الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٩ مساءً

الزنداني يعتذر لال البيت وينتصر لمظالم الجنوبيين

عبدالله محوري
الأحد ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
لقد حاول الشيخ عبدالمجيد الزنداني المثير للجدل في خطابه الاخير الاعتذار ل آل البيت ,و الانتصار لمظالم الجنوبيين حسب اعتقادي الشخصي وقد اكون متفائل في ذلك وعليه سوف اعبر عن تفاؤل في هذا المقال .

اعتذار الشيخ الزنداني كان على طريقته رغم انه متأخر بعض الشيء ,لكن ان تأتي متأخرا افضل من ان لا تأتي ابدا.

الخطاب في حد ذاته كان مطرقه ضرب بها رؤوس محبيه ومريديه واتباعه في السياسة والاعلام قبل اعداءه وكارهيه حتى ان اكبر انصاره وصفوا تصريحاته بالسياسية النزغة باعثها الخوف والمناورة وليست تصريحات شيخ وداعية يقع على رأس مؤسسة لتخريج العلماء والدعاة.

الكلام الذي قيل في الحشد بجامعة الايمان كان كبير ومثير جدا لعدة اسباب .اهمها ان الجامعة و القائمون عليها منذ تأسيسها 1993 عملت جاهده من اجل تغيير التركيبة السكانية والمذهبية لأبناء صعده, والتأثير عليهم عقائدياً بٍمحاربة المذهب الزيدي في عقر داره ,وكانت شريكة ومسئولة مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن حروب صعده الستة ,الى جانب المشاركة الفعالة لانصار الشيخ الزنداني في الحرب على الجنوب 94 م .

المفارقات العجيبة ان ينادي الشيخ الزنداني من جامعة الايمان بتعويض ال البيت بخمس الدخل القومي من النفط والمعادن حد تعبيره. الى جانب تأكيده على أحقية الجنوبيين في مطلب الشراكة في السلطة والثروة , مشيرا إلى أن هذا المطلب مهم و حق وعدل ,و أن المشاكل في الجنوب سببها ظلم وجور الحاكم السابق ونظامه الذي قام التمييز والإقصاء والتهميش للآخرين. من وجهة نظري اعتبر هذا تحول ايجابي كبير في موقف شيوخ الاسلام المعروفين بمواقفهم العدوانية ودعمهم للعنف سواء عبر التحريض بالفتاوي او عبر معاهدهم الطائفية التكفيرية.

كل انسان له طريقته في الاعتذار والشيخ الزنداني كان وسيظل شخصا جلف وطبعه يتّسم دائما بالخشونة في تعامله مع الامور ولا انتظر منه ان يدخل في الموضوع على طريقة السياسي الرصين دون ان يبتدع مدخلا مخالفا للأعراف المتبعة في السياسة, وقد كان اعتذاره يندرج ضمن الانخراط في العملية السياسية والقبول بمخارجها الدستورية والسياسية حسب اعتقادي .

ان توقيت المهرجان السياسي لمؤتمر علماء الدين والقبائل الذي يصادف الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر 2013 في جامعة الإيمان بالعاصمة صنعاء تحت شعار(نصرة الإسلام والحفاظ على اليمن) كان مدروس ومتفق عليه من قبل الحاضرين جميعا. لقد حاولوا تحسين الوجه القبيح و الازدواجية والتناقض والانتهازية التي تعودنا على سماعها في خطابات الاسلام السياسي ,و محاضرات الشيخ الزنداني ومواعظه المصحوبة بالتهديد والوعيد والتغريد خارج الاجماع الوطني.

لا يغركم الشعار والعنوان البراق نصرة الاسلام والحفاظ على اليمن. اليمن أهلها مسلمون منذ 1400سنة قبل ما يولد الزنداني والاسلام السياسي بشيوخه الافاضل ويبقى اهلها على دين محمد صلى الله عليه وعلى اله الى يوم يبعثون(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)صدق الله العظيم. الاسلام يحفظه وينصره الله سبحانه وتعالى فهو من انزل وهو وحده الناصر والحافظ الامين.

معظم المنادين المطالبين بتطبيق الشريعة يعرفون حق المعرفة ان الفرق شاسع بين الواقع السياسي الحالي للبلاد ,و تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية .نحن في زمن العولمة التي تجبر واقعنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفكري والثقافي على التعايش والتسامح مع شعوب الارض الاخرى من حيث تبادل الخبرات والمعارف سوى كانت مع المسيحيين او البوذيين او العلمانيين او غيرهم .

البلدان التي تقبل تطبيق مبادئ الديمقراطية المدنية وتؤمن بالتبادل السلمي للسلطة ,و تسمح بإنشاء الاحزاب السياسية لا تستطيع تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بمفهومها البسيط. نأخذ سبب واحد على سبيل المثال لان الكلام في الموضوع يحتاج لكتاب او اكثر, مثل حق المواطنة المتساوية الذي يعتبر اهم ركائز مبادئ المدنية والديمقراطية الذي لا يفرق بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدّين.

لكن في الشريعة لا بد من دفع الجزية لغير المسلم ،وليس هذا فقط ، بل لا بد من إعطائها عن يد صاغرة. واجب على الاحزاب السياسية الإسلامية ان تشرح لأنصارها الفروق قبل الدخول في المشاركة السياسية التي تخضع لشروط العمل السياسي في ظل الديمقراطية .الجميع يعلمون علم اليقين مشايخ دين وقبائل ان لا توافق بين تطبيق احكام الشريعة الإسلامية بالمفهوم الطالباني البسيط في ظل حكم ديمقراطي يؤمن التبادل السلمي للسلطة والمواطنة المتساوية في الدولة المدنية.

علماء المسلمين المتحزبين الذين يعرفون الفرق حق المعرفه يقبلون بالعمل الحزبي ويشاركون في الانتخابات الديمقراطية ,و يمارسون الخداع ,و المغالطة ,و اللعب على عواطف السذج التابعين لهم دون عقل او فهم للعمل الحزبي ومبدى والمواطنة المتساوية وحقوق الانسان و التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.

لن ينجح مشروع شريعة طالبان القائم على قاعدة قتل الثلث ليسعد الثلثان في اليمن الفدرالي. املنا ان اقدام علماء المسلمين على هذه المقترحات الخطيرة للإخوة في صعده والاشقاء في الجنوب ,ليس مجرد مراوغات سياسيه, بل قناعات تساعد على بناء وطن فدرالي جديد صالح للعيش الكريم في حفظ الامن والسلام لكل ابناءه ,في دوله متفق على تأسيسها بشكل حضاري مدني يضمن لنا حق الاختلاف دون حروب ولا تكفير او اقصاء ,واحترام الرأي الاخر.

نريد دوله مدنية لا سنية ولا شيعية .دولة للجميع ملائكة ,وشياطين .لا يحكمها عسكر ولا علماء التكفير ولا امراء الحروب القبلية والطائفية . نريد دوله لها دستور ومرجعيات متفق عليها يحتكم لها الفرقاء السياسيون الذين لحمهم غير مسموم, وعظامهم قابلة للكسر والتجبير.

ان الدولة المدنية هي الحل الافضل والوحيد بما لا يتعارض وديننا وعاداتنا وتقاليدنا ,حتى لا نعيد معارك وصراعات طائفيه عمرها 1400سنه لا تصلح للزمان والمكان. قال الله تعالى (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).صدق الله العظيم.