على أختها وربما تدميها ليس لأنها تكرهها بل لتزيل القاذورات والأوساخ عنها.

علينا أن نبث في قلوب مجتمعنا أن سبب الكيد لبعضنا على بعض إنما هو بسبب الجشع، والطمع وحب التسلط على الغير، تلك الصفات ما اجتمعت في أمة إلا انهكتها ولكن بالتسامح والمحبة فيما بيننا تذهب وتتلاشى تلك العوائق، وبتمني الصلاح لجميع مؤسساتنا والحفاظ عليها تزول من القلوب هذه الادران، فالذي أبيد من أجله الشعوب حب السيادة والنظر إلى بقية المجتمع نظرة دونية على أنهم وسيلة للوصول إلى المآرب.

فالحوار والجدال في مصطلح الناس مناقشة بين طرفين أو أطراف يقصد بها تصحيح كلام، أو إظهار حجة، وإثبات حق، ودفع شبهة، فالنقاش الذي نحتاجه في زمننا المتلاطم بأمواج الفتن والإختلافات هو الوصول إلى كشف كل طرف ما خفي على الآخر مما يرا أنه مصيب فيه وغيره مخطئ، فالواجب على الإنسان تجاه بني جنسه التألف والتراحم فيما بينهم، والتعاون فيما نراى أننا متفقين فيه والنصح فيما نراى بعضنا مختلفين فيه لتسير هذه الحياة بأمن وأمان وللوصول الى بر الأمان، علينا أن نعيد تلك الفطرة التي دعا إليها جميع الرسل تلك الفطرة التي تقربنا إلى الكمال العلوي.