الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً

ما الذي أبكى خالد ؟!

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الجمعة ، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
لأول مرة في حياته يرى ياسر رفيق دربه خالد ينتحب باكياً متأثراً بقصة الخباز مع إمام أهل السنة ( أحمد بن حنبل ) الذي أمضى الكثير من عمره يضرب أكباد الإبل في طلب الحديث وتوثيق ما صحَ منه من غير الصحيح واستقر به الترحال يوماً بإحدى الديار وعقب انصرافه من صلاة العشاء عزم البيات داخل الجامع الذي صلى فيه غير أن القائم على هذا الجامع كان مصراً على عدم بيات الإمام أحمد في الجامع وأخذ يجرَ الإمام من رجليه حتى أخرجه ليقوم بإغلاق الجامع دون أن يأبه أو يرعى شيخوخة الإمام أحمد!! وكان الخباز وهو رجل من عامة الناس أراد الله له أن يرى هذا المشهد المؤلم لإمام السنة دون أن يعرفه أو يعلم من هو ودونما أن يسأله من أنت ؟ ومن أي البلدان أتيت ؟ عرض عليه أن ينطلق معه إلى بيته ويكون ضيفاً عليه ليلته هذه ، واستجاب الإمام أحمد لطلبه وحلَ ضيفاً عليه وبات عنده ، ولما انصرم كلُ الليل وجاء السحر، قام الخباز وأخذ يصلح العجين والخبز ويلهج بالذكر من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والتحميد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكعادته نهض الإمام أحمد ليأخذ حظه من الليل ورأى حال الخباز وما هو عليه من الجمع بين العمل المعيشي وذكر الله تعالى دونما كلل أو ملل ، وكأنما عادة اعتادها الخباز لا ينفك عنها ، وإذا بالإمام أحمد وقد أعجبه حال الخباز وما هو عليه من الخير والصلاح يسأله : يرحمك الله يا أخي .. هل هكذا كل ليلة تجمع بين الذكر وإصلاح العجين والخبز ؟! فأجابه الخباز : نعم .

الإمام أحمد : ومنذ متى وأنت على هذا ؟

الخباز : منذ سنينً.

الإمام أحمد : وهل وجدت لهذا أثراً في حياتك ؟

الخباز : نعم .. فو الله ما دعوت الله من ليلٍ أو نهارٍ إلا استجاب لي إلا دعوة واحدة .

الإمام : وما هي ؟

الخباز : أن ألتقي الإمام أحمد بن حنبل ( إمام الحديث ) .

الإمام أحمد مكبراً ومهللاً : لقد استجاب الله لك وساقني إليك مسحوباً من قدميَ .

هكذا ساق الخطيب وهو يحدث الناس عن الذكر وفضله وتأثيره على حياة الأفراد والمجتمعات .

ياسر بعد انصرافه وخالد من الصلاة : أخبرني يا خالد ما الذي أبكاك ؟! هل ما آل إليه الإمام أحمد أم الخباز الذي استجاب الله له وساق إليه إمام أهل الحديث ؟!

خالد : أبكاني قدرة الله التي تسوق الناس حيث يشاء سبحانه ، وأيضاً تهذيبه وتربيته لأوليائه بما يحتاجونه من تصريف الأحداث والأقدار !!

ياسر : زدني إيضاحاً ، لم أفهم ما ترمي إليه ؟

خالد : الأمام أحمد لم يشفع له جهاده العلمي وهو الباحث لسنوات اقتطعها من عمره ينقًح للأمة السنة المطهرة و المصدر الثاني للتشريع الإلهي الرباني من أن يسوقه إلى الخباز استجابة لطلبه وحبه اللقاء به ! وذلك بفضل انقطاعه للذكر وانشغاله بالله حتى وهو يأخذ حظه من دنياه !. فكأنما يريد الله للإمام أحمد : أن ما أنت عليه من الجهاد والانقطاع لتحقيق الحديث وتوثيق وهو أمر حسنُ ولا يباريه أو مقامه دونه إلا أن الناس انشغلوا بذكرك لما ذاع صيتك ، وانشغل عبدي الخباز بذكري وإن طلبني اللقاء بك سقتك إليه ليعلم كل من ذاع صيته أن ذكر الناس له وانشغالهم به ليس بأحب إلى الله ممن انشغل بذكر الله وهو مغمور لا يكاد بين الناس يعرف . . وسبحان الله كيف يعز الله أقواماً ويرفع من مقامهم وقدرهم وهم بين الناس لا يؤبه لهم !! .