الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٢ مساءً

هجمات الحادي عشر من سبتمبر مالها ولها !!

رضوان محمد السماوي
الجمعة ، ١٣ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتغير وجه العالم سياسياً وثقافياً وأخلاقياً واقتصاديا وأهم من كل ذلك عسكرياً ، لقد كان الكثير من النخب الثقافية والسياسية والأنظمة العربية تروج لأمريكا وأنها أم الإنسانية الحنون وأبوها الأمين والقوة التي لا تُقهر وأن علينا الترويج للثقافة الأمريكية والقبول بها كقدر مقدور .

جاءت الأحداث بعد حرب الخليج الثانية واستباحة أمريكا لمياهنا وبرنا وجونا بفتوى آل سعودية ، فكشفت تلك الحرب الصليبية جزء من الوجه الكالح لبعض الدول التي كون المسلم عنها ذاكرة سوداء كلها خيانة وتآمر وتكالب على الإسلام والمسلمين بداءا من أمريكا مروراً بدول الخليج والدولة السعودية نهاية بمصر مبارك وسوريا الأسد اللتان بعثتا جنوداً وفرقاً عسكرية للقتال تحت الحراب الأمريكية .

تصدى العلماء وأهل الرأي من إسلاميين وقوميين للاستهداف الصليبي للمسلمين ، لكن النسيان طوي الجميع وعاد الكثير من الدول والجماعات والأحزاب والكتاب الى سابق عهدهم واهتماماتهم الخاصة ، لكن فئة من المسلمين نذروا أنفسهم للوقوف في وجه هذا العدوان ، فكانت الهجمات التي استهدفت الوجود الأمريكي في قاعدة الخبر السعودية ، ثم تتالت الهجمات هنا وهناك في عدن باستهداف المدمرة الأمريكية كول ، واستهداف السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام وتوجت تلك الفئة التي نذرت نفسها للمواجهة العسكرية مع أمريكا بهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت مراكز اقتصادية وعسكرية للأمريكان تمثلت في برجي مركز التجارة الأمريكية والبنتاغون .

لقد تحدث بن لادن عن هدفه من تلك الهجمات وقال أنه وبعد الاندماج الإستراتيجي الذي عقده مع الدكتور المصري أيمن الظواهري في العام 1998 وتغيير الخطة الإستراتيجية التي كانت قد اتخذتها بعض الجماعات الإسلامية الجهادية خصوصاً في مصر والجزائر والمغرب وأنه بدلاً من استهداف الدول العربية العميلة للأمريكان وما تسببه تلك الهجمات من الهرج والمرج خصوصاً مع عدم الوعي العام الشعبي لحقيقة تلك الدول ، يكون الهجوم لرأس تلك الدول وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية وإخراج تلك الدولة من الظل إلى الضوء وكشف الوجه الكالح لها وأنها هي اللاعب الرئيسي في المنطقة خصوصاً بعد قدومها إلى الخليج العربي تحت ذريعة التعاون وانطلت تلك الكذبة والخديعة التي روج لها علماء وكتاب وساسة ومؤسسات إعلامية توصف ذلك الاحتلال على غير حقيقته ، وأن أمريكا في حال مسها الضر أو ربيبتها إسرائيل فهي على كامل الاستعداد لاحتلال الدول وإسقاط الأنظمة وإهلاك الحرث والنسل ، وأن مقولة أن زمن الاحتلال قد ولى هي أكذوبة كبيرة ، وهذا ما حدث فقد خرج "الشيطان الأكبر" من مخبأه وكشر عن أنيابه ، فقال بوش أنه سيخوض حرباً صليبية وأن من ليس معه فهو ضده ، وقال قولته المشهورة لزعماء الأنظمة العربية غيروا قبل أن تُغيروا وخاض بوش حروبه في أفغانستان وقتل الآلاف وشرد الملايين ، فكانت ردة الفعل الغاضبة من المسلمين من عدم الرضاء والشعور بالظلم وإن لم يكن ذلك بالشكل الواسع والكبير باعتبار أفغانستان بعيدة عنا ولغلبة النفس القومي لدينا ، أعقب تلك الجريمة بحق المسلمين ما أقدم عليه اليهود في فلسطين من اقتحام مخيم جنين وتجريفه وقد توج بوش جرائمه باحتلال العراق ، لقد ظن بوش أن مبدئه ما لم يُحل بالقوة يجب أن يُحل بالمزيد من القوة ، سوف يؤتي أُكله باحتلال العراق وظن أنه اللاعب الوحيد المؤثر في المنطقة خصوصاً بعد أن ضمن ولاء شيعة العراق وإيران وولاء المؤسسة السياسية في الخليج ومصر وغيرها من الدول ، لقد أغراه الانسحاب التكتيكي الذي قادته طالبان في أفغانستان والسقوط السريع للعراق في بضعة أيام أن يُعلن عن استهداف دول أخرى وأنه لا بد من تغيير الأنظمة السياسية في أكثر من ستين دولة ، لكن ما لم يكن يدرك أبعاده حقيقة ، هو المقاومة الإسلامية المسلحة التي ظهرت في العراق على يد أهل السنة وتلك الهجمات المدمرة التي أقضت مضاجع الجيش الأمريكي وعملائه في العراق ، ليس أقلها قتل وحرق جثث الأمريكان وتعليقها على قارعة الطريق في جسر الفلوجه ، هنالك المئات من الوقائع والعمليات التي قام بها المجاهدون في العراق والتي أجبرت المحتل الأمريكي على الرحيل .

تلك الغزوات الأمريكية كشفت أكثر وأكثر الأنظمة الاستبدادية العربية وكيف أنها على استعداد للتنازل عن كل شئ من أجل المكوث أكثر وأكثر على كراسي الحكم فقدم القذافي سلاحه الكيماوي وبرنامجه النووي وقال صالح نحلق لأنفسنا قبل أن يحلق لنا غيرنا ، وقال مبارك : دي أمريكا ، ووضع خاتمي يده في يد الأمريكان لإسقاط كابول وبغداد باعترافه واعتراف نائبه محمد علي أبطحي ، كل هذه الأحداث والمواقف التي كانت تبثها الجامعات الفضائية المفتوحة فتحت الذهن الجمعي العربي على ضرورة التخلص من هذه الأنظمة المستبدة وإسقاطها فتفتحت أزاهير الربيع من تونس العلمانية وعبق في مصر وتنقل كالأريج في معظم العواصم العربية ، مسقط ، الكويت ، الجزائر ، الرباط ، طرابلس ، الرياض ، أبو ظبي ، عمّان وغيرها من العواصم والدول العربية .

لقد تحدث الكثير عن أن العمل السياسي والنضال السلمي كفيل بإسقاط أنظمة مستبدة والدليل ما حدث في تونس ومصر واليمن ، وأن هذا السبيل قد يقوض نظرية القاعدة والجماعات الجهادية القائمة على العمل المسلح ، وأن الانتفاضات العربية ستعمل على تهميش تنظيم القاعدة وإقصائه في النهاية ، وأنها لن تصبح لاعباً أساسياً في المشهد الجيوسياسي في المنطقة ، كما كانت حتى وقت قريب .

لقد كتبت وقبل سنة من الآن أكثر من مقال أشرت فيه إلى حتمية الانقلاب على العملية السياسية ، بل ورجحت أن أمريكا وأذنابها أكثر ذكائاً وأنهم سيعملون على إسقاط مرسي في جولة الإعادة ، بدلاً من الحاجة إلى الانقلاب على رئيس منتخب مهما كانت الذرائع ، على كل حال أثبتت الأيام صدقية ما طرحناه ، إنها مقادير الخالق جل وعلاء و تدبيره في التهيئة لعباده المؤمنين الصادقين وفقاً لآيات الله الشرعية ومقاديره الكونية ، فكل المؤشرات تدلل على ذلك فسبيل المجرمين يزداد انكشافا وتعرية ، فقلوب المسلمين مليئة صديداً وقيحاً من الولايات المتحدة على مدى عقد من الزمان وازدادت اليوم قبحاً في عيونهم وقلوبهم ، والأنظمة المستبدة أصبحت مكشوفة عارية عن الأخلاق والقيم ، مجردة عن الإنسانية فضلاً عن الوطنية ، والنظريات الغربية والعلمانية في التعايش والتبادل السلمي للسلطة والرأي والرأي الآخر والعمل السياسي ذُبحت بخناجر العسكر وأحكام القضاة وأصوات الإعلاميين في يوم الانقلاب الأسود .

ظهور الحق تسبقه تعرية الباطل والخطوة الأولى هي في المشهد الأخير ، الأمة المسلمة يحدوها الأمل في العيش الكريم والانتصار للحقوق المضيعة في فلسطين والعراق وكل مكان ، الأمة أتلفت حول كل من رفع هذه اللافتات وأن كان كاذباً متاجراً ، لكنها انفضت عنه بصمت ، القضية الفلسطينية وتحرير مسجدها من الصهاينة واستهداف اليهود الغاصبين هو بلسم كل مسلم مكلوم و شهادة مرور وعبور إلى قلوب وعقول ملايين المسلمين للالتفاف حول كل من يتبنى هذه الأهداف السامية للمسلمين ، وفي تقديري أن الجماعات الجهادية كانت تخطط لتحطيم دول الطوق وكسر جدار الصمت الذي تحيطه تلك الأنظمة المستبدة حول الأقصى ، والتي كانت خطوط دفاع متقدمة عن يهود ، سوريا اليوم ملتهبة ومصر في الطريق إلى ذلك والعمليات الاستشهادية وغيرها من أساليب الجهاد لشباب الإسلام ضد يهود في فلسطين القادم بإذن الله من سوريا ومصر والأردن ستكون بمثابة عصاء موسى التي ستلقف ما يأفكه الإعلام الباطل والمزيف الذي يبث سمومة ويُشكك في هذه الفئة المؤمنة المجاهدة وعندها يحصل التحول الكبير وتلتف الأمة حول مجاهديها الذين لم يتلطخوا بالخنوع والتآمر والتناقض والكذب على الأمة ، ولا يقبلون التعايش مع الباطل ولا يتوقفون في منتصف الطريق ولا يرضون بأنصاف الحلول .مجاهديها الذين يعيشون مع هموم وأهداف وغايات عامة المسلمين ويحققون العدل على أنفسهم وغيرهم ، الذين لا يقبلون بالعيش في البروج العاجية والقصور الشاهقة ، بل يعيشون في الكهوف والجبال والصحاري مضحين بأنفسهم وأموالهم وأهاليهم ، مدافعين عن قيم العدل والحق الصادقة .