الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٨ صباحاً

الأعبوس.. بلاد أيوب المنكوبة

جلال الدوسري
الأحد ، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
- عزلة الأعبوس من مديرية حيفان في محافظة تعز ، هي بلاد بلبل اليمن وفنانها الكبير الأوحد الأستاذ القدير/ أيوب طارش عبسي ، والتي في أرضها ولد وربى ، وفوق رباها وعلى سفوحها ووهادها وبين حقول شعابها ووديانها نشأ وشبَّ متنسماً من عليلها الفواح بالعبير من بين أغصانها أعذب وأرق الألحان ، وممتشقاً سنابل مزروعاتها التي تكتسي منها البلاد حللاً خضراً وإستبرق عزفاً على العود يشنف الأذان..

من بلاده... بلاد الأعبوس.. بدأ العملاق أيوب طارش عبسي يخطو أولى خطوات حياته الفنية العبقة بالتميز والإبداع، عازفاً على الربابة ومنشداً بصوته الشجي ألحان الحب والحياة ، للراعي والجندي والمسافر والعاشق والبتول ، وللمواشي والنجوم والغيوم والجداول والحقول..

ومن تلك البداية لإبن الأعبوس كانت الإنطلاقة بخطى ثابتة نحو الأفاق الرحبة وهو يدوس فوق أشواك الإهمال ، ويقفز على صخور المعاناة ، ويقبض على جمار عدم التقدير، وحتى الوصول إلى ذرى المجد المرصع بالجمال ، جاعلاً من الأشواك أزهار وورود ، ومن الصخور درجات من العقيق للصعود ، ومن الجمار حبات ألماس معجونة مع عنبر وعود..

فكان ومازال العبسي أيوب طارش رمزاً للفن الأصيل بكل ألوانه الوطنية والإجتماعية والطبيعية.. ولن أكون مبالغاً إذا ما قلت أنه الفنان المتفرد العطاء بمعين يستحيل أن ينضب من أفئدة سائر المخلوقات التي تغنى بها ولها في هذا الكون الفسيح..

وإن يكن من تقسيم معنون لفروع عطاءه ؛ فإن أحد العناوين المتلألئة هو أغانيه وأناشيده الوطنية التي تملأ الدنيا إبتساما ، وترفع فوق الشمس هاما.. للثورة والجمهورية والوحدة ، وللأرض والإنسان اليمني في الماضي والحاضر والمستقبل.. حتى وقد أستجابت له الدنيا بأكملها وهي تردد معه بكل صفاء وتجلي وعظمة (( عشت إيماني وحبي يمنيا ، ومسيري فوق دربي أمميا )) نشيداً وطنياً وحدوياً للجمهورية اليمنية..

هذا الفنان الإنسان العظيم العبسي أيوب الذي شنف بصوته كل الأذان ، وأبهر كل العيون ، وأطرب وأسعد جميع القلوب ؛ يبقى إبن الأعبوس ببساطته وتواضعه.. وفيه عزة نفس وكبرياء جبالها ، وطيبة ورقة أغصان أشجارها ، وذاك الخجل الذي يظل يكسوا جبين مدرجاتها..

أعطى الكثير والكثير ، ولم ينل حتى النزر اليسير من ما يستحق كإنسان على الأقل من قبل الجهات الرسمية ، وهو الذي قد صار ملكاً متوجاً بالحب على عرش قلب كل إنسان..
واليوم تحل كارثة طبيعية في بلاد الأعبوس.. بلاد العبسي أيوب .. إلى حد إعتبارها منطقة منكوبة لما حل بها نتيجة الأمطار الغزيرة ، وما صاحبها من صواعق رعدية وسيول وإنهيارات صخرية ، أدت إلى تهدمات وتشققات لعدد من منازل المواطنين والمنشئات الخدمية ، وإلى طمر المزروعات ، وجرف الأراضي ، وتفكك السدود والحواجز المائية ، وكذلك قطع الطرقات وخطوط الكهرباء والهاتف .. وإلى درجة أن بعض القرى أصبحت معزولة تماماً عن القرى الأخرى.. ومن كل هذا ؛ لا شك أن الأضرار فادحة بما يفوق قدرة المواطن على تحملها ، ويفوق قدراته على معالجتها.. وهو ما يجعلنا ندعو ونناشد ونطالب ونتمنى من الجهات المختصة في المديرية والمحافظة ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية إلى تحمل مسئوليتها والقيام بواجباتها الوطنية والإنسانية والأخلاقية ، بالتوجه إلى المنطقة ومعالجة الأضرار بأقصى سرعة وعلى أحسن وجه.. وعلى الأقل يكون هذا من باب الإحترام والتقدير والإكرام لإبن الأعبوس ، فنان اليمن الكبير العظيم/ أيوب طارش عبسي..