الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٦ مساءً

السعودية والإخوان والحوثيين !!

رضوان محمد السماوي
السبت ، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
الحرب السادسة التي تدخلت فيها السعودية الى جوار صالح انتهت باتفاق سري بين الحوثيين والسعودية لا أحد يعرف بالضبط ما هي بنوده ، وكانت فضائية المستقلة قد تناولت ذلك الإتفاق بالبحث والتعليق والتحليل في حينه على مدار ثلاث حلقات تقريباً .

المبادرة الخليجية السعودية والتي كان الحوثيون يصفونها بأنها مبادرة أمريكية قدمتها السعودية لم يستفد منها أحد مثل الحوثيين .

السعودية والحوثيين لا مشكلة لديهم من التعامل مع بعضهم البعض من أجل إضعاف وإسقاط العدو المشترك لهم وهو الإسلام السني السياسي المتمثل بحركة الاخوان المسلمين والسلفيين ، مثل هذا التعاون والتآزر والأهداف المشتركة ظهرت بقوة في مصر حيث كانت الآلة الإعلامية الإيرانية متماهية الى حد بعيد مع الآلة الإعلامية الآل سعودية والتي كانت مناهضة للإخوان في مصر .

لقد حذرنا من هذا الوضع وأن هنالك أعداء استراتيجيين للثورة الإسلامية السنية السياسية و الجهادية في المنطقة العربية وذكرنا هذين العدوين وهما ايران الشيعية والآل سعوديون الوهابيون لأسباب مختلفة لكنها تجتمع في العداء للإسلام السياسي الجهادي القادم بقوة من بين الركام ، هذا التلاقي الآل سعودي الإيراني ، يتوافق مع العداء الصهيو أمريكي للإسلاميين . السعودية بين نارين بالفعل نار الاخوان المسلمون وقوى الإسلام السياسي التي تفاصلت مع الأسرة الآل سعودية في حرب الخليج الثانية التي تُسمى بتحرير الكويت للموقف الذي وقفته الحركة الإسلامية ضد الموقف الرسمي السعودي من الإستعانة بالقوات الامريكية للقضاء على صدام حسين ، ومنذو ذلك التاريخ وآل سعود ينظرون بعين الشك والريب الى كل تحرك تقوم به الحركات الإسلامية في كل بلاد المسلمين ، هم حتى ضد حماس في قتالها لليهود ويدعمون محمود عباس ويفرضون على الفلسطينيين القبول بالإستسلام لليهود ، في اليمن آل سعود بين نار الإسلاميين ونار الطائفيين الحوثيين وهم قد حزبوا أمرهم بالتعاون مع بقايا حزب المؤتمر والحوثيين ، وهذا الأمر ليس بجديد على آل سعود فهم يدورون في فلك السياسة الأمريكية في المنطقة ، وقد سهلوا للأمريكان إسقاط العراق وتسليمه للشيعة ، ولذلك لا نستبعد مثل هذا التعاون خصوصاً أن مصالح الجميع اليوم تلتقي على محاربة الإسلام السياسي وإن اختلفت الدوافع والمنطلقات .

لا ننسى أن صالح أوفد وزير خارجيته الى العاصمة الرياض عقب إعلان الجنرال العسكري المخضرم علي محسن والمعروف لدى القاصي والداني بدعمة للحركة الإسلامية في اليمن وقد كان متهماً من قبل الأمريكان هو الشيخ الزنداني بدعم الإرهاب ، المهم أنه ليلة إعلان علي محسن إنضمامة للثورة وتتابع ذلك السيل من الإستقالات من قادة عسكريين وسياسيين ، وظهور علي صالح وحيداً فريداً مضطرباً في قصرة الجمهوري وتوقف فضائياته ووسائلة الإعلامية عن البث المباشر وبث القرآن والحلقات الإسلامية وكأنه في حداد نهار ذلك اليوم ، في تلك الأثناء أرسل وزير خارجيته القربي الى العاصمة الرياض للتباحث وطلب الدعم وهل كانت السعودية راضية بتلك الحركة والإنضمام من علي محسن وتسببه في إنهيار شبه كامل للنظام أم لا ؟. فماذا كان موقف السعودية ؟

ذلك الموقف ظهر من رباطة الجأش التي ظهر عليها الرجل في مساء ذلك اليوم وإرغامه وزير الدفاع على تلاوة ذلك البيان الذي يؤكد فيه وقوف القوات المسلحة الى جانب النظام ، لقد تمكن على صالح من أمتصاص الصدمة بفعل الدعم المعنوي الذي تلقاه من آل سعود ومن الأمريكان ، هم كانوا غير عابئين بعلي صالح لكنهم كانوا ينظرون الى من سيخلفه ، إن الضغط مباشرة على صالح بتسليم السلطة الى هادي عقب إنضمام على محسن معناه التمكين للحركة الإسلامية من استلام سلطة البلد وهي أكثر إستقراراً ؛ كونهم كانوا هم القوة الأكثر تنظيماً والأكثر إنتشاراً ، ولم تكن نتوءات الحوثي وحرب الحصبة والجوف وحجة وغيرها من المناطق اليمنية قد ظهرت ، ولم تكن الحركة الحوثية بهذا التمدد ولم تكن الحركة الإنفصالية بهذا التمدد أيضاً ، بالتأكيد هنالك مظالم في صعدة والجنوب ومن حق الحوثي وغيره من الحركات السياسية في اليمن أن تمارس دورها وحقها في التعبير عن آرائها وأفكارها الغير مناهضهة لليمن وقيمه العامة .

ماالذي كان يمنع السعودية وأمريكا من أن تضغطا على صالح بتسليم السلطة الى نائبة عقب إنضمام الجنرال محسن ، في تقديري لاشئ غير ما ذكرنا لك من مخاوف دول الإقليم وأمريكا من أن مثل هذه الخطوة لن يستفيد منها على المدى البعيد غير تيار الإسلام السياسي وتخيل أن الثورة في تونس نجحت في 14يناير في إسقاط بن علي ، والثورة المصرية نجحت في 11فبراير في إسقاط مبارك ، والثورة اليمنية كانت ستنجح في 21 مارس في إسقاط علي صالح ، بالطبع من هذا السقوط السريع للأنظمة العربية بمعدل كل شهر واحد ، يعني بالضرورة وصول نيران الثورة الى الأماكن المحظور في حكم آل سعود ، ولذلك كانت الفرملة للثورة اليمنية على النحو الذي ذكرنا ، هل يستطيع اخوان اليمن التخلي عن أموالهم وعقاراتهم لله وفي سبيل الله طوعاً قبل أن تحجر عليها السلطات القادمة ، ويبادروا الى الوقوف في وجه المشروع الأمريكي الإيراني السعودي في اليمن ؟!

عليهم أن يصعدوا من فعالياتهم الاحتجاجية ، لأنه كما يبدوا من تدهور الحالة السياسية والأمنية والعسكرية التي بداءات مع توقيع المبادرة الخليجية وما تلاها مما يُسمى حوار وطني ، أن الأمور في اليمن تسير في طريق فكفكة الحركة الإسلامية وضعضعة أوضاعها فكرياً وثقافياً بفرض الأفكار الغربية والعلمانية في الدستور والحياة السياسية الجديدة بما يُسمى بالكوتا وعدم حاكمية الشريعة الإسلامية وغيرها من المبادئ والقوانين التي ظلت الحركة تناضل ضدها مرورراً بالحالة الحوثية التي أصبحت تشكل مناوئ حقيقي وكبير للحركة الإسلامية اليوم عسكرياً وثقافياً وسياساً وفي مختلف المجالات وأصبحت الحالة الحوثية العسكرية مظلة تستظل تحتها كل القوى الحاقدة والناقمة على الإسلاميين على مدى خمسين سنة مضت فتسربل تحتها الاشتراكيين مع الناصريين مع البعثيين مع المؤتمريين واصبحوا جميعاً في خندق واحد لهزيمة المشروع الإسلامي السياسي وتحطيم حتى مكتسباته التي حققها على مدى خمسين سنة ماضية .

إن التحرك في إتجاه إسقاط المبادرة الخليجية ومضامينها اللاشرعية واللاديمقراطية هو أوجب الواجبات وكم حذرنا من قبل وقلنا أن هذه المبادرة تهدف الى فرملة الثورة اليمنية ومنع الإسلاميين من تحقيق مكاسب جديدة ، كيف يمكن لمجلس حواري معين بالتعيين وغير منتخب أن يفصل في قضايا مصيرية ومؤثرة في وضع اليمن المعاصر والمستقبلي ، كيف لهذا المجلس المعين في أغلبه على عين ورضاء العلمانيين والتغريبيين أن يفصل في شكل الدولة والنظام الإنتخابي والنظام السياسي ومصدر التشريع في اليمن .
إن التحرك السياسي والإعلامي والشبابي وحتى العسكري اذا استلزم الأمر هو الكفيل باستعادة الحقوق وقلب الطاولة على الجميع .

لقد ظهرت تباشير المشروع الأمريكي السعودي في مصر وهو ما حذرنا منه وها هو اليوم يريد أن يخيم بظلاله علينا في اليمن .

إن المزيد من التنازل للأمريكان والعلمانيين لن يزيدهم إلأ قوة وتمادي في مطالبهم ، إن حركة سياسية منفتحة مثل حركة النهضة في تونس لا تروق لهم ، علينا أن نعرف مصدر قوتنا ونقطة ضعف خصومنا حتى ننطلق وفق خطط مدروسة توصلنا الى تحقيق أهدافنا الدينية والسياسية .

إن أشد ما يخيف أمريكا هي الفوضى اللاخلاقة والتي تأتي بمشاريع سياسية وعسكرية على غير ما تريده في أي خارطة سياسية في العالم العربي ، وإن التهديد والتمهيد للوصول الى هذه المرحلة هي نقطة القوة الوحيدة التي يمكن أن تجبر الأمريكان وعملائهم من السعوديين والايرانيين للإعتراف بنا والتفاوض معنا على الأقل .

على الاخوان المسلمين أن يعلموا أن قوتهم ليست فقط في العمل السياسي هنالك من الأعداء من لا يعرف ولا يتوقف إلا بلغة واحدة يعرفها هي لغة القوة ، لقد فازت حماس بالإنتخابات في غزة ولولا القوة لما تمكنت من حماية أصوات الجماهير والشرعية التي حصلت عليها في انتخابات شعبية جماهيرية نزيهية شهد لها العالم ، ولو كانت هذه القوة في مصر موجودة لما تجراء العسكر على قلب الطاولة عليهم .كلامي ليس من اليوم وبعد سنتين من ربيع الثورات العربية تحليلي وقرائتي للأحداث هي من أول يوم أعلن فيه الجنرال إنضمامه وسفر القربي الى السعودية ، للأسف قيادات الحركة الإسلامية فيهم اليوم من المتخمين وأرباب المال والسلطة والثروة ، وفيهم من التيار الذي يوصف بالليبرالي الإسلامي الذي يثق كثيراً في النصائح والإرشادات الامريكية ظناً منه أنه سيصل الى السطة ويحافظ عليها عن طريق تلك الإرشادات ، لكن يبدوا أن الواقع على الأرض اليوم يقول غير ذلك ، وعليهم أن لا يثقوا أبداً في النصائح والإرشادات الأمريكية وأن يعتمدوا على أنفسهم وقدراتهم في الوصول الى السلطة أو الحفاظ على المكاسب التي حققها علماء الأمة حينما كانوا في الصف الأول لقيادة حزب الإصلاح في اليمن .